الدستور
ماجدة أباظة
خرجت علينا جريدة «المصري اليوم» في 4 فبراير 2009، بخبرين بالغي الأهمية والدلالة. الخبر الأول علي لسان «تل أبيب: حصلنا علي تطمينات مصرية باستمرار تصدير الغاز قبل حكم القضاء». ولأن هذا الخبر يفيد بأن هناك تسريبات أمنية علي أعلي مستوي تمت من خلال مسئولين في السلطة المصرية وأعني بها هنا سلطة رجال الأعمال المسيطرين علي مقاليد الحكم، تلك السلطة التي وبحسب ما يفهم من الخبر أعطت إسرائيل تأكيدات حول استمرارية تصدير الغاز قبل صدور الحكم،
مما يعني أن تلك السلطة متأكدة من تدجين أو من سيطرتها علي مقاليد القضاء المصري ضاربة بعرض الحائط كل ما عرفنا عن نزاهة واستقلال هذا القضاء فيكون لزاما، والأمر كذلك، أن تقوم جهات التحقيق المعنية بالتحقيق الفوري في هذا الخبر فإن ثبت لديها صدقه، وجب عليها توقيع العقوبات الرادعة علي من قام بهذه التسريبات وعلي من قام بإصدار الأوامر لهؤلاء القضاة الذين وبحسب هذا الخبر، أخرسوا ضمائرهم وقبلوا تلقي أوامر من أفراد أو سلطة سياسية هي طرف في هذا الصراع. يأتي هذا الخبر قبل أن تخرج علينا معلومات أخري تلقي الضوء علي بعض الشبهات التي شابت القاضي الذي أصدر أحكاما أخيرة في قضية الغاز، وفي قضيتين أخرين هما الحكم ببقاء الحرس الجامعي ومنع قوافل الإغاثة من التنقل بحرية عبر الأراضي المصرية وصولا لغزة. تدور تلك الشبهات في أن هذا القاضي يعمل مستشارا في رئاسة الجمهورية مما يجعله فاقدا صفة الحياد حيث تكون الدولة والرئاسة خصما في هذه القضية. ونحن نتمني تكذيب هذه المعلومات تقديرا لنزاهة القضاء المصري . أما في حال ثبوتها فيجب إلغاء الأحكام التي أصدرها هذا القاضي، والنظر بجدية مرة أخري في ضرورة ترفع القضاء عن الجمع بين الوظائف حال توليهم وظائفهم القضائية فان هذا الجمع إنما يؤدي إلي تضارب المصالح التي باتت سمة السلطة المصرية، فيا ليتنا نجنب القضاء المصري الدخول في منطقة الشبهات بدوره فإذا انهار القضاء نقول علي الدولة السلام.
أما الخبر الثاني فقد تحدث عن إطلاق إيران أول قمر صناعي محلي الصنع رغم العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، في حين أن مشروع الفضاء المصري في حالة من الانهيار عطلت جهود إطلاق القمر الصناعي المصري الثاني «ايجيبت سات 2» ومنعت من الاستفادة من القمر الصناعي «ايجيبت 1».
وقد أشار أحد المسئولين في المشروع الفضائي المصري إلي أن المشروع في حاجة إلي تدخل الرئيس مبارك شخصيا.
يؤسفني كثيرا أن نضطر إلي استدعاء شخص الرئيس في أزمات متعددة، مما يعني فشل مؤسسات الدولة في إدارة شئونها ووضع استراتيجيتها. فإذا وصلنا إلي نتيجة فشل مؤسسات الدولة فإننا نصل بالضرورة إلي فشل القائمين عليها. وهنا، قد لا يكون تدخل شخص الرئيس أياً ما كان شخصه، مناسبا. فحين تخرب مالطة لا يمكن أن يقيمها شخص مهما بلغ من حكمة وبصيرة. بل يزيد الطينة بلة من خلال زيادة عجز آليات المؤسسات التي تفقد القدرة يوما بعد يوم علي إدارة منظوماتها حيث باتت تعتمد علي المعزوفة الفردية.
قد نختلف أو نتفق علي المشروع السياسي الإيراني، لكن المؤشرات تشير إلي أن الإرادة السياسية الحرة تؤدي إلي بناء مقومات دولة مستقلة صاحبة قرار وناجحة في توسيع نفوذها بما يتفق ومشروعها الاستراتيجي. فأين نحن من اللعبة الدولية وأين مشروعنا الاستراتيجي الذي يخدم مصالح قومية بيع كل مقدرات البلاد وفي ظل موجة عاتية من خصخصة الدولة وبيعها لمن يدفع أكثر فالخصخصة نوع من أنواع المزادات المفتوحة فهل مصر طرحت للمزاد؟
إن رفض الخصخصة والأسهم المطروحة للبيع ينبع من أن هناك أشياء لا تباع ولا تشتري لكن الحديث عنها يكون في إدارة حسن الاستغلال والإدارة لصالح المواطن الذي هو في الأصل مالك لكل شبر من هذه الأراضي فكل ثغرة فساد في مصر هي بمثابة ثغرة ينفذ منها الصهاينة ويزداد بسببها اطمئنانهم في نجاح مخطتهم. وما نسمعه عن بيع وسط البلد لشركات وهمية تعمل كواجهة لليهود إنما هو ثغرات مضافة في هذا الاتجاه.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق