الأحد، ٢٥ يناير ٢٠٠٩

لماذا أفصح الروس عما أخفته مصر فى تصدير الغاز؟

اليوم السابع
فرضت روسيا شروطها فى عقد تصدير الغاز

كتب محمد طلبة

قفزت قضية عقود الغاز فى الفترة الأخيرة إلى عناوين الأخبار عالمياً ومحلياً. فقد تابع العالم تطورات تعديل العقد الروسى الأوكرانى والتى شهدت فترة طويلة من الخلافات حتى تم توقيع التعديل فى النهاية. أما على المستوى المحلى فقد أدى العدوان الإسرائيلى على غزة لتزايد المطالبات فى الداخل بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، خاصة بعد صدور حكمين قضائيين بوقف التصدير وإصرار الحكومة على رفع استشكال لوقف تنفيذ الحكم.

الفرق فى تعامل الحكومتين الروسية والمصرية فى عقدى الغاز يختلف اختلافاً كبيراً، سواء فى طبيعة العقد أو تطورات التعديل، وهو أمر يدفع للتساؤل عن الدافع وراء التباين فى التعاطى مع قضية تجارية بالدرجة الأولى ولها أبعاد سياسية فى الحالة المصرية. بكلمات أخرى، لماذا لم يبدَ الموقف المصرى للرأى العام على نفس القدر من الحسم الروسى فى قضية تصدير الغاز؟.

المطلوب رفع قيمة العقد
مصادر فى وزارة البترول أكدت وجود مفاوضات سرية لتعديل عقد الغاز مع إسرائيل، وقالت إن المباحثات مستمرة مع شركة شرق المتوسط، التى تقوم من ناحيتها بالتفاوض مع شركة الكهرباء الإسرائيلية وكلاهما ينتميان للقطاع الخاص. وأشارت المصادر إلى أن الحكومة أبلغت الشركتين بأنه فى حالة عدم توصلهما لتعديل العقد، فإن الحكومة ستضطر لوقف الغاز تدريجياً كورقة ضغط، خاصة بعد الحكم الثانى للقضاء بوقف التصدير لإسرائيل. ويرى المصدر الحكومى أن قضية تصدير الغاز لإسرائيل أخذت بعداً سياسياً تجاوز كونها قضية تجارية، بينما هى كذلك والمطلوب هو الحصول على أعلى قيمة للعقد.

صفقة مشبوهة وغير شفافة
إبراهيم زهران خبير البترول بدأ تعليقه على الفارق فى التعامل بين العقدين بالتذكير بتصريح شكيب خليل وزير الطاقة الجزائرى عند سؤال عن السبب فى أن تقدم الجزائر طلباً للتحكيم الدولى فى عقد الغاز بينها وبين أسبانيا، بينما لم تفعل مصر ذلك فأجاب بأن عقود الغاز المصرى عقود سمسرة وليست عقود تجارية.

ولخص زهران الفارق بين تعامل روسيا ومصر مع الغاز بأن عقد روسيا عقد تجارى يخضع لقواعد المكسب والخسارة، أما العقد المصرى فعقد مشبوه، واستدل على ذلك بمتابعة العالم لكل أحداث العقد الروسى فى حين أن كل ما يتعلق بالصفقة المصرية، فهو سرى ومعتم عليه.

وأضاف زهران، أن روسيا "ماحدش لاوى دراعها" على عكس مصر التى تتعامل مع الأمر كأنه أمر سيادى لا يجب مناقشته وأنها تخضع لضغوط لإعطاء إسرائيل الغاز المصرى، لافتاً إلى أن كامب ديفيد لا توجب على مصر تصدير غاز لإسرائيل بأسعار زهيدة، ولكنها تجعل إسرائيل كأى دولة ترغب مصر فى إعطائها الغاز حسب الأسعار الدولية. وأشار زهران إلى الفرق فى قيمة العقدين حيث تأخذ إسرائيل الغاز مقابل 1.25 دولار فى حين تبيعه روسيا بحوالى 8 دولارات، وهو ما يضيع على مصر الملايين من هذه الصفقة المشبوهة.

ضيعنا فرصة الضغط على إسرائيل
من جهته قال مجدى صبحى الخبير البترولى، إن كلام الحكومة عن سرية عقود الغاز هو أمر يرد عليه العقد الروسى الأوكرانى، الذى تابعه الجميع منذ بداية توقيعه بما فى ذلك مدته وسعره، كما تابع الجميع القرار الروسى بوقف تصدير الغاز، ثم التعديل الأخير حسب الأسعار العالمية، مشيراً إلى أن الغاز أصبح له سوقاً عالمية مرتبطة بأسعار البترول ولا يمكن تركها لعشرات السنين دون تغيير.

وأشار صبحى إلى أن الحكومة ضيعت فرصة للضغط على إسرائيل لتعديل قيمة العقد حين صدور الحكم القضائى، ولم تستفد من الضغط الشعبى المطالب بإلغاء الصفقة، ولم تتعامل مع العقد بشفافية ووضوح من البداية بعكس الموقف الروسى.

ليست هناك تعليقات: