الخميس، ٢٧ نوفمبر ٢٠٠٨

الفرصة الذهبية للدولة المصرية

المصرى اليوم

بقلم د.محمد أبوالغار

مما لا شك فيه أن تصدير الغاز المصرى، وهو الثروة الطبيعية التى يمتلكها أبناء هذا الشعب، فى صفقة مجحفة إلى إسرائيل قد يعتبره البعض عدم كفاءة من الدولة فى إدارة الصفقة، ولكن الكثيرين يعتبرون أن هناك تجاوزات قانونية وشبهة فساد فى صفقة الغاز تم تناولها بإسهاب فى جميع وسائل الإعلام المصرية والعربية والدولية، وذكرت أسباب قانونية معيبة من ضمنها التحايل بعدم عرض الصفقة على مجلس الشعب، وأيضاً استخدام شركة خاصة يملكها رجل وثيق الصلة والصداقة بكبار الحكام، مخالفة لأبسط مبادئ الشفافية المتعارف عليها خاصة فى الصفقات الدولية.
تم تصدير الغاز بسعر متدن للغاية يقال إنه بأقل من سعر تكلفة الإنتاج، كل هذه الأمور تم فضحها على الملأ، وعرف بها الصغير والكبير وفى أى دولة شبه ديمقراطية كانت سوف تكون هناك لجنة تقصى حقائق ومحاكمة تنال الكبار وتسقط الحزب الحاكم، خاصة حين يعلن وزير البترول أن هناك بنوداً سرية وسعراً سرياً فى صفقة الغاز إلى إسرائيل.
وقعت الدولة فى حيص بيص بعد أن اكتشفت أن هذه الكارثة عرفها الجميع ولن ينساها الشعب، وسوف تظل تذكر كل يوم ما دام الغاز يتدفق، وكانت من الأسباب المهمة فى هبوط موقع مصر فى جدول الفساد والشفافية العالمى، الذى تضعه مؤسسات دولية محترمة إلى الحضيض، بحيث أصبحنا ملطشة العالم وشجع ذلك الشركات الدولية على استغلال الفساد المصرى غير المسبوق فى اقتناص صفقات فى مختلف المجالات الأخرى بدون وجه حق،
وحيث إن الدولة المصرية للأسف الشديد قد وقعت على صفقة الغاز الكارثية، وأصبحنا فى وضع مؤسف، قد يقول البعض إنه قد انضحك علينا، أو أن أحداً أعطانا حاجة أصفرا لنشربها قبل التوقيع على العقد، وقد يقول البعض إننا كنا فى كامل قوانا العقلية ولكن المشكلة هى الفساد،
وفى قول آخر إن هذه الصفقة كانت ربما بقصد إرضاء الحكومة الإسرائيلية لأسباب سياسية واللبيب بالإشارة يفهم، وحيث إن الفضيحة قد أصبحت بجلاجل وإن الجميع يتكلم عنها ولن يتوقف الكلام عنها طالما الغاز مستمر فى الانسياب برخص التراب، وإن التاريخ سوف يسجلها كواقعة مخزية وشديدة السواد..
لذا أعتقد أن لدى الحكومة المصرية فرصة ذهبية تخرجها من هذا الموقف المهين، وهو أن هناك حكماً قضائياً محترماً صادراً من محكمة مدنية وعلى الحكومة أن تعلن أنها تحترم حكم القضاء وسوف تنفذ الحكم، وهذا أمر لا يستطيع الاعتراض عليه أحد فى أى مكان فى العالم، أما استئناف الحكم فيجب التمهل فيه وعدم التسرع،
كما أشارت الصحف، ويمكن للدولة إعادة عرض الصفقة على مجلس الشعب - كما يقضى الدستور - وعدم الالتفاف المعيب عليه، ويمكن أن يكون الحكم ورقة ضغط قوية فى صالح الدولة لرفع سعر الغاز مبدئياً للأسعار العالمية والتفاوض من موقف القوة مع تعنت إسرائيل ووضع شروط جديدة، من ضمنها حق مصر فى استخدام الغاز لمصانعها وأن يكون لذلك الأولوية.
هناك طرق كثيرة يمكن أن تعيد بها الدولة الحق إلى شعبها، ذلك إذا كانت مخلصة فى حب مصر والدفاع عن حقوقها، وأبعدت كل الفاسدين عن طريق الدفاع عن حقوق إسرائيل فى الصفقة المشبوهة.

ليست هناك تعليقات: