السبت، ١٢ أبريل ٢٠٠٨

أسامة غريب أكاذيب تكشفها الحقائق

اليوم السابع


لم أفهم سر ثورة النواب ضد الدكتور مفيد شهاب عندما تصدى للرد على السؤالين اللذين شغلا الناس طيلة الفترة الماضية، وهما: هل تقوم مصر بتصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل؟ والسؤال الثانى.. هل صحيح أنها تصدره للإسرائيليين بسعر يقل عن تكلفة استخراجه، ومن ثم تقوم بتدعيم اَلة الحرب الإسرائيلية الباطشة؟
الحقيقة أن غضب الناس لم يكن فى محله، وانفعال نواب المعارضة فى المجلس لم يكن له ما يبرره، و تساؤلات "المصرى اليوم" ومقالات رئيس تحريرها أيضاً لم يكن لها داع، ذلك أنه فى غياب المعلومة الدقيقة يتخبط الناس، و"اللى ما يعرفش يقول عدس" (فى اشتهاء غريب للعدس الذى عز و تمنّع).
و رغم أنى غير مخوّل لا من الدكتور شهاب و لا من الحكومة بالإفصاح عن الحقيقة، إلا أن الواجب الوطنى يعلو فوق كل شىء، وسأقوم بإعلان الحقائق بكل وضوح.. ولقد عودتكم دائماً على الصراحة، ولكنى أرفض الوقاحة، وأرفض أن يقوم الموتورون بحملة ضد الرجل الطيب الدكتور مفيد واتهامه بأنه يقول كلاماً لا معنى له.
لقد أعلن الدكتور شهاب أن مصر الدولة لا تصدر الغاز لإسرائيل، ولكن عقد أو اتفاقية تصدير الغاز يتم فى الواقع بين شركة مصرية خاصة وشركة إسرائيلية أكثر خصوصية، أما دور الدولة المصرية فى الموضوع فلم يزد عن إنشاء خط الأنابيب وإتاحته لمن يريد أن يستخدمه من المواطنين. وبصراحة ليس ذنب الحكومة ولا ذنب الدكتور شهاب أن أحداً لم يدخل على خط الأنابيب ويستفيد منه غير الشركة المصرية التى قامت بتصدير الغاز لشقيقتها الشركة الإسرائيلية، وقد كان فى إمكان المستثمرين أن يستخدموا الخط على نحو جد مختلف، خاصة أننى سمعت أن النية كانت تتجه لأن يضخ الخط فى بداية تشغيله " كونياك أصلى" معتق منذ سنوات طويلة، وكان المأمول أن يستخدمه البعض عند مروره بقطاع غزة لدعم النضال ضد الإسرائيليين، غير أن الانقلاب الذى حدث هناك واستيلاء حماس على السلطة بعد فوزها بالانتخابات وأدا فى المهد فكرة تصدير الكونياك، الأمر الذى حدا برجال الأعمال للتفكير فى استخدام خط الأنابيب الذى وفرته الدولة لضخ "عرقسوس و سوبيا".
ولا أعرف أسباب تعثر المشروع، لكن الذى أعرفه أن الحكومة المصرية لا شأن لها على الإطلاق بالكيفية التى يُستخدم بها خط الأنابيب كما قال الدكتور مفيد، وأعتقد كما هو واضح لسيادتكم منطقية هذا الطرح لأن الدولة التى تقوم بتعبيد الطرق ومد خطوط السكك الحديدية لا تكون مسئولة عن سوء استخدام الطريق بواسطة أصحاب السيارات أو عن نوع الحمولة التى تنقلها القطارات..فالدولة تقوم بواجبها فى الإنشاء وعلى المواطنين أن يتحلوا بالمسئولية فى استخدام المرافق التى تنشئها ولا يسيئوا استخدامها، ثم تقع المسؤولية فى النهاية فوق رأس الحكومة، ويجد الدكتور مفيد نفسه كالعادة فى موقف الدفاع أمام عدو شرس لا يرحم ويضطر إلى أن يقول كلاماً قد لا يبدو متماسكاً للوهلة الأولى.. لكن عندما تتضح الحقائق ينبلج نور الحق ويأفل الباطل البطّال ويعرف الناس جميعاً أن خط الأنابيب الذى أنشأته الدولة يمكن لأى مواطن استخدامه من أجل تحقيق مصالحه الخاصة و تأمين مستقبله و"تحويش" قرشين للعيال... تماماً مثلما أن قصر محمد على الذى تم استخدامه لإقامة بعض الأفراح والليالى الملاح للشباب المقبلين على الزواج من رجال السلطة يمكن استخدامه بواسطة جميع المواطنين طبقاً لقاعدة أن المصريين متساوون كأسنان المشط. وعلى هذا يسعدنى أن أزف إلى شباب مصر من الذين كانوا فى السابق يضطرون إلى الغرق على السواحل الإيطالية واليونانية أن بإمكانهم الآن بدلاً من أن يستدينوا ويدفعوا 25 ألف جنيه وأكثر لسماسرة الموت، بإمكانهم أن يستغلوا خط الأنابيب الذى أنشأته دولتهم لخدمة مواطنيها فى أى مشروع للتصدير، وفى هذا الشأن فالأفكار كثيرة..يمكن مثلاً مع قدوم شهر رمضان أن يستعمل الخط لتصدير" خُشاف" للعرب فى الأرض المحتلة، كما يمكن استخدامه فى مساعدة الأشقاء الفلسطينيين عندما تخنقهم سلطة الاحتلال وتمنع عنهم الطعام من خلال ضخ وجبات جاهزة كومبو (أى مع بيبسى وشيبسى) ويمكن هذا بتعديل زاوية ميل الأنبوب وزيادة مستوى "الزفلطة" التى تتيح سرعة النقل.
أظن أنه بعد الآن ليس هناك عذر لأحد إذا تعلل بنقص المعلومات أو أنه لم يكن يعرف، أو أى من الحجج السخيفة التى يتبنونها من أجل مهاجمة الدكتور مفيد وانتقاده، غير عارفين بالدور الذى يقوم به الرجل فى توضيح الحقائق حتى ولو كانت منقوصة وتحتاج لمن يكملها للناس مثلما أفعل الآن.. وهذا هو الدور الحقيقى للكلمة...وأى خدمة!.

ليست هناك تعليقات: