السبت، ١٢ أبريل ٢٠٠٨

بسبب ثمنه البخس رغم ارتفاعه بالأسواق العالمية مصر تتجه لتعديل اتفاقيات تصدير الغاز لإسرائيل ودول أوروبية

الانباء

القاهرة - أمير حيدر

جاءت الأنباء عن وقف تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل مؤخرا لتعيد فتح ملف شائك حاولت الحكومة المصرية مرارا إغلاقه وعدم الخوض فيه لتعقده واحتمال تعرضها لسيل من الانتقادات بسببه حال كشفها عن تفاصيله.
وربما جاءت أزمة تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل لتختزل القضية في جانب واحد يتم تصدير الغاز إليه رغم اتفاق الحكومة المصرية مع عدد من الدول الأوروبية حول إمدادها به بأسعار لا تختلف كثيرا عن الثمن «البخس» الذي تم الاتفاق عليه مع الجانب الإسرائيلي.
ويرى بعض الخبراء أن الضجة التي شهدتها الأوساط الإعلامية مؤخرا حول وقف إمدادات الغاز المصري في شهر مارس المنقضي بعد انتهاء تجارب تشغيل الخط قد تكون لأسباب اقتصادية بحتة بعيدة عن الجانب السياسي وليس المقصود منها إسرائيل وحدها وإنما نحو خمس دول أوروبية أخرى جرى الاتفاق على تصدير الغاز إليها بأسعار يصفها البعض بـ «المدعومة» محليا.
واضطرت الحكومة المصرية أمام حدة الانتقادات الموجهة إليها من قبل الأوساط البرلمانية والإعلامية إلى بحث تعديل اتفاقيات تصدير الغاز الموقعة مع عدد من الشركات الأجنبية بما يسمح برفع الأسعار وفقا للمعدلات العالمية.
وقال مصدر مسؤول في وزارة البترول المصرية في تصريح خاص لـ «العرب» إن الوزارة أعدت مشروعات لتعديل 6 اتفاقيات لتصدير الغاز إلى إسرائيل وإسبانيا و4 دول أوروبيه أخرى.
ووصف المصدر الاتفاقيات الحالية لتصدير الغاز بغير العادلة في ظل ارتفاع أسعاره عالميا، مشيرا إلى أن مجلس الدولة وافق على هذه التعديلات التي ينتظر رفعها إلى مجلس الشعب لإقرارها.

رفع سعر الغاز
وأشار إلى أن وزارة البترول المصرية نجحت مؤخرا في التوصل إلى اتفاق مع شركتي «يونيون فينوسا» الإسبانية و «جاز دي فرانس» الفرنسية للغاز المسال لرفع سعر الغاز المباع إليهما، وذلك في إطار مساعيها لتعديل أسعار تصدير الغاز الطبيعي بما يتماشى مع الارتفاع العالمي في أسعاره.
وأكد أنه تم الاتفاق مع الشركة الإسبانية على رفع سعر الغاز بنحو %25 تطبق مع بداية العام الحالي 2008، مقارنة بما كان متفق عليه قبل نهاية العام 2006، دون أن يكشف عن قيمة التصدير، كما تم الاتفاق مع الشركة الفرنسية على زيادة السعر للكميات المصدرة بنحو %33.
وفى هذه الأثناء ترددت أنباء عن إجراء الحكومة المصرية مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لتعديل سعر تصدير الغاز إليه، وأشارت مصادر بوزارة البترول إلى أن القاهرة طرحت حصولها على 6 دولارات مقابل المليون وحدة حرارية التي تقاس بها مبيعات الغاز وذلك بدلا من نحو 2.5 دولار وفقا للاتفاق المبرم بينهما في 2006.
وكانت شركة دوراد الإسرائيلية للطاقة وقعت مع شركة إي أم جي، المصرية الإسرائيلية صفقة لتوريد الغاز في شهر ديسمبر 2006، تصل قيمتها إلى ملياري دولار لشراء الغاز الطبيعي من مصر، وتصل مدة العقد إلى 15 عاما، ويقضي بتسليم ما يصل إلى 1.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، اعتبارا من عام 2008.
وقال الدكتور رمضان أبوالعلا أستاذ البترول بجامعة قناة السويس إن الحكومة المصرية اتفقت خلال السنوات الماضية على بيع الغاز بأسعار متدنية وبخسة، إلا أنها تداركت هذا الخطأ مؤخرا رغم أنه جاء متأخرا بعض الشيء في ظل الارتفاع المتواصل في أسعاره عالميا.

اتفاقات طويلة الأجل
وأشار إلى أنه دائما من تكون اتفاقيات تصدير الغاز طويلة الأجل لأنها تحتاج إلى تجهيزات عالية ومصانع إسالة وخطوط إمداد إلا أن ذلك لا يمنع من وضع بنود لتعديل السعر على مدد زمنية وفقا للأسعار العالمية.
وكشف أن سعر تصدير الغاز في مصر قبل عامين كان يبلغ نحو 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية، فيما يصل سعره حاليا في بعض الدول إلى 16 و17 دولار، ورحب بخطوات الحكومة المصرية تعديل الاتفاقيات الحالية لتصدير الغاز يما يحقق أفضل المكاسب للثروات الطبيعية لبلاده.
وكان تقرير أعده مجلس الشورى المصري مؤخرا قد انتقد سياسة الحكومة في تصدير الغاز، مطالبا إياها بعدم الدخول في اتفاقيات جديدة لتصديره إلا على أساس الأسعار العالمية، مع تعديل الاتفاقيات الموقعة حاليا.
وأشار التقرير الذي أعدته لجنة الإنتاج الصناعي والطاقة وحمل عنوان «استراتيجية الطاقة في مصر الحاضر والمستقبل» إلى أن نحو %76 من إجمالي الدعم الموجه إلى المنتجات البترولية يذهب إلى ثلاثة منتجات رئيسية هي السولار بنسبة %٣٣، والغاز الطبيعي %٢١، وغاز البوتاجاز %٢١، ثم يأتي المازوت والبنزين، وأخيرا الكيروسين بنسبة %١ تقريباً من إجمالي الدعم.
وكانت احتياطيات مصر المؤكدة من الغاز الطبيعي قد وصلت إلى نحو 69.5 تريليون قدم مكعب، وارتفعت نسبة مساهمة الغاز من إجمالي الاستهلاك المحلي خلال العام الماضي إلى نحو %50 من حجم الطاقة المستهلكة.
وتعد مصر ثاني أكبر منطقة في العالم بها احتياطيات محتملة للغاز الطبيعي في المياه العميقة بعد خليج المكسيك، ويجرى العمل حاليا في خطة تنتهي عام 2010 لإضافة نحو 30 تريليون قدم مكعب إلى احتياطياته باستثمارات تبلغ نحو 10 مليارات دولار.
وارتفع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة ليتخطى نحو 1.5 تريليون قدم مكعب سنويا وهو ما يمثل ما يقرب من %1.5 من الإنتاج العالمي للغاز.
وتسعى مصر حاليا للتوسع في تصدير الغاز مسالا حيث يوجد شركتان لإسالته في منطقتي دمياط وإدكو شمالي البلاد، وقد بلغ ما تم تصديره من الغاز الطبيعي في نهاية العام 2005 نحو 251 مليار قدم مكعب لتصبح بذلك مصر عاشر دولة على مستوى العالم بالنسبة لصادرات الغاز الطبيعي المسال.

ليست هناك تعليقات: