الأحد، ١٣ أبريل ٢٠٠٨

البترول والغاز بين الحقيقة والتكهنات

المصرى اليوم

أنا قارئ منتظم لجريدة «المصري اليوم» منذ أن بدأت، لأنها كانت تمثل صحافة مختلفة في عالم ظل لسنوات طوال ذا سمات وشكل ثابت لم نكن نري فيه جديداً.
وقد تناولت «المصري اليوم» في الفترة الأخيرة ثلاثة موضوعات مهمة تخص صناعة البترول والغاز في مصر.. وكانت علي وجه التحديد.
أولاً: موضوع عن حادث وقع أثناء عمل أحد الحفارات بمنطقة أبورديس بجنوب سيناء.
ثانياً: موضوع تصدير الغاز المصري لإسرائيل.
ثالثاً: موضوع إنتاج مصر من الزيت والغاز والعمر الزمني المقدر لفترات الإنتاج من الزيت والغاز والاحتياطيات من كل منها، وهل أصبح الزيت والغاز في مصر علي وشك النفاد أم لا؟
ونظراً لأن هذه الموضوعات تهم رجل الشارع والمواطن العادي بشكل عام لأننا نتحدث عن ثروات مصر، إلا أنها تهم المتخصصين والعاملين بصناعة البترول والغاز بشكل خاص لأسباب عديدة، كما سنوضح في هذا المقال، لأن كل إنسان يهتم بصناعته ويخلص لها ويحبها وهي تمثل ماضيه وحاضره ومستقبله، فإذا كان هناك ما يجاوز الحقيقة تأثر هؤلاء العاملون بشكل أو بآخر، وفي النهاية لا يكون الأمر في الصالح العام.
ولنأخذ الموضوع الأول، وهو الحادث الذي وقع لأحد الحفارات والذي قيل عنه إن قطاع البترول يقوم بالتعتيم عليه ودعني أوضح الآتي:
نصف الحوادث كما يلي: حادث دون خسائر ولكن فيه درس مستفاد، وحادث له خسائر سواء للإنسان أو الممتلكات بأنواعها أو البيئة أو العمليات الإنتاجية، وهذا النوع له تقسيمات أخري منها حادث محدود يتم السيطرة عليه بمعرفة العاملين في مكان الحادث ويحقق ويدخل الإحصائيات، وحادث غير محدود يحتاج جهود العاملين بموقع العمل في الإدارة أو القسم
ولا يستدعي إعلان حالة الطوارئ العامة، وحادث يحتاج جهود كل العاملين في الحقل ويستدعي إعلان حالة الطوارئ العامة داخل الحقل فقط «أو الشركة أو أحد فروعها» ولا يستدعي نجدات خارجية، وحادث جسيم يستدعي حالة الطوارئ العامة ويستدعي النجدات الخارجية
ويبلغ عنه خارج الموقع إلي هيئة البترول ووزارة البترول والشركات الشقيقة التي تقع في نطاق المنطقة الجغرافية التي بها الحادث لتقديم المساعدات وتفعيل خطط الطوارئ الموجودة آنفا حسب نوع كل حادث، وقد يقتضي الإبلاغ جهات أخري يقع في نطاقها الحادث فيما يسمي بالسلطات المحلية Local Authorities.
وعليه يتضح أن الإبلاغ والإعلان عن الحوادث يكون طبقاً لنوعها وطبيعتها ومدي الخسائر المتوقعة منها والجهود اللازمة للسيطرة عليها، وفيما يخص هذا الحادث، ذكرت جريدتكم من خلال المعلومات التي وردت من أحد العاملين علي حد قول الجريدة، أن سبب الحادث كان متمثلاً في عدم قتل البئر قبل استخراج مضخة الرفع «أو غيرها من أنواع الطلمبات ElectricalSubmerrsible Pump ESP) وطالما أنكم تداولتم موضوعات فنية دعني باختصار شديد أوضح الآتي:
١- كيف تأكد من أبلغ أنه لم يتم قتل البئر وكيف يعمل طاقم الحفار وطاقم الإنتاج والعاملون بشركات الخدمات وكلهم علي وعي بالمخاطر.
٢- ليس كل بئر يتم قتلها تظل ساكنة طوال الوقت ولا يندفع منها الزيت والغاز مرة أخري، وذلك لأن عملية قتل البئر تعتمد في الأساس علي تكوين وزن هيدروستاتيكي Hydrostatic Head يعادل ضغط الخزان الأرضي Reservoir Pressure علي الأقل أو يزيد عليه حتي يمتنع خروج الزيت أو الغازات ويتم إنشاء هذا الوزن من خلال عمود من الطفلة أو عمود من المياه أو عمود من زيت الديزل حسب كل حالة علي حدة.
ولتعلم يا سيدي أنه لا يتم تحديد أسباب حادث ولا تقدير الخسائر إلا بعد التحقيق فيه ولا يمكن التحقيق في الحادث إلا بعد السيطرة عليه، وقد يمكن جمع معلومات أثناء عمليات السيطرة لتساعد في التحقيق ولكن حدثت أسباب رئيسية بعضها متعلق بالإنسان وبعضها متعلق بمكان العمل،
وهناك أيضاً أسباب مباشرة، ومن خلالها يمكن تعديل برامج العمل لتلافي العيوب بها، ونحن نحقق الحوادث من أجل العقاب ولكن بمعرفة الأسباب لتطوير برامج العمل من تفتيش وتدريب وإحلال وتجديد ونظم إدارة وإجراءات طوارئ إلي آخر ذلك.
ولا تقدر التكاليف إلا بعد حصر الخسائر بشرية ومادية وخسائر توقف العمليات إلي آخره، فكيف قدر من أرسل لكم الخبر الخسائر ومازال الحادث مستمراً.
الموضوع الثاني: تصدير الغاز لإسرائيل:
بداية وبشكل شخصي ورأي شخصي أنا لست مع تصدير الغاز لإسرائيل ولأسباب عديدة ولكن أود أن أوضح الآتي:
١- موضوع تصدير الغاز لإسرائيل كان قرار حكومة حيث كما جاء فيما أوردته جريدة «الفجر» عن نص التعاقد أن مجلس الوزراء المصري أبلغ المشتري وفقا لخطاب رئيس الوزراء ١٩ مارس سنة ٢٠٠١ أن قرار مجلس الوزراء يسمح بتصدير الغاز لإسرائيل وكان تاريخ القرار ١٨ سبتمبر ٢٠٠٠.. إذن نحن أمام سياسة حكومة دولة وليس سياسة وزارة.
٢- لقد تعاقدنا علي بيع الغاز لشركة شرق المتوسط لتصديره ولم نتعاقد مع إسرائيل.
٣- جاء في الصفحة الخامسة من الاتفاقية (كما نشرت الفجر) أنه يسمح لوزارة البترول بالتفاوض مع شركة غاز شرق المتوسط باستخدام صيغ دولية تربط أسعار الغاز الطبيعي مع منتجات الزيت والبترول الخام وأعتقد أن هذا باب يمكن النفاذ منه لتعديل الأسعار وهذا ما تعكف عليه وزارة البترول حاليا لإعادة النظر في تسعير الغاز والزيت الذي هو أهم وقفزت أسعاره بشكل غير مبرر ونحن نشتري حصة الشريك في الزيت وارتفاع السعر يمثل خسارة.
٤- لم توضح الاتفاقية أن تسهيلات النقل تنتهي عند العريش ولم نعرف من الذي سيتكلف إنشاء تسهيلات النقل والمعالجة داخل إسرائيل وهل لهذا علاقة بالسعر.
٥- هذا الغاز توجد للشريك الأجنبي حصة فيه ومن يدرينا لعله يشترط تصديراً معيناً وهل يمكن إلزام الشريك بأسعار التصدير في الوقت الحالي أم لا... وماذا لو رفض الشريك البحث والإنتاج بسبب سياسة عدم التصدير لبلاد معينة.
٦- كانت قطر في البداية منافسة للتصدير لإسرائيل وبأسعار زهيدة.
إن أول من وجه إلي الاهتمام بالغاز هو الدكتور حمدي البنبي في أواخر عهده بالوزارة، وكان من أحدث طفرة في إنتاج الغاز في مصر هو المهندس سامح فهمي ويكفي أن نقول إن شركة أمريكية واحدة أقنعها المهندس سامح فهمي بالبحث في الصحراء الغربية تنتج ٧٥٠ مليون قدم مكعب يوم وميزانية البحث للعام الحالي لهذه الشركة مليار ومائتا مليون دولار للوصول بإنتاج الغاز إلي مليار قدم مكعب يوم إضافة لإنتاج الزيت.
وبالنسبة للموضوع الثالث: هل قارب إنتاج مصر من الزيت والغاز علي الانتهاء؟
لاشك أن دراسات علمية تحدد هذا الأمر وإحصائيات حول المخزون في كل دو لة.. ولكن الغريب في الأمر أن يتحول كثير من الصحفيين إلي خبراء في هندسة البترول قسم الخزانات Reservoir ويقرأون أي معلومة أو يسمعونها وبدون تدقيق يتحدثون عن أرقام وسنوات لكمية وعمر الاحتياطي المصري من الزيت والغاز.
وقد بحثت الكثير من الشركات في الصحراء الغربية عن غاز وزيت ولم تجد مثل شركة (Rebsol الإسبانية) وشركة shell وجاءت شركات أخري إحداها شريك عربي و الأخري شريك أمريكي وأنتجت الأولي ٢٦ ألف برميل يوم والثانية تنتج حاليا ٧٥٠ مليون قدم مكعب غاز يوم إضافة إلي حوالي ٥٢ ألف برميل زيت الإجمالي مكافئ ٧٠ ألف برميل يوم أو يزيد.
كل المتخصصين قالوا إن خليج السويس أدي ما عليه وأنتج بما فيه الكفاية ولكن نجد ١٤ ألف برميل يوم في حقل الحمد في الشركة العامة كشف منذ ٣ سنوات فقط وآخر للبترول البريطانية في خليج السويس.
الكل قال إن الدلتا غاز فقط وبكميات محدودة والآن يوجد في الدلتا وبأعلي درجات الجودة زيت إضافة للغاز ثم هناك قطر التي تنتج غازاً بالأساس تضع خطة لزيادة إنتاجها من الزيت إلي مليون برميل يوم.
إن الهجوم واهتزاز الثقة سيساعدان علي محاربة الاستثمار في البترول والغاز.
نصر شلش
استشاري السلامة لدي شركات البترول

ليست هناك تعليقات: