السبت، ٥ يناير ٢٠٠٨

أعتبروه خيانة للأمن القومي سياسيون وبرلمانيون يرفضون تصدير الغاز المصري لإسرائيل


محيط - وكالات
القاهرة: أثار قرار الحكومة المصرية تصدير الغاز لإسرائيل، سخط وغضب القوي والتيارات السياسية في الشارع. ولم تفلح حكومة الدكتور نظيف بإصرارها علي أنها لا صلة لها بعمليات التصدير، وأنها مسؤولية الشركات الخاصة، في تهدئة الخواطر.
وأكد الدكتور عبد الوهاب المسيري، المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية"، أن قرار تصدير الغاز المصري إلي إسرائيل ليس جديداً، ولكن هناك اتفاقية منذ عدة سنوات، وأن ما حدث هو تنفيذ للاتفاقية، وقال إن الخبر لا يستحق هذه الضجة، لأنه جزء من نمط مستمر لبيع مصر، على حد قوله.
ونقلت جريدة "المصري اليوم" المستقلة عن المسيري قوله: "ان النظام الحاكم في مصر يعتبر إسرائيل ضمانة أساسية لعلاقة قوية مع أمريكا، وأشار إلي أن النظام يريد أن يضمن رضا أمريكا وتجاهلها لما يحدث في مصر من بطش وتزوير للانتخابات وتوريث الحكم".
وأضاف: " أن النخبة الحاكمة لا تكترث بمصلحة الشعب، ولا بتأثير هذه الاتفاقية علي الدور المصري في الملف الفلسطيني، وإنما تكترث فقط ببقائها في السلطة، وهو ما يفقد الدور المصري في المنطقة أكثر فأكثر".
من جانبه، وصف الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، العلاقة بين مصر وإسرائيل بالـ "سمك لبن تمر هندي"، وقال: "لا تستطيع أن تفهم ماذا يجري، ففي الوقت الذي توجه فيه الخارجية الإسرائيلية اتهاماتها لمصر، بعد القيام بدورها كحارس علي الحدود مع غزة، يحتضن باراك في القاهرة الرئيس مبارك".
من جانبه، انتقد الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث، طبيعة الصفقة المرتبطة ببنود اتفاقية كامب ديفيد، وأن الدولة وثيقة الصلة بمثل هذه الصفقات، وأنه من المستحيل ألا يكون لها باع فيها.
فيما نفي أن تكون الدولة متربحة من مثل هذه الصفقات، التي يقوم بها رجال الأعمال بشركاتهم الخاصة مع إسرائيل، ولكن الدولة تسمح بذلك تنفيذاً لالتزامها ببنود كامب ديفيد.
وأشار سيد أحمد إلي أن البنية التحتية المصرية محرومة من الغاز الطبيعي حتي الآن، وبالتالي نقل الغاز لكيان معاد كإسرائيل، سيؤثر سلباً علي مجتمعاتنا، وقال إنه قرار يسعي لترسيخ بقاء إسرائيل في المنطقة.
وشدد الكاتب الصحفي مجدي حسين، أمين عام حزب العمل، علي استمرار حزبه في حملته ضد تزويد إسرائيل بالغاز، التي هي جزء من كامب ديفيد، واعتبر حسين إقدام الدولة علي تصدير الغاز لإسرائيل جريمة في حق الأمن القومي المصري والعربي والقضية الفلسطينية.
وقال حسين: "الغاز الطبيعي هو عماد أي نهضة صناعية، لأن البترول السائل سينتهي وللأسف لا توجد خطة للتنمية المحلية ولا يصح أن نتعلل بأنها شركات خاصة، لأن ثروات بطن الأرض لا يصح أن يمتلكها شخص فهي ملك للأمة. وأكد حسين أن شركات تصدير الغاز تتأسس بشراكة مصرية إسرائيلية بعلم الحكومة، لذلك الدولة وطيدة الصلة بهذه الصفقات".
واستنكر النائب حمدي حسن، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للإخوان، إقدام الحكومة المصرية علي مثل هذه الصفقة، واعتبرها خيانة للأمن القومي وللشعب المصري، وتساءل: كيف يمكن أن نزود إسرائيل بالغاز لتقوية بنيتها الأساسية، في الوقت الذي تحاصر فيه إسرائيل غزة حصاراً قاتلاً.
وأشار حسن إلي أن الاقتصاد المصري لن يتأثر بأي شكل إيجابي أو سلبي من عملية التصدير، لأنها تصدره لإسرائيل بسعر مدعم علي عكس ما تفعله مع الأردن وإسبانيا، في حين أن الشعب المصري لا يجد ما يأكله، وكان من المفترض أن تستخدم الدولة الغاز الطبيعي لتدعم به الاقتصاد المصري من خلال التنمية المحلية، حتي تستطيع بيعه بسعر عال، وأنه كان من المفترض علي الدولة أن تساوم الإسرائيليين علي الغاز لتحصل علي حقوق الشعب الفلسطيني، أو يرفع عنه شيء من هذا الحصار، مشدداً علي أن الدولة عمدت إلي عدم استخدام أوراق القوة ضد الإسرائيليين لتحقق شيئاً في القضية الفلسطينية.
وكان علي لبن النائب عن جماعة الإخوان المسلمين بمجلس الشعب المصري انتقد في وقت سابق قيام الحكومة المصرية بتصدير الغاز الطبيعي بأسعار ثابتة لآجال طويلة، متسائلا عن كيفية تدارك هذا الخطأ خاصةً مع الكيان الصهيوني الذي يصدر له الغاز بأسعار ثابتة تقل عن دولار للمتر المكعب في الوقت الذي كان سعره العالمي يصل إلى ثلاثة دولارات.
وأكد لبن أن الغاز المصري الذي يتم بيعه لإسرائيل بأسعار ثابتة يقل عن دولار للمتر المكعب وأن حجم هذه الصفقة 250 مليون متر مكعب كل عام، ولمدة (15) عاماً وأن بالعقد مادةً تسمح بالتجديد لمدة خمس سنوات أخرى، وأن هذا الغاز سيستخدم في تشغيل سبع محطات لتوليد الكهرباء بإسرائيل، لافتا إلى أن هذه المحطات كانت تعمل بالفحم بتكلفة عالية، فضلاً عن التلوث، وأنه بعد تحويلها للعمل بالغاز الطبيعي تم افتتاح محطتين أخريين للكهرباء هناك.
وحمل طلب الإحاطة انتقادات حادة لطبيعة الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة المصرية مع إسرائيل، واصفا تلك الاتفاقيات بأنها مجحفة، إذ وقعت مصر بروتوكولاً مكملاً لاتفاق عام ،1979 مع الكيان الصهيوني لبيع مليون طن بترول خام سنوياً، (أي حوالي 14 مليون برميل) مباشرةً لتل أبيب عن طريق هيئة البترول المصرية، كما نص البروتوكول على أنه إذا كانت هذه الكمية لا تكفي الاحتياجات الإسرائيلية فيمكن لتل أبيب شراء كمية مماثلة بشكل غير مباشر.
وقال لبن إن هذا يتم في الوقت الذي تمنع إسرائيل الوقود والكهرباء عن الفلسطينيين بقطاع غزة، وفي الوقت الذي تعلن أوروبا أنها في أمس الحاجة إلى الغاز المصري وبأسعار مضاعفة، لافتا إلى أن بيع مصر للغاز الطبيعي والبترول الخام لدولة الكيان الصهيوني يتعارض مع المادة 20 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تنص على التزام الدول بعدم تكريس الاحتلال العسكري.
مصر تزود إسرائيل بالغاز لمدة 25 عامًا
كانت مصادر مصرية مطلعة ذكرت في وقت سابق أن الحكومة المصرية ستبدأ تزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي، اعتباراً من مارس/ آذار المقبل.
وذكرت المصادر أن الكميات ستبلغ 362 مليون متر مكعب خلال 4 أشهر من بدء التصدير. وأضافت: :أنه من المرجح أن تبلغ مدة التعاقد نحو 25 عاماً".
وكان الجانبان قد وقعا منذ عامين مذكرة تفاهم لإنشاء أنبوب لتزويد إسرائيل بالغاز المصري، عبر سيناء والأراضي الفلسطينية المحتلة، وتنفي الحكومة المصرية دائماً أمام البرلمان، وجود تعاقدات رسمية، موضحة أن التعاقد يتم عبر شركات خاصة، مثل "شرق المتوسط" التي تضم رجال أعمال مصريين وإسرائيليين وأجانب.
وكانت شركة "دوراد" الإسرائيلية للطاقة قد وقعت مع شركة "إي.إم.جي" المصرية - الإسرائيلية لتوريد الغاز في ديسمبر 2006 صفقة تصل قيمتها إلي ملياري دولار لشراء الغاز الطبيعي من مصر.
وذكرت الشركة أن العقد مدته بين 15 و20 عاماً، ويقضي بتسليم ما يصل إلي 1.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، اعتباراً من العام 2008، مشيرة إلي أن سعر الغاز سيتغير وفقاً لأحوال السوق.

ليست هناك تعليقات: