الأربعاء، ٢٣ مارس ٢٠١١

تصدير الغاز لإسرائيل!

الشروق

سلامة أحمد سلامة

شيئا فشيئا تسقط أقنعة كثيرة وتتكشف أسرار ظلت محجوبة عن الرأى العام بل وعن مؤسسات الدولة ومجالسها التشريعية التى تنازلت عن حقها فى الرقابة والتصديق على اتفاقياتها الدولية.. وكان من أخطرها ما يتعلق بإنتاج وتصدير الغاز. أحد أهم مصادر الثروات الطبيعية فى مصر، الذى كان يصدر لإسرائيل بكميات كبيرة وبأسعار مخفضة لا يعلم أحد عن تفاصيلها شيئا. وتذهب نسبة منها هدرا فى عمولات لأشخاص على رأس السلطة أو فى دهاليزها. قيل إن من بينهم جمال وعلاء ابنا الرئيس السابق وحسين سالم.

أخيرا، بدأ الحديث عن تصدير الغاز لإسرائيل يطفو إلى العلن. واعترف الوزير الجديد عبدالله غراب بأن قرار التصدير يستند إلى قرار سيادى أى من أعلى سلطة فى البلاد. وأن اتفاقيات الغاز يعاد التفاوض حولها حاليا لتعديل الأسعار. وكانت محكمة القضاء الإدارى قد أصدرت حكما نافذا فى هذا الصدد يلزم الحكومة بإعادة النظر فى العقود المبرمة مع الطرف الإسرائيلى. ووعد الوزير بالإفصاح عن الأسعار الجديدة بعد انتهاء المفاوضات.

وكان ضخ الغاز لإسرائيل قد توقف فى الأنبوب الخاص الذى يمر فى شبه جزيرة سيناء بعد تعرض أنبوب آخر قريب منه لانفجار ألحق أضرارا كبيرة به. وأوقفت السلطات المصرية ضخ الغاز فى الأنبوبين. وفى ضوء الظروف السياسية التى سادت بعد ثورة 25 يناير امتنعت الحكومة المصرية عن استئناف ضخ الغاز إلى أن يتضح الموقف!

وطبقا لتقارير دولية متخصصة فى شئون الطاقة، فإن خط العريش ــ عسقلان الذى ينقل الغاز لإسرائيل وتديره «شركة شرق غاز المتوسط» التى يشارك فيها كل من المؤسسة المصرية العامة للبترول، والشركة الإسرائيلية ميرحاف، والشركة الأمريكية الإسرائيلية. وتم تشغيله من عام 2008 لتزويد شركة الكهرباء الإسرائيلية بنحو 1.7 بليون متر مكعب من الغاز سنويا لمدة 20 سنة. وفى أواخر عام 2009 تم توقيع عقد جديد لتزويد نحو 2 بليون متر مكعب لمدى 20 عاما لشركات كهرباء إسرائيلية ومنشآت صناعية. وتبلغ الطاقة القصوى للخط 9 ملايين متر مكعب، تؤمن لإسرائيل نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعى.

فيما يتعلق بالأسعار، هناك اتفاق بين الخبراء على أن مصر عرضت أسعار الغاز بأقل كثيرا من الأسعار العالمية. فكان آخر سعر اتفق عليه ما بين 4 ــ 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. مقارنة بالأسعار العالمية التى تراوحت بين 5 و9 دولارات لكل مليون وحدة، أى ما يقرب من الضعف.

وكان الوزير الجديد الذى خلف سامح فهمى قد ذكر فى تصريحات أخيرة أن الأسعار التى تتناولها وسائل الإعلام حاليا حول أسعار تصدير الغاز لإسرائيل وقيل إنها تتراوح بين دولار ودولار وربع غير صحيحة، لأن تلك الأسعار تم تعديلها بالزيادة. ولكنها فيما يبدو لم تصل إلى الأرقام المذكورة أعلاه. ومعنى ذلك أن فروق الأسعار بين ما تشترى به إسرائيل وبين الأسعار العالمية مازالت كبيرة.

ومن الطبيعى ألا نتوقع مفاوضات سهلة مع إسرائيل لتعديل الأسعار، بعد فترة زمنية امتدت عدة سنوات من البيع بأسعار مخفضة دون سبب معقول. كما أن وقف تصدير الغاز تماما يحتاج إلى قرار أعلى من سلطة الوزير ويستدعى بحثا دقيقا للملابسات القانونية والدولية فى مثل هذه الحالات.

غير أننا الآن وبعد أن انتهت حقبة الملاينة والمجاملة المجانية مع إسرائيل. وأصبح علينا أن نطبق مبدأ المعاملة بالمثل، وطبقا لما تمليه مصالحنا. فليس هناك مبرر لمنح إسرائيل مميزات تفضيلية فى الأسعار، خصوصا أن مصر تتكبد، كما أعلن وزير البترول، دعما قدره 82 مليار جنيه للمواد البترولية. وبعبارة أخرى فكأن جانبا من هذا الدعم الذى يغطى أنابيب البوتاجاز كان يذهب لإسرائيل. وليس من الإنصاف أن نطالب المستهلك المصرى بأن يدفع جنيها زيادة فى أسعار أنبوبة البوتاجاز لتقليص حجم الدعم الذى تتحمله الموازنة.

ولكى تكتمل الصورة فإن الغاز المصرى يكاد يكون المصدر الوحيد الذى تحصل منه إسرائيل على احتياجاتها، لأنها لا تملك غير حقل بحرى واحد منتج قبالة مدينة عسقلان، صغير الحجم نسبيا ويمتد مكمنه إلى المياه الفلسطينية المجاورة ولكن إسرائيل لا تعوض الفلسطينيين عما تحصل عليه. وهى تتفاوض حاليا مع أطراف روسية وأذربيجانية للحصول على كميات إضافية عبر تركيا.

إن مصر تتغير، وسياستها الخارجية تتغير. وقد آن الآوان لكى تصبح علاقاتها الخارجية واتفاقياتها الدولية والسياسية والتجارية خاضعة لرقابة الشعب، معرضة للضوء فى أجواء مفتوحة.. وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بعلاقتنا مع إسرائيل. لأن رقابة الشعب هى الضمان الأكيد لعلاقة سوية لا تتم فى الظلام!

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ان تصدير الغاز المصري الى العدو الصهيوني او الكيان الصهيوني او اعداء الامة العربية والاسلامية او دولة الارهاب المسماه اسرائيل حرام شرعا وكل شخص يوافق على هذا سوف يعاقب امام يدي الله يوم القيامة يوم لا ينفع لا مال ولا بنون ايها الشعب المصري كونوا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
ولا تكونوا اذلاء مستسلمين ضعفاء خانعين متخلفين