الجمعة، ٧ مايو ٢٠١٠

خبير بترولى يحذر: احتياطيات مصر من البترول والغاز تنفد عام ٢٠٢٠

المصرى اليوم

كتب مصباح قطب وعادل البهنساوى

توقع الدكتور حسين عبدالله، وكيل أول وزارة البترول الأسبق، أن تصل احتياجات مصر من البترول والغاز بحلول عام ٢٠٢٠ إلى ١٠٣ ملايين طن سنويا بما يوازى ٧٥٠ مليون برميل بترول مكافئ.

وقال عبدالله إن احتياطيات البترول والغاز المعلنة رسمياً تقدر بنحو ١٦ مليار برميل، منها ١٢ ملياراً «غاز» وهو ما يعادل نحو ٢٢٠٠ مليون طن بترول مكافئ، لذا فإن نصيب مصر من تلك الاحتياطيات بعد حصول الشريك الأجنبى على نصيبه يمكن أن ينفد بحلول عام ٢٠٢٠ وتتحول البلاد إلى استيراد جميع احتياجاتها من البترول والغاز عند سعر متوقع للبرميل لن يقل عن ١٢٠ دولارا وتكون البلاد ملزمة بدفع فاتورة تصل إلى ٩٠ مليار دولار سنويا قابلة للزيادة.

وأشار عبدالله فى دراسة اخيرة له بعنوان: «التحديات والمخاطر المحيطة بالبترول والغاز فى مصر والشرق الأوسط»، إلى أن النقطة الحرجة يمكن أن تحل قبل ٢٠٢٠ بسنوات وبذلك تدخل مصر فى الصراع العالمى المتوقع لتأمين احتياجات كل دولة من الاحتياطيات البترولية الآخذة فى النضوب.

وأوضح الخبير البترولى أن مصر صارت منذ فترة ليست قصيرة مستورداً للبترول والغاز، لأن نصيبها منهما لم يعد يكفى لتغطية احتياجاتها وتلجأ لتغطية العجز بالشراء من نصيب الشريك الأجنبى بالسعر العالمى والعملة الأجنبية، مدللا على ذلك بأن إنتاج البترول والغاز بلغ عام ٢٠٠٥ نحو ٥٨ مليون طن بترول مكافئ وبلغ نصيب مصر ٣٩ مليون طن، بينما بلغ الاستهلاك المحلى ٤٩ مليون طن ولتغطية العجز البالغ ١٠ ملايين طن قمنا بالشراء من نصيب الشريك الأجنبى.

وفى عام ٢٠٠٧ بلغ الإنتاج نحو ٧٦ مليون طن ونصيب مصر ٤٧ مليون طن، وقدر الاستهلاك المحلى بنحو ٦٠ مليون طن وبذلك بلغ العجز نحو ١٣ مليون طن، وكانت النتيجة - كما تؤكد تقارير جهاز المحاسبات - تراكم الديون المستحقة للشركات والتى يمكن أن تستخدمها للضغط لتحقيق مطالب غير مستحقة، مثل رفع سعر الغاز الذى تشتريه مصر من الشركات وسبق تحديده بقوانين.

وتساءل عبدالله: كيف يمكن تدبير هذه المبالغ بالنظر إلى ضآلة حصيلة الصادرات المصرية غير النفطية وازدياد الاعتماد على الاستيراد لتوفير احتياجات أساسية عديدة غير نفطية.. وماذا يحدث إذا عجزنا عن توفير احتياجاتنا من الطاقة، التى يطلق عليها شريان الحياة؟!

واعتبر عبدالله أن خطة رفع إنتاجية الغاز بمثابة إهدار للاحتياطيات، حيث تقوم الشركة القابضة للغازات برفع إنتاجيته بمعدلات فلكية بغية تصديره إذا قفز إنتاج الغاز خلال الفترة من ٢٠٠٤ - ٢٠٠٨ من نحو ٢٤ مليون طن إلى نحو ٥٦ مليون طن بمعدل نمو ٢٤% سنوياً فى المتوسط، ويتوقع أن يرتفع الإنتاج إلى ٩٠ مليون طن بحلول ٢٠١١ وفقاً لتصريحات رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات،

مشيرا إلى أنه كان من الأفضل أن يوجه هذا النمو السريع فى الإنتاج لتغذية صناعات محلية تتجه منتجاتها إلى التصدير لتحقيق حصيلة دولارية توضع فى صندوق لمواجهة احتياجات الأجيال المقبلة من الطاقة، كما فعلت دول رشيدة كالنرويج، التى بلغ حجم صندوقها ٣٨٠ مليار دولار فى فبراير ٢٠٠٨، وفقاً لتقدير صندوق النقد الدولى، مع أن عدد سكانها لا يتجاوز ٤.٨ مليون نسمة لكن الدافع لهذا الإفراط فى إنتاج الغاز المصرى كان تلبية لالتزامات التصدير الذى بدأ فى مستهل ٢٠٠٥ ثم تصاعد بمعدلات فلكية.

وأشار حسين عبدالله إلى أن خطط التوسع فى إنتاج الغاز وتصديره إذا تحققت فإن احتياطيات الغاز المعلنة رسمياً وهى فى حدود ٧٦ تريليون قدم مكعب مع إنتاج بلغ ٩٠ مليون طن سنوياً أى بحلول عام ٢٠١١ يمكن أن ينضب الاحتياطى قبل مضى ٢٠ عاماً، أما إذا تحققت الشكوك فى التقديرات فإن تلك الفترة يمكن أن تتقلص إلى أقل من ذلك.

وقال عبدالله إن ثمة أسئلة تحيط بتصدير الغاز عموما وتطلب إجابة واضحة ومحددة، حيث يستخلص من بيانات وزارة البترول أن تكلفة الإنتاج لا تتجاوز ٧٠ سنتا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وأن سعر البيع يزيد كثيراً على تلك التكلفة ويحقق ربحاً للدولة.

وأوضح بأن برميل البترول يحتوى على ٥.٦ مليون وحدة حرارية وبالتالى فإن سعر تصدير الغاز حتى لو بلغ ٢.٦٥ دولار للمليون وحدة حرارية وهو السعر الذى تشترى به مصر الغاز من الشريك الأجنبى، فإنه لا يتجاوز ١٥ دولاراً لما يعادل من الغاز برميلاً من البترول الذى حلق حول ١٤٠ دولاراً ويتراوح حول ٧٠ دولاراً فى أكتوبر ٢٠٠٩ ويتوقع أن يواصل الارتفاع بصرف النظر عن أفضلية الغاز بيئياً وسهولة استخدامه.

وأشار الخبير البترولى إلى أن وزارة البترول تقول إن عقود تصدير الغاز تراجعت بهدف رفع سعر تصديره وهو ما يحقق ١٨ مليار دولار خلال الأعوام العشرين القادمة، معتبرا هذا الكلام لا يستند إلى أساس علمى أو عملى ولا يمكن التنبؤ بما سيكون عليه الحال عبر ٢٠ عاماً والأغلب أن مصر ستتحول إلى مستورد لكامل احتياجاتها من الطاقة باستثناء كهرباء السد العالى وباقى المساقط المائية وبأسعار لا تحتمل.

وأكد أنه جرى العرف على إدخال نص يتيح تدرج السعر مع المتغيرات التى تطرأ على أسواق السلعة التى تغطيها عقود طويلة الأجل ومنها عقود تصدير الغاز التى يمتد أجلها إلى ٢٠ عاماً أو أكثر كما تتضمن عقود تصدير الغاز بالإضافة إلى شرط تصعيد السعر وضع حد أدنى، ضماناً للمستثمر واستجابة لما تطلبه البنوك القائمة بتمويل المشروع حيث يتحدد حجم التمويل بناء على الحد الأدنى للسعر والسؤال هل تضمنت عقود تصدير الغاز المصرى مثل هذا النص؟

وأوضح أن اختيارات مصر فى مجال الطاقة عبر المستقبل المنظور صارت لا تتجاوز عدداً محدداً من الخيارات متزامنة أو متتالية أهمها الاعتماد الكامل على استيراد البترول والغاز بأسعار لا تقل عن ١٢٠ دولاراً للبرميل بحلول ٢٠٢٠ وبذلك سيكون عليها مواجهة فاتورة استيراد لا تقل عن ٩٠ مليار دولار سنوياً وتكثيف الاستثمار فى الطاقة الجديدة والمتجددة، متضمنة الكهرومائية والتى يأمل وزير الكهرباء أن تغطى ٢٠% من استهلاك الكهرباء بحلول ٢٠٢٠ واذ تغطى المساقط المائية الآن نحو ١٢% من استهلاك الكهرباء فإن ما يعول عليه من طاقة الشمس والرياح لا يتجاوز ٨% من الكهرباء التى تمثل ٤٠% من إجمالى استهلاك الطاقة وبذلك لن يتجاوز نصيب الشمس والرياح من ٣ - ٤٪ من إجمالى احتياجات مصر من الطاقة بجميع استخداماتها عام ٢٠٢٠.

وطالب أخيراً بضرورة تحجيم الإنتاج بما يغطى فقط الاستهلاك المحلى والاحتفاظ بكامل احتياطيات البترول والغاز لمواجهة احتياجات الأجيال المقبلة وتأخير نقطة التحول إلى الاعتماد الكامل على استيراد الطاقة وفى تلك الحالة ستقوم مصر بشراء أنصبة الشركات الأجنبية حتى لو زيدت المديونية الأجنبية ولكنها ستكون مديونية لها ما يبررها إذ توفر للدولة مصدراً للطاقة أقل تكلفة وأكثر أماناً من النووية.

ليست هناك تعليقات: