الثلاثاء، ١٢ يناير ٢٠١٠

استيراد الغاز من الخارج.. مصالح الكبار

اخوان اون لاين

- د. رضا محرم: الشعب سيدفع تسوية الفرق بين الاستيراد والتصدير

- السفير يسري: مصر تعمل لصالح أوروبا في منافسة الغاز الروسي

- صبحي: وزير البترول يرسم حلقة مفرغة لصرف الأنظار عن أهدافه



تحقيق- الزهراء عامر:

في الوقت الذي تقوم فيه مصر بتصدير الغاز الطبيعي إلى الكيان الصهيوني بأقل من سعره العالمي بـ8 أضعاف؛ رغم الرفض الشعبي الجارف في مصر وعدد من الدول العربية؛ فاجأنا المهندس سامح فهمي وزير البترول المصري في مؤتمر صحفي، قائلاً: إن الوزارة تجري حاليًّا دراسة مقترحات استيراد الغاز الطبيعي من الخارج، مشيرًا إلى أن الدراسة تستهدف تحديد الجوانب الفنية والاقتصادية المتعلقة بهذه الخطوة قبل اتخاذ القرار النهائي.
الخبراء أكدوا أن اتجاه الحكومة لاستيراد الغاز من الخارج؛ يؤكد عدم وجود مخزون إستراتيجي للغاز في مصر، وهذا يتنافى مع مبررات الحكومة لتصدير الغاز للكيان الصهيوني لمدد طويلة الأجل، عندما أعلنت أن لديها مخزونًا إستراتيجيًّا يكفي مصر لمدة 100 عام.

كلام الخبراء أكدته أيضًا دراسة اقتصادية متخصصة صادرة عن مركز الدعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، توقعت أن تواجه مصر عجزًا في إمدادات الزيت الخام والغاز الطبيعي؛ لتلبية الطلب المحلي في ظل الاحتياطات الحالية بحلول عام 2021- 2022م للزيت الخام وعام 2014م، 2015م للغاز الطبيعي.

وأشارت الدراسة إلى أنه في ضوء تنامي الاستهلاك المحلي من الزيت الخام ستضطر الحكومة إلى شراء كامل حصة الشريك الأجنبي والاستيراد من الخارج، بتكلفة يتحملها الاقتصاد المصري تتراوح ما بين 150- 195 مليار دولار أمريكي، وذلك حتى عام "2021م".
وتبلغ تكلفة سد العجز من الغاز الطبيعي لتلبية الطلب المحلي إلى ما بين "68، 122" مليار دولار أمريكي خلال عام "2010، 2014م".
وذكرت الدراسة التي أعدتها الدكتورة رشا مصطفى عوض أنه يتم في الوقت الراهن تغطية الفجوة بين احتياجات السوق المحلية ونصيب مصر من الإنتاج عن طريق الشراء من حصة الشريك الأجنبي والاستيراد من الخارج، متسائلة: كيف يمكن لهذا التوجه أن يستمر في ضوء انخفاض مستويات الإنتاج، ومن ثم حصة الشريك الأجنبي، إضافة إلى التقلبات في مستويات الأسعار العالمية؟".

وحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية؛ فإن مصر تقوم باستيراد البترول منذ عام 2007م؛ حيث أنتجت 365 ألف برميل يوميًّا للبترول في 2007م مقابل الاستهلاك البالغ 680 ألف برميل يوميًّا بعجز بلغ 15 ألف برميل يوميًّا، وزاد العجز عام 2008م إلى 66 ألف برميل يوميًّا كفرق بين الإنتاج 631 ألف برميل، والاستهلاك 697 ألف برميل.
وحسب بيانات منظمة الدول المصدرة للبترول "الأوبك" أن إنتاج مصر في عام 2008م من الغاز الطبيعي يبلغ 48.3 مليار متر مكعب، يتم استهلاك 41 مليار متر وتصدير الباقي بالمقارنة بعام 2000م البالغ 22 مليار متر مكعب، وبالتالي يتضاءل معدل التصدير.

والسؤال: إذا كان هناك عجز فعلي أو فرق في الإنتاج والاستهلاك؛ فلماذا تصر الحكومة على تصدير الغاز؟! وهل من الممكن أن تقوم مصر بعدما كانت تصدر الغاز للكيان الصهيوني بأرخص الأسعار باستيراد الغاز المصري منه بسعره العالمي؟

(إخوان أون لاين) حاول فك طلاسم هذا الموضوع بعرضه على الخبراء المتخصصين في التحقيق التالي:



محاسيب الغاز


يؤكد محمد رضا محرم أستاذ هندسة واقتصاديات التعدين وعميد كليه الهندسة بجامعة الأزهر سابقًا أن أسعار البترول والغاز ليست منخفضة في هذا الوقت- كما تدعي الحكومة- لأن المعدل الطبيعي لسعر البترول يتراوح ما بين 70 و80 دولارًا للبرميل، والغاز الطبيعي سعره مرتبط بارتفاع وانخفاض سعر البترول، موضحًا أنه إذا كان هناك انخفاض حاد لسعر الغاز فكان في أواخر عام 2008م وليس 2009م؛ حيث يصل السعر الحالي في البورصات العالمية للغاز إلى 8 أضعاف السعر الذي تصدر به مصر الغاز للأردن أو الكيان الصهيوني.


ويشير إلى أن مصر في الفترة الماضية تقوم بتصدير الغاز السائل عبر خطوط الأنابيب في دمياط وإيبكوا عبر خط الغاز العربي المتجه إلى "الأردن والكيان الصهيوني وسوريا"، وتطمح مستقبلاً لتصديره إلى تركيا ولبنان بأسعار منخفضة للغاية، وكانت مصر تستوفي احتياجات التصدير بشرائها من الشريك الأجنبي بالسعر المرتفع، وتبيع بالسعر المنخفض، وتتحمل الخزانة المصرية الفرق وهو 8 مليارات جنيه سنويًّا، يخص الكيان الصهيوني منهم 3.6 مليارات، أي أن الحكومة المصرية تدعم شعب الحكومة الصهيونية دعمًا مباشرًا بهذا المبلغ الهائل، في الوقت التي تستكثر فيه على شعب مصر دعمًا هامشيًّا في البوتاجاز والبنزين.

ويوضح أنه في حالة استيراد الغاز الطبيعي من العراق أو من قطر أو من إيران إذا فكروا في ذلك، باعتبار هذه الدول تمثل القوس الجنوبي الشرقي لخط الغاز العربي سوف يكون الشراء من أين؟ من هذه الدول بأضعاف أضعاف السعر الذي تشتري به مصر من الشريك الأجنبي.
ويرى أن الهدف الرئيسي من عمليه الاستيراد هو تسليم الشريك الأجنبي المشاركة في الإنتاج في الداخل؛ ليقوم بتسليم المستورد الأجنبي في الخارج بأقل سعر؛ ما يؤدِّي إلى مضاعفة الأعباء التي تتحملها الخزانة المصرية من الضرائب التي يدفعها الشعب لتسوية الفرق بين الاستيراد والتصدير.

ويقول إن المشكلة الحقيقة التي يعاني منها الغاز الطبيعي في مصر هي مشكلة التخريب التي حدثت على يد وزير البترول الحالي، ويقوم الآن باستطراد في المزيد من التخريب بطرح استيراده للغاز.

ويضيف "أن استيراد الغاز لا يستهدف سوى فتح باب للاتجار والتربح، والحصول على العمولات لصالح المحاسيب من الاستيراد أسوة بالعبث والإجرام الذي حدث ويحدث في التصدير، وأن عملية النهب سوف تكون ذهابًا وإيابًا على حس خط الغاز العربي، حسب الأغنية التي أطلقها الوزير سامح فهمي".



الشريك الأجنبي



ويرى السفير إبراهيم يسري المنسق القانوني لحملة "لا لنكسة الغاز" أن الإعلان عن دراسة اتجاه استيراد الغاز يثبت وجهة نظر الحملة عند قيامها برفع الدعوة ضد وزارة البترول، والتي تؤكد أن ليس لدينا مخزون احتياطي من الغاز التي تسمح بالتصدير، وإن كان يوجد مخزون يجب الاحتفاظ به للاستهلاك والسوق المحلية.

ويشير إلى أن الحكومة تقوم بتصدير الغاز للكيان الصهيوني وبعض الدول بتوقيع اتفاقيات بسعر أقل من السعر العالمي، وفي المقابل تشتري جزءًا من حصة الشريك الأجنبي لسد العجز.

ويؤكد أن عملية استيراد الغاز من العراق مسألة محل نظر؛ لأن دوله العراق دوله أحوالها الاقتصادية ليست مستقرة بسبب وجود الاحتلال بها، ولا أحد يستطيع التحكم في الأنابيب.

ويتوقع أن تستورد مصر الغاز من العراق لصالح دول أوروبا؛ لينافس الغاز الروسي الذي ارتفع سعره بنسبه 11% خلال الأيام الماضية.



سر الوزير


ويستنكر الباحث مجدي صبحي الخبير في شئون الغاز بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بـ(الأهرام) الكلام الذي يتردد على لسان وزير البترول، موضحًا أنه كلام ليس له معنى أو أي أساس من الصحة، والدليل على ذلك هو ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي عالميًّا وليس انخفاضه كما يقول.
وتساءل: لماذا لم تدرس الحكومة عند انخفاض أسعار البترول والغاز في الشهور الماضية، والذي وصل الانخفاض فيه إلى نصف السعر الحالي، وتقوم بدراسته في الوقت الذي ارتفع فيه السعر؟!

وتعجب صبحي من دوله لديها فائض في الغاز الطبيعي لدرجة أنها تقوم بتصديره للخارج، وتفكر في استيراد غازًا طبيعيًّا من الأساس، موضحًا أن هناك حلقة مفرغة وشيئًا غير مفهوم يحاول الوزير إخفاءه قد ينتج عنه خسائر فادحة.


الهروب من المأزق



ويستنكر صابر أبو الفتوح عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب ما صرَّح به الوزير سامح فهمي، معتبرًا أنه ينافي ما قالته الحكومة عندما بدأت تصدير الغاز للكيان الصهيوني بأن مصر تمتلك غازًا طبيعيًّا يكفي استهلاكها المحلي لمدة تتجاوز 100 سنة.

ويرى أن دراسة استيراد الغاز من الخارج توحي بأمرين الأول هو أن المخزون الإستراتيجي الذي تمتلكه مصر من الغاز لا يزيد عن 20 سنة، وبالتالي سيحدث عجز في الغاز، وتقع مصر في مأزق لعدم قدرتها على سداد الكمية المطلوبة للاتفاقيات التي أبرمتها مع الكيان الصهيوني لمدة 25 عامًا، وبالتالي تسعى إلى زيادة الاحتياطي.

الأمر الثاني هو نية الحكومة باستيراد الغاز الهدف منه مصالح فئوية، وأن هذا الأمر مرفوض؛ لأنه في النهاية تدليس على الشعب المصري، ولم يستبعد أبو الفتوح هذا الاحتمال قائلاً: إن هذه الحكومة اعتادت بالكذب على شعبها، مستهجنًا موقف الحكومة التي قامت من قبل بتصدير الغاز؛ بحجه الحصول على العملة الصعبة؛ فلماذا تسعى الآن لاستيراد الغاز أيضًا بالعملة الصعبة؟!.

ليست هناك تعليقات: