الثلاثاء، ٢٣ يونيو ٢٠٠٩

الرئيس الروسي في القاهرة اليوم لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين

الدستور

وفتح طريق في المنطقة العربية للدب الروسي

مراقبون : الزيارة تأتي بعد عدة تحركات دبلوماسية لموسكو..ومن المتوقع أن يلقي ميدفيديف خطاباً في جامعة الدول العربية

رسالة موسكو: د. أشرف الصباغ:

يبدأ ـ الرئيس الروسي ـ ديمتري ميدفيديف اليوم ـ الثلاثاء ـ زيارته للقاهرة في بداية جولة أفريقية تشمل ناميبيا وبعض الدول الأخري. جدول الزيارة يتضمن عدة محاور أساسية، بينها العلاقات الثنائية (اقتصاد - طاقة - استثمارات)، وعملية التسوية في الشرق الأوسط، والملف النووي في المنطقة (الملفان النوويان الإسرائيلي والإيراني، وجعل المنطقة خالية من السلاح النووي). الدوائر الدبلوماسية في موسكو تعتبر الزيارة الأولي للرئيس ميدفيديف إلي منطقة الشرق الأوسط،

وبدئها من العاصمة المصرية، عقب مرور العام الأول من وصوله إلي الكرملين تمثل دلالة مهمة علي طريق التفاهم بين موسكو والقاهرة. وتأتي الزيارة بعد عدة تحركات دبلوماسية علي مختلف المستويات. فقد زار العاصمة الروسية وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، وبعده وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان. وقامت ـ وزيرة الخارجية الأمريكية ـ هيلاري كلينتون بزيارة إلي المنطقة، بينما زار ـ وزير الخارجية الروسي ـ سيرجي لافروف لبنان، وتحرك نائبه، مبعوث الرئيس الروسي في الشرق الأوسط ألكسندر سلطانوف، في عدد من دول المنطقة. كل ذلك علي خلفية اللقاءات المتعددة للأطراف الفلسطينية واللبنانية والإسرائيلية في القاهرة. من جهة أخري مثلت زيارة ـ الرئيس الأمريكي ـ باراك أوباما «فتحاً كبيراً» للمنطقة التي يبدو أن أنظمتها السياسية كانت في حاجة ماسة إليها. وكانت موسكو تترقب من بعيد هذه الزيارة المهمة التي استخدم فيها أوباما كل الأسلحة الممكنة، بما فيها الدين والفلسفة ومبادئ العدالة والمساواة. بعض المراقبين لم يخف إمكانية أن يستخدم ميدفيديف نفس الأدوات، خاصة أن روسيا تحمل صفة مراقب في منظمة المؤتمر الإسلامي. بل أكد البعض أن الرئيس الروسي سوف يذكر العالم الإسلامي بوجود 20 مليون مسلم في روسيا، أي 3 أضعاف المسلمين تقريباً في الولايات المتحدة. وإذا كان أوباما خاطب العالم الإسلامي من جامعة القاهرة، فمن المتوقع أن يخاطب ميدفيديف العالم الإسلامي من مقر جامعة الدول العربية. علي الجانب الآخر، تري أوساط سياسية أنه علي الرغم من تأكيد القاهرة وموسكو تقارب بعض المواقف، وتطابق بعضها الآخر، فإن هناك خلافات خفية حول الملف النووي الإيراني، وعدم إمكانية موسكو التأثير في مواقف الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي ترغب في إعادة الأمور إلي ما تحت الصفر، ومعارضة القاهرة توسيع إطار اللجنة الرباعية كما تلوح موسكو بين الحين والآخر. إضافة إلي ملف الصراع بين مصر وروسيا حول تصدير الغاز الطبيعي إلي إسرائيل. كما أن الخلافات الدفينة بين القاهرة ودمشق تمثل ملفا شائكاً بين الأولي وموسكو، نظراً للعلاقات السورية - الروسية الجيدة.

بكلمات أخري تطالب القاهرة، كما صرح وزير الخارجية المصري أثناء وجوده في موسكو، بعدم الضغط علي الجانب العربي لقبول ما لا يمكن قبوله في حين تظل إسرائيل طليقة اليد والسلاح ضد الفلسطينيين والدول المجاورة.

من المتوقع أيضاً أن يوقع الرئيسان المصري والروسي 5 اتفاقيات بعضها في مجالات لم يسبق التعاون فيها. وأكدت مصادر روسية أن ملف التعاون في الطاقة النووية السلمية سيفتح بجدية. وإن لم توقع اتفاقية في هذا الشأن سيعد الجانب المصري ببعض التسهيلات في المناقصات المقبلة ببناء محطات كهروذرية لتوليد الكهرباء في مصر.

من جهة أخري تبذل القاهرة محاولات تتراوح بين الفشل والنجاح لتقريب المواقف بين الأطراف الفلسطينية من ناحية، وبين الفلسطينيين عموماً والإسرائيليين من ناحية أخري. بقي فقط موقف موسكو الذي سيتضح إبان زيارة ميدفيديف. وقد يترتب علي هذه الزيارة جزء من مصير مؤتمر موسكو للتسوية علي خلفية التأجيل المتواصل. فيبدو أن روسيا قررت تنشيط تحركاتها الشرق أوسطية بعد زيارة أوباما وكلينتون إلي المنطقة ولقاءاتهما مع المسئولين في الدول العربية وإسرائيل. ولا يخلو طريق روسيا في هذا النشاط من عقبات حيث لم يتسن لها إلي الآن جمع كل الأطراف المعنية بالتسوية في الشرق الأوسط حول طاولة واحدة. وبالتالي مازال موعد انعقاد مؤتمر موسكو الدولي حول الشرق الأوسط يؤجل دائماً لدرجة لم يصبح فيها أي مسئول روسي قادرا علي تحديد هذا الموعد بدقة.