الاثنين، ٤ مايو ٢٠٠٩

وسط إجراءات أمنية مشددة وتفتيش ذاتي للمحامين.. الإدارية العليا توقف النظر في الطعن ضد قرار وقف تصدير الغاز لإسرائيل

المصريون

كتب أحمد حسن بكر ومحمد عفت

قررت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة أمس الاثنين، وقف السير في نظر الطعن المقدم من هيئة قضايا الدولة، على حكم محكمة القضاء الإداري الذي قضى بوقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل بأسعار تفضيلية تقل عن الأسعار العالمية، وذلك لحين الفصل في طلب رد هيئة المحكمة المقدم من هيئة الدفاع عن رافعي الدعوى.
وشهدت الجلسة إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة، إذ احتشدت قوات الأمن على سلالم مبنى مجلس الدولة وأحاطت به من الخارج، ومنعت المصورين الصحفيين والكاميرات التلفزيونية من الدخول، إلى جانب التدقيق في هوية كافة المترددين على المجلس من متقاضين ومحامين وصحفيين إلى حد التفتيش الذاتي.
وهو الأمر الذي دفع عصام سلطان المحامى وأحد أفراد هيئة الدفاع عن السفير إبراهيم يسرى مقيم الدعوى، للاحتجاج لدى المستشار إبراهيم الصغير، قائلا إنه تم منعه من الدخول لحضور الجلسة لمدة 45 دقيقة، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يعد إهانة في حق المحامين باعتبارهم جزءا من الكيان القضائي.
ومنعت قوات الأمن أمس مظاهرة مناهضة لتصدير الغاز لإسرائيل أمام مجلس الدولة، كان اللجنة القومية للدفاع عن سجناء الرأي تعتزم القيام بها صباح أمس أمام مجلس الدولة بمناسبة مواصلة نظر الدعوى المرفوعة لوقف تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل وللاحتجاج على الزيارة المرتقبة لرئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مصر.
وصرح أحد أعضاء اللجنة لـ "المصريون" أن اللجنة تطالب بإحالة الدعوى إلى دائرة أخرى لما يروه من عدم صلاحية رئيسها المستشار إبراهيم الصغير وعضو يمينها للفصل في هذه الدعوى، لمخالفة ذلك لقرار الجمعية العامة للمحكمة الإدارية العليا حيث أنه من المفترض رئاسة المستشار إسماعيل صدقي لهذه الدائرة.
وتقول هيئة قضايا الدولة في طعنها، إنه ليس هناك علاقة تعاقدية بين دولة مصر ودولة إسرائيل بشأن تصدير الغاز الطبيعي، وإنما العلاقة التعاقدية بين الشركة المصرية القابضة للغازات والهيئة المصرية العامة للبترول وشركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز، ومن ثم تخرج هذه العلاقة عن دائرة اختصاص القضاء الإداري، باعتبار أنها علاقة تعاقدية تجارية بحتة مما كان يتعين معه القضاء بعدم الاختصاص، "أما وقد ذهب الحكم فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد اعتوره عوار قانوني يتعين معه وقف تنفيذه".
وأضافت "أن الحكم المطعون عليه سوف يترتب على تنفيذه أضرار جسيمة يتعذر تداركها"، مشيرة إلى أن "البترول أو الغاز الطبيعي المستخرج من الأراضي المصرية هو نتاج اتفاقيات بترولية صادرة بقوانين من السلطة التشريعية تعطي الحق للهيئة المصرية العامة للبترول وللشركات المختلفة في البحث عن البترول واستغلاله".
وقالت إن المختص بتحديد أسعار الغاز هو أهل الخبرة في شئون تصديره، وإنه كان ينبغي على محكمة القضاء الإداري الاستعانة بهم ليوضحوا رأيهم بهذا الشأن، خاصة وانه من المستقر علميا استحالة تخزين الغاز لفترات طويلة.
وأشارت إلى أنه لا توجد مستودعات كافية لاستيعاب كميات إضافية من الغاز، نظرا للتكلفة المرتفعة لتخزينه ومحدودية السوق العالمي له، مؤكدة أن الدولة ستتكبد خسائر فادحة يصعب تداركها نتيجة فقدان كميات كبيرة من الغاز في حال إيقاف تنفيذ القرار الذي يسمح ببيع الغاز لإسرائيل بالسعر المتفق عليه.
وسبق لذات دائرة المحاكمة أن قضت من قبل بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري، وقررت إحالة الطعن لهيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه، والذي جاء مضمونه مؤيدا لحكم محكمة القضاء الإداري، وذلك في الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة على حكم القضاء الإداري الصادر في 18 نوفمبر من العام الماضي والذي قضت فيه المحكمة بوقف قرار بيع الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار تفضيلية تقل عن الأسعار العالمية وقيمتها السوقية.
وكان السفير السابق بالخارجية إبراهيم يسرى أقام دعوى أمام القضاء الإداري، مطالبا فيها بوقف قرار بيع الغاز المصري إلى إسرائيل على اعتبار أنه ينتقص من السيادة الوطنية ومصالح مصر.
وقدر حجم خسائر مصر بتسعة ملايين دولار يوميا جراء هذه الصفقة، وقال إن صفقة كهذه كان لابد من التعامل معها بعرضها أولا على مجلس الشعبـ لإبداء رأيه فيها بالموافقة أو الرفض على اعتبار أن الغاز المصري ملك للشعب وليس لشركة خاصة، خاصة وأن المدة المقدرة للغاز بمصر في حدود 17 سنة، بما يعني أن صفقة كهذه في حكم الإهدار للمال العام والثروة القومية.
يذكر أن الدكتور سيد أحمد محمد الخراشي رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية للبترول السابق، ورئيس مجلس إدارة جمعية رواد صناعة البترول وأربعة آخرين بينهم مسئولون سابقون بعدد من شركات البترول تقدموا في 18 فبراير الماضي ببلاغ إلي المستشار عبد المجيد محمود النائب العام ضد إبراهيم يسري السفير السابق وصاحب دعوى وقف تصدير الغاز إلي إسرائيل وإبراهيم مصطفي زهران عضو معهد بحوث البترول، بالإضافة إلى أحد الصحفيين بإحدى صحف المعارضة للتحقيق معهم بتهمة نشر أخبار كاذبة، بقصد تكدير السلم العام وإثارة الفزع بين المواطنين وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، كما طالبوا بتحريك الدعوى الجنائية ضد ضدهم.
وقال مقدمو البلاغ إن المشكو في حقهم دأبوا علي إذاعة أخبار وإشاعات كاذبة مغرضة وأنهم أساءوا إلي رموز وقيادات قطاع البترول وقذفهم ونعتهم بصورة مسيئة تحط من قدرهم.
كما أوضحوا في بلاغهم أن من بين هذه الأخبار الكاذبة والمغرضة ما صرح به السفير إبراهيم يسري لأحدي الصحف بأن حصة بيع الغاز لإسرائيل "سبوبة"، وأن احتياطي مصر من الغاز يصل إلي 1.27 مليون متر مكعب وأن خسارة مصر من كمية الغاز التي تصدرها لإسرائيل 5.9 مليون دولار يوميا.
وأضافوا "أن الدكتور إبراهيم زهران أذاع أخبار كاذبة أيضا، حيث أنه قال في تصريح صحفي إن الغاز الطبيعي المصري سوف ينضب في عام 20.16 وأنه حذر من ذلك، وأشار في تصريحاته إلي أن مصر تصدر 33% من إنتاجها من الغاز لإسرائيل".
وتم توقيع اتفاق تزويد الغاز المصري لشركة الكهرباء الإسرائيلية عام 2005، وبدأ تنفيذه في أغسطس الماضي. ويشمل تزويد إسرائيل سنويا بكمية من الغاز تصل إلى 7ر1 مليار متر مكعب لمدة 15 عاما، مع إمكانية زيادة الكمية بنسبة 25% وزيادة المدة الزمنية لـ 5 سنوات أخرى. وأثارت هذه الاتفاقية جدلا واسعا في مصر على مستويات مختلفة، خاصة أن تفاصيلها لم تعرض على مجلس الشعب، وتحدد الاتفاقية السعر بـ 1.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، وهو سعر أقل من سعر التكلفة الذي يبلغ 2.6 دولار، في حين أن قيمته السوقية تزيد عن 9 دولارات.

ليست هناك تعليقات: