الاثنين، ١٣ أبريل ٢٠٠٩

د. محمد أبو الغار عن القمة والغاز وأشياء أخري

العربى

د. محمد أبو الغار

.. «عليك واحد»!

انعقد الأسبوع الماضى مسلسل آخر لمؤتمرات القمة العربية فى الدوحة باستضافة قطر وكالعادة لم يقّدم المؤتمر ولم يؤخر شيئاً وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، إلا أن المسلسل هذه المرة صاحبته بعض حوادث الأكشن والدراما التى جعلت ما حول المؤتمر أكثر إثارة من المؤتمر نفسه.
أولها موقف الرئيس مبارك الذى قالت الصحف القومية هيسافر... مش هيسافر... وأخيراً لم يسافر مبارك وكتبت الصحف باختصار أن الموضوع خناقة شخصية بين حاكم مصر وحاكم قطر وهذا أمر طبيعى ومعروف بين حكام البلاد العربية وحدث عشرات المرات بين مختلف الحكام وهو ما يماثل خناقة فى الشارع حين يقول أحد المتعاركين سيب وأنا أسيب، وقيل إن سبب غضب مصر من قطر هو مساندتها لموقف حماس وقيل أيضاً استضافتها لسعد الدين ابراهيم وبعض المعارضين المصريين فى الخارج وكذلك موقف قناة الجزيرة. عموماً من المفروض ألا يأخذ أحد على خاطره فى اجتماعات القمة لأنه من المفروض أن يبرز وجهة نظر بلده ولكن لأن القمم العربية لا تقوم بأى شيء مفيد فحكاية إظهار الغضب بعدم حضور القمة شيء مقبول لأن القمة أصلاً ملهاش لازمة.
الشيء الثانى الملاحظ هو تغطية الصحف المصرية للقمة فدائماً يكون تغطية الصحف المستقلة والمعارضة بها حرفية عالية حين تضع أخبار القمة فى حجم أهميتها وهو محدود للغاية أما الصحف القومية فكانت تغطية القمة تأخذ منها أربع إلى خمس صفحات كاملة حين كان الرئيس يذهب للمؤتمر، منها صفحتان للرئيس فى مقابلاته مع العشرميت رئيس كل على حدة والثلاث صفحات الأخرى للرئيس أيضاً فى أثناء إلقاء كلمته وتفاصيل كلمته وتعليق وكالات الأنباء العالمية على كلمته والدروس المستفادة من كلمته. والحمد لله، حين لم يذهب الرئيس انخفض الحديث عن القمة ولم يصبح هناك مجال للحديث عن الخطاب التاريخى الذى سوف يلقيه الرئيس فى قطر وانخفض حجم التغطية الإعلامية وانقرض كل ما أعد سابقاً عن مدى تأثير زيارة الرئيس والدروس المستفادة من كلمته العظيمة.
الشيء الآخر الذى حدث فى مؤتمر قطر هو التطور العظيم فى الأداء المسرحى للقائد الليبى حين أبدع مشهداً كوميدياً تراجيدياً عظيماً أثناء حفل الافتتاح وربما كان هذا الحدث هو الأهم فى المؤتمر على الأقل من الناحية الفنية وللأسف لم يشهده أحد كبار المخرجين العالميين وإلا فكنا دخلنا العالمية كما يقولون.
و أخيراً كان المؤتمر فرصة ذهبية لتبادل القبلات بين الرؤساء والملوك العرب، للمساعدة فى نشر الزكام والأنفلونزا، لأنهم وحشوا بعض جداً. أما بالنسبة لمصر فلقد تم توفير بنزين طائرة الرئيس وتكاليف الوفد المرافق له وهذا إنجاز كبير.
لم نر فى مؤتمر القمة الأوروبية طوال تاريخها وهو بالمناسبة أقصر من عمر جامعة الدول العربية أن خاصم جوردن براون السيد ساركوزى أو أن رئيس وزراء إيطاليا قد قام بفاصل ردح للسيدة رئيسة وزراء ألمانيا لأن الموضوعات لا يمكن أن تكون شخصية وإنما مصلحة البلد فوق كل شيء وحتى مستقبله الشخصي. لا مجال للخصام والزعل. لم نسمع عن أحد واخد على خاطره أو أحد غضبان وقال أنا مش لاعب لأن هذه الدول قد عبرت منذ زمن طويل أية ألاعيب بائسة.
تصدير الغاز لإسرائيل: معلومات بالأرقام
نشرت الشروق اليومية لخبير البترول المصرى عمرو حمودة تفاصيل عن ثمن بيع الغاز إلى إسرائيل مقارنة بالأسعار العالمية وأوجزها لكم فى الجدول المبين. وحيث إنه من المعروف منذ فترة طويلة أن هناك تفريطا فى ثروة مصر من الغاز وبيعها بأسعار منخفضةـ وقد قاد هذه الحملة السفير ابراهيم يسرى الذى أخذ الأمر إلى القضاء الإدارى وحكمت المحكمة لصالحة إلا أن المحكمة الإدارية العليا قامت بإيقاف تنفيذ الشق المستعجل من الحكم. وبعد أن صدر قرار هيئة مفوضى الدولة فى صالح حكم المحكمة الإدارية أصبح رفضهم للدعوى فى المحكمة العليا صعباً.
سعر بيع الغاز لإسرائيل مقارنة بالأسعار العالمية
سعر البيع لإسرائيل
السعر العالمى يوم توقيع الاتفاقية
سعر شراء مصر للغاز من الشريك الأجنبي
السعر العالمى حالياً
0.75 دولار للوحدة
6 دولارات للوحدة
5.3 دولارات للوحدة
21 ـ 61 دولارا للوحدة
الوحدة: مليون وحدة حرارية بريطانية
يرتفع ثمن تصدير الغار إلى 1.25 دولار إذا ارتفع ثمن برميل البترول إلى 35 دولارا
مدة الاتفاقية 15-20 عاماً.
والحقيقة أن هذه هى المرة الأولى التى تنشر أرقام دقيقة عن سعر التصدير مقارنة بأسعار عالمية وبالطبع التدنى الشديد فى ثمن تصدير الغاز إلى إسرائيل هو سبب إحجام وزير البترول عن إعلان سعر التصدير لأنه لو أعلن سوف تكون فضيحة كبرى ولذا تمسك بالغموض الشديد فى هذا الأمر وهو أيضاً السبب فى إنشاء شركة وسيطة بين مصر وإسرائيل لاتمام الصفقة، لأنه بالإضافة إلى فتح أوسع الأبواب للسمسرة فى البترول المصرى فإن الاتفاقية تكون بعيدة عن مجلس الشعب وعيون الرقابة. وهو شيء جيد فى الظروف الاقتصادية التى نمر بها.
ويقول الخبير البترولى إن فاتورة الكهرباء تكلفتها أقل بعشرين فى المائة فى اسرائيل بسبب تصدير الغاز المصرى الرخيص لإسرائيل. وعندما طالبت مصر برفع سعر الغاز قالت الصحف الإسرائيلية إن السبب فى ذلك ليس ارتفاع أسعار البترول كما تدعى مصر وإنما هو ضغط المعارضة المصرية على بيع الغاز بهذا السعر المتدني.
وأخيراً فإن الأمر يرقى إلى مرحلة الخيانة العظمى لأن هذه الأرقام مفزعة وإبراء ذمة الحكومة لا يكون إلا بإلغاء سرية أسعار البيع وعرض كل شيء على الشعب ومجلسه وطوال الاستمرار فى الإصرار على سرية الأسعار وتفاصيل الصفقة فإن الريبة والشك فى أمانة الحكومة سوف تظل مستمرة وللعلم فإن الأسرار قد تسربت بالتفصيل من بعض الأمناء الوطنيين المصريين وكذلك من الإسرائيليين.
و أعتقد أن حكم المحكمة الإدارية العليا بمنع تصدير الغار إلى أى دولة إلا بالأسعار العالمية سوف يسهل مهمة الدولة المصرية فى هذا الأمر.
نظيف يقول لهانى هلال «عليك واحد»
الأغلبية العظمى من أساتذة الجامعة المصرية انحدر بها الحال لتصبح تحت خط الفقر وتلاقى صعوبات شديدة للحياة بطريقة كريمة والغالبية العظمى أيضاً تؤدى واجباتها الجامعية بقدر استطاعتها فى ظروف جامعية شديدة البؤس من ناحية الإمكانيات للتدريس للطلبة وعدم وجود أى ميزانيات للبحث العلمي. وقد كتب البنك الدولى فى تقريره أثناء زيارة لتفقد أمور التعليم الجامعى فى مصر بأن الوزير قال إنه من المستحيل تغيير قانون التعليم العالى فى مصر قبل زيادة دخول الأساتذة المتدنية وفعلاً اخترع الوزير نظاما اسمه دفعات مالية للأساتذة المشتركين فى نظام الجودة المستحدث وقد اشترك فى هذا المشروع نسبة من أعضاء هيئة التدريس اختلفت من جامعة إلى أخرى وكان من المفروض حسب القواعد التى وصفها الوزير أن يتم صرف ثلاث دفعات حتى الآن وتصرف الدفعة الرابعة فى الشهر القادم ولكن لم تصرف غير دفعة واحدة حتى الآن وأرسل وزير المالية خطاباً للوزير ثم للجامعات يفيد بأن على الجامعات تدبير هذه الأموال من مواردها الداخلية وهو أمر رفضته بعض الجامعات ولا تستطيع تحقيقه بعض الجامعات الأخرى نظراً لعدم وجود موارد عندها.
الوضع أصبح مزرياً ويثير الغثيان من تصرف هذا الوزير فإما أنه كان غير صادق فيما قاله وقرره وأرسله مكتوباً للجامعات بخصوص صرف دفعات للأساتذة أو أن مجلس الوزراء ضحك عليه وقال له عظيم سوف نصرف هذه الدفعات ثم قال له "عليك واحد" لن نصرف شيئاً، وفى كلتا الحالتين الوضع فضيحة كبري.
قد يقول قائل إن الظروف الاقتصادية صعبة وعلينا ربط الحزام وأنا أوافقه ولكن ربط الحزام يكون للجميع بداية من أكبر رأس فى البلد، ولكن دعنا ننظر إلى الجامعة المصرية بالتأكيد لا توجد شفافية لأن الشفافية تعنى أن تكون ميزانية الجامعات كلها معلنة على الانترنت ومتاحة لجميع الأساتذة للاطلاع عليها ولقد سمعنا أن دخل رؤساء الجامعات الرسمى القانونى من الجامعة يصل فى بعض الجامعات إلى نصف المليون جنيهاً شهريا.
نشرت «المصرى اليوم» يوم الجمعة الماضى أن «الأودا» وهى إحدى أفرع الأمم المتحدة التى تعطى معونة لمصر عن طريق وزارة التعاون الدولى وفى مجال الإدارة قد أعطت لوزير التعليم العالى مبلغا ما وذلك لتطوير الهيكل الإدارى والسكرتارية الفنية للوزير والغريب فى الأمر أن هناك خلافا هل هذه الأموال تظهر فى ميزانية الوزارة أم لا تظهر وهل الأموال تلقاها الوزير بصفته الشخصية أم بصفته وزيراً للتعليم؟! وحتى كتابة هذا المقال لم يرد الوزير. بالطبع يفترض حسن النية ولكن تظل هذه هى الطريقة المثلى للإفساد. كيف يمكن أن يتلقى موظف عمومى أموالاً من أى جهة ولا تكون مثبتة وموضحة ومعلنة للجميع من أول يوم؟! إن مثل هذه الأمور تنمو بسهولة لتصبح فساداً عظيماً فى مكاتب الوزراء وما قد تم ضبطه وإعلانه هو قطرة فى بحر كبير فى مكاتب وزراء الزراعة والثقافة والإسكان.
وقد تدهور الحال بأستاذ الجامعة الذى كان مرتبه يكفل له حياة كريمة حتى الستينيات من القرن الماضى إلى الوضع الحالى الذى يضطر القلة منهم للقيام بأعمال لا تليق بوضع أستاذ الجامعة وفى نفس الوقت تدهورت أيضاً مكانة الأستاذ صاحب الرؤية والاستقلال فى الرأى تحت ضغط جامعة يقودها ويتحكم فيها الأمن. إن بداية مربوط الأستاذ هو 135 جنيهاً فى الشهر يضاف إليه 40 جنيهاً بدل جامعة وبإضافة العلاوات الاجتماعية والسنوية ومكافآت الامتحانات وغيرها يتعدى مرتب الأستاذ القديم الذى خدم الجامعة 35 عاماً ثلاثة آلاف جنيه شهرياً بقليل. لا بد أن يرتفع المرتب الأساسى لعضو هيئة التدريس وبالتالى ترتفع الإضافات حتى يتحسن المرتب النهائى الذى يحصل عليه الأستاذ.
وبهذا تقلص دور الأستاذ من قائد لقاطرة التقدم فى الوطن إلى مدرس فى الجامعة يلقى محاضراته ولا يبدى رأياً أو فكراً وأصبح طلابه فى الجامعة فى معظمهم قليلى المعرفة رأوا بأعينهم أن الحياة فى مصر تبدأ بتزوير انتخابات اتحادهم الطلابى وتنتهى بمدرج يستمعون فيه إلى محاضر على بعد عشرات الأمتار يرونه بصعوبة وسط الزحام وأخيراً يطلب منهم دفع خمسة جنيهات لمعرفة نتيجة امتحانات السنة كما قرر رئيس جامعة عين شمس.
مقابلة مع قائد قطار
شغلنى موضوع جرارات القطارات المستوردة من أمريكا بالأمر المباشر خاصة أن الموضوع أثير حوله كلام كثير عن شبهة فساد وعدم دراسة المواصفات جيداً واستلام جرارات بها عيوب جوهرية وشاءت الصدف أن حضر إلى عيادتى سائق جرار مع زوجته وسألته فكانت إجابته بأن هذه الجرارات لا يمكن استخدامها فى خطوط الركاب المهمة وهما خط القاهرة ـ الاسكندرية والقاهرة ـ أسوان لأنه لا يمكن أن يتم شبك الجرار فى عربات القطار إلا بعد عمل تعديلات جوهرية لم ينجحوا فى عملها حتى الآن ولكن يمكن شبكها فى قطارات البضاعة وهذا هو السبب الحقيقى بأن الجرارات تستخدم فى جر قطارات البضائع فقط أما بالنسبة لارتفاع الجرار فهو أعلى من المستوى السابق ولكن لا خطورة منه إلا على المتسطحين فوق القطار.
والمشكلة الأخرى أنه لا يمكن دخول وخروج القاطرة بسهولة وأنه لا يصلح إلا للعمل على خطوط السكك الحديدية الضوئية أما ما يسمى بخطوط السكك الحديدية التى يتسلم السائق فيه اسطوانة ويسلمها بعد أن يعبر كل منطقة فلا يمكن استخدام هذا النوع من القاطرات. الخلاصة أن القطارات جيدة الصنع ولكن بها عيوب جوهرية تعوق استخدامها بطريقة مثلى على جميع الخطوط ولا تصلح لقطارات الركاب.

ليست هناك تعليقات: