الوفد
بقلم: محمد حامد الجمل
<< ذكرت بمقالي السبت الماضي، انعدام سند ترزية القوانين، في الزعم بأن ما يعد قانوناً فقط خاضعاً للمراجعة من مجلس الدولة، ومجلس الشعب، في مشروعات القوانين المتعلقة بمنح »التزامات الغاز والبترول«، هو نص المادة بعد الديباجة التي تقضي بمنح الالتزام مع مادة النشر والنفاذ، أما ما هو ملحق بالمادتين من خرائط وشروط الالتزام كلها فإنها ليست من القانون!! ولكنها مجرد شروط تعاقدية، لا يمكن ولا يجوز ولا لمجلس الشعب ولا لمجلس الدولة، مراجعتها أو تعديل حكمها أو صياغتها!! والأساس الدستوري والقانوني لحتمية مراجعة، كل كلمة في هذه الشروط، ومحاكمتها بنصوص الدستور والقوانين الأساسية القائمة، ما لم تنص علي الاستثناء منها، ويكون هذا الاستثناء جائزاً دستورياً!! يتركز في أن هذه الشروط ىُنص صراحة، في النص المقرر لمنح الالتزام، بأن ذلك يتم »وفقاً للشروط المرفقة... إلخ«، وبالتالي فإنها بمقتضي النص المذكور الذي يقرر فقه ترزية القوانين، أنه نصف القانون!! تعد جزءاً لا يتجزأ من القانون، وبالتالي فإن هذه الشروط، تعد كلها في مرتبة القانون وتخضع في مراجعتها، وصياغتها، وإقرارها لأحكام الدستور، والقوانين المختلفة النافذة، ويؤكد هذه الطبيعة الصحيحة لتلك الشروط، أن معظمها استثناء من القوانين النافذة، وهذا لا يجوز أصلاً إلا بقانون بشرط عدم مخالفته للدستور!! ويجب لذلك أن تصاغ هذه الشروط وتراجع بدقة كأي نصوص في قانون آخر، بحيث يكون كل نص فيها متقيداً بما ورد في الدستور من قواعد إجرائية وموضوعية حاكمة للقوانين، وأن تكون العبارات، قطعية الدلالة علي أحكامها!! وعدم إجراء هذه المراجعة من مجلس الدولة، ومجلس الشعب.. يجعل هذه الشروط أياً كانت تسميتها باطلة!! ولا سند لها من الدستور، بما تتضمن من امتيازات، واستثناءات للملتزم، من أحكام كل أو بعض القوانين النافذة، فهذه الشروط هي القواعد الموضوعية الحاكمة، والضابطة للتعاقد بين السلطة المصرية البترولية والشركات الملتزمة، ورأي »ترزية القوانين« الباطل والفاسد يزعم علي خلاف الدستور والقانون، إنها تمثل »تعاقداً سيادياً«!! تنفرد السلطة التنفيذية شاملة الحكومة مع مؤسسة رئاسة الجمهورية، أو هذه المؤسسة مع وزير البترول!! ولا يتدخل مراجعتها، أو تعديلها في ولاية مجلس الشعب، التشريعية أو الرقابية!! بل هي كما يزعم فقه التزرية عقود ملزمة، وحتمية الإقرار من ممثلي الشعب، رغم تمثيلهم للأمة المالكة وحدها دون شك للثروة القومية، وهي صاحبة السيادة، ومصدر السلطات بصريح نصوص الدستور!! وبالتالي فإن هذه الشروط علي أساس التكييف الباطل والتحكمي المعدوم السند والأساس يتم تمريرها دون مراجعة في دقائق من مجلس الشعب، وقبله من مجلس الدولة (قسم التشريع)، أياً كان ما يشوبها من مخالفات دستورية، موضوعية أو إجرائية، وأياً ما كان بها من إجحاف خطير وإهدار للحقوق الطبيعية للشعب المصري، في الاستفادة من ثروته النفطية القومية وحمايتها، وذلك بمراعاة المعقولية، والأعراف، والأوضاع السائدة في سوق النفط العالمي، وكذلك بمراعاة عدم المساس بالسيادة، أو بالأمن القومي المصري!! ولا شك في أنه قطعا يمس سيادة أية دولة إلزامها بشروط لا يراجعها البرلمان وأن يكون التنازع علي تطبيق وتفسير هذه الشروط والالتزامات مستثني تماماً منه »السيادة القضائية الوطنية«، كما هو ثابت من نصوص هذه الالتزامات التي تقصر الاختصاص علي هيئات تحكم يغلب عليها التشكيل الأجنبي!! بالمخالفة للدستور. << وإذا لاحظنا أن شركات البترول العالمية، قد تتجاوز ميزانيتها السنوية ميزانيات أربع أو ثلاث دول عربية... إلخ، وأنه يتحكم في إدارتها، ويملك نسبة كبيرة من أسهمها اللوبي الصهيو أمريكي، وأن النخبة الأمريكية الحاكمة، وبينها عائلة بوش الأب والابن، وكذلك تشيني ورايس ورامسفيلد... إلخ، مع عدد آخر من كبار المتسلطين الصقور، في إدارة »بوش W« ممن يملكون عدداً ضخماً من أسهم هذه الشركات العالمية، فإنه كما سبق أن ذكرت في مقالات سابقة، أنه حتماً تفسر هذه الحقائق وحدها عديداً من »الغوامض« التي تحيط بطريقة إرساء الحكومة الالتزامات علي هذه الشركات بالأمر المباشر، ودون مزاد عالمي وكذلك سيادة فتوي »ترزية القوانين« بشأن عدم جواز مراجعة مجلس الشعب لأي من هذه الشروط المرفقة بنص قانون منح الالتزام، علي النحو السالف ذكره، بل إن استهداف الإدارة الأمركة السطرة والهمنة علي العالم من خلال السيطرة الكاملة، والاحتكار الإمبريالي للطاقة العالمية، ولإقامة الإمبراطورية الإمبريالية الصهيو أمريكية، وأيضاً قد يفسر لحكامنا ولشعوبنا، أحداث الثماني سنوات خلال حكم بوش Wمع عمليات احتلال العراق وأفغانستان... إلخ، وكيف لم يتم العثور حتي الآن علي بن لادن والقائد لتنظيم القاعدة، و»المجاهدين العرب« معه رغم هذا الاحتلال، وارتباط ذلك بالصلة الوثيقة بين »بن لادن وعائلة بوش« والاستراتيجية الأمريكية لتأمين البترول واحتكاره عالمياً مع مساهمة القاعدة في مقاومة الوجود السوفيتي خلال فترة وجود »الحكومة الماركسية« في السلطة بأفغانستان، وذلك بسلاح وأموال أمريكية من الـ (CIA) وبمعاونة بعض حكومات الدول العربية النفطية وغير النفطية، لإبعاد أي تهديد لأمن وسلامة واحتكار أمريكا لنفط الشرق الأوسط!!. << وعلي أساس من الحقائق السابقة، فقد كان ما انتهي إليه مجلس الدولة بقسم التشريع بشأن إقرار تلك العقود النفطية وشروطها بمعرفة مجلس الشعب طابق صحيح حكم الدستور والمصلحة الوطنية!! ومع ذلك فقد حظي برفض واستهجان الهيئة العامة للبترول في عهد رئاسة المهندس »البنبي« وفي عهد رئيس مجلس الوزراء الراحل »د. عاطف صدقي« الذي أصدر بحدة تعليماته برغم ما بذلناه من جهود مضنية، بإلقاء صياغة وملاحظات مجلس الدولة كلها بسلة المهملات، مع السير في اعتماد هذه الالتزامات وفقاً لما ابتدعه فقه ترزية القوانين بالحزب الحاكم، ومازال لترزية القوانين، وفتاواهم المغرضة والفاسدة الغلبة حتي هذه اللحظة!! وذلك وفقاً لمصالح أمريكا وإسرائيل مع المنافعجية ومراكز القوي بالنظام الشمولي!! ودون أن يلتفت لذلك أعضاء مجلس الشعب، ولا الجهاز القومي للمحاسبات! وعجبي! وقد بلغ الوضع مؤخراً درجة أن يتم تصدير الغاز والبترول المصري بأثمان بخسة عن الأسعار العالمية إلي »دولة عزرائيل« ليضرب قادتها مجرمو الحرب، ويبيدون بالطائرات والمدرعات الشعب الفلسطيني في غزة منذ عدة شهور، وكذلك في الضفة الغربية الفلسطينية!! وكما حدث في جنوب لبنان!! وهذا ما أدي بتحديه المشاعر القومية، وبتهديده الأمن القومي، والمصلحة الاقتصادية القومية، إلي صدور »الحكم التاريخي« من القضاء الإداري بمجلس الدولة، بوقف تنفيذ القرار الباطل لوزير البترول، لمخالفته أحكام الدستور، والقانون لإهداره المصالح القومية العليا للشعب المصري، ورغم ذلك فقد استشكلت وزارة البترول في الحكم بكل جسارة أمام محكمة مدنية لا ولاية لها، ثم طعنت في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا ووبتجاهله تنفيذ حكم وقف التنفيذ!! وقد استندت وزارة البترول علي أن القرار الموقوف هو عمل »سيادة«، والتصدير لإسرائيل قد يتم باتفاق بين شركة خاصة والصهاينة!! وليس بين هيئة البترول ودولة عزرائيل »عجبي«!، وأن مصر ملزمة بتمييز إسرائيل بالنسبة للبترول والغاز بمقتضي معاهدة كامب ديفيد! ولقد صفقت بشدة منذ أسبوعين للدكتور »بطرس غالي« وزير الخارجية وأمين عام الأمم المتحدة الأسبق وهو يؤكد صراحة لعدة مرات في »قناة الجزيرة« بأنه »لا يوجد في معاهدة كامب ديفيد« أو أي من ملحقاتها، أي نص ملزم للحكومة المصرية يجبرها علي توريد الغاز والبترول أساساً وأصلاً لإسرائيل وكذلك بأثمان مخفضة..«. كما تزعم وزارة المهندس سامح فهمي صاحب السيادة وإذا لاحظنا الآثار الحتمية للازمة الاقتصادية والمالية العالمية، وتأثيرها السلبي حالياً علي موارد قناة السويس، وتحويلات المصريين، والسياحة.. وثمن البترول والغاز فإن التساؤل الشعبي عما إذا كانت الزيادة الاستكشافية للغاز والبترول حسب الضجة الإعلامية المباركية، منذ أسابيع قليلة، سوف تحل مشاكل المصريين وتخفف من الاحتقان بزعم مساهمته الكبيرة في زيادة الدخل القومي، في مواجهة النقص المترتب علي الأزمة المالية والاقتصادية؟! فإنني بالتأكيد من السائلين، وباقي المصريين وفيما عدا وزير البترول مع مراكز القوي الشمولية، ومع مؤسسة الرئاسة، ليست لنا القدرة علي الرد لعدم نشر المعلومات والبيانات الضرورية، اللازمة لتحديد نصيب الشعب المصري من قيمة هذه الزيادة في كمية البترول والغاز، ومدي إسهامها في التخفيف من معاناة الأغلبية من المصريين وأعتقد أننا لن نعلم بهذه البيانات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق