الأحد، ٢٩ مارس ٢٠٠٩

دستورية التزامات الغاز والبترول وتصديرهما لإسرائيل

الوفد

بقلم: محمد حامد الجمل

‮<< ‬ذكرت بمقالي السبت الماضي،‮ ‬انعدام سند ترزية القوانين،‮ ‬في الزعم بأن ما يعد قانوناً‮ ‬فقط خاضعاً‮ ‬للمراجعة من مجلس الدولة،‮ ‬ومجلس الشعب،‮ ‬في مشروعات القوانين المتعلقة بمنح‮ »‬التزامات الغاز والبترول‮«‬،‮ ‬هو نص المادة بعد الديباجة التي تقضي بمنح الالتزام مع مادة النشر والنفاذ،‮ ‬أما ما هو ملحق بالمادتين من خرائط وشروط الالتزام كلها فإنها ليست من القانون‮!! ‬ولكنها مجرد شروط تعاقدية،‮ ‬لا يمكن ولا يجوز ولا لمجلس الشعب ولا لمجلس الدولة،‮ ‬مراجعتها أو تعديل حكمها أو صياغتها‮!! ‬والأساس الدستوري والقانوني لحتمية مراجعة،‮ ‬كل كلمة في هذه الشروط،‮ ‬ومحاكمتها بنصوص الدستور والقوانين الأساسية القائمة،‮ ‬ما لم تنص علي الاستثناء منها،‮ ‬ويكون هذا الاستثناء جائزاً‮ ‬دستورياً‮!! ‬يتركز في أن هذه الشروط ىُنص صراحة،‮ ‬في النص المقرر لمنح الالتزام،‮ ‬بأن ذلك يتم‮ »‬وفقاً‮ ‬للشروط المرفقة‮... ‬إلخ‮«‬،‮ ‬وبالتالي فإنها بمقتضي النص المذكور الذي يقرر فقه ترزية القوانين،‮ ‬أنه نصف القانون‮!! ‬تعد جزءاً‮ ‬لا يتجزأ من القانون،‮ ‬وبالتالي فإن هذه الشروط،‮ ‬تعد كلها في مرتبة القانون وتخضع في مراجعتها،‮ ‬وصياغتها،‮ ‬وإقرارها لأحكام الدستور،‮ ‬والقوانين المختلفة النافذة،‮ ‬ويؤكد هذه الطبيعة الصحيحة لتلك الشروط،‮ ‬أن معظمها استثناء من القوانين النافذة،‮ ‬وهذا لا يجوز أصلاً‮ ‬إلا بقانون بشرط عدم مخالفته للدستور‮!! ‬ويجب لذلك أن تصاغ‮ ‬هذه الشروط وتراجع بدقة كأي نصوص في قانون آخر،‮ ‬بحيث يكون كل نص فيها متقيداً‮ ‬بما ورد في الدستور من قواعد إجرائية وموضوعية حاكمة للقوانين،‮ ‬وأن تكون العبارات،‮ ‬قطعية الدلالة علي أحكامها‮!! ‬وعدم إجراء هذه المراجعة من مجلس الدولة،‮ ‬ومجلس الشعب‮.. ‬يجعل هذه الشروط أياً‮ ‬كانت تسميتها باطلة‮!! ‬ولا سند لها من الدستور،‮ ‬بما تتضمن من امتيازات،‮ ‬واستثناءات للملتزم،‮ ‬من أحكام كل أو بعض القوانين النافذة،‮ ‬فهذه الشروط هي القواعد الموضوعية الحاكمة،‮ ‬والضابطة للتعاقد بين السلطة المصرية البترولية والشركات الملتزمة،‮ ‬ورأي‮ »‬ترزية القوانين‮« ‬الباطل والفاسد يزعم علي خلاف الدستور والقانون،‮ ‬إنها تمثل‮ »‬تعاقداً‮ ‬سيادياً‮«!! ‬تنفرد السلطة التنفيذية شاملة الحكومة مع مؤسسة رئاسة الجمهورية،‮ ‬أو هذه المؤسسة مع وزير البترول‮!! ‬ولا يتدخل مراجعتها،‮ ‬أو تعديلها في ولاية مجلس الشعب،‮ ‬التشريعية أو الرقابية‮!! ‬بل هي كما يزعم فقه التزرية عقود ملزمة،‮ ‬وحتمية الإقرار من ممثلي الشعب،‮ ‬رغم تمثيلهم للأمة المالكة وحدها دون شك للثروة القومية،‮ ‬وهي صاحبة السيادة،‮ ‬ومصدر السلطات بصريح نصوص الدستور‮!! ‬وبالتالي فإن هذه الشروط علي أساس التكييف الباطل والتحكمي المعدوم السند والأساس يتم تمريرها دون مراجعة في دقائق من مجلس الشعب،‮ ‬وقبله من مجلس الدولة‮ (‬قسم التشريع‮)‬،‮ ‬أياً‮ ‬كان ما يشوبها من مخالفات دستورية،‮ ‬موضوعية أو إجرائية،‮ ‬وأياً‮ ‬ما كان بها من إجحاف خطير وإهدار للحقوق الطبيعية للشعب المصري،‮ ‬في الاستفادة من ثروته النفطية القومية وحمايتها،‮ ‬وذلك بمراعاة المعقولية،‮ ‬والأعراف،‮ ‬والأوضاع السائدة في سوق النفط العالمي،‮ ‬وكذلك بمراعاة عدم المساس بالسيادة،‮ ‬أو بالأمن القومي المصري‮!! ‬ولا شك في أنه قطعا يمس سيادة أية دولة إلزامها بشروط لا يراجعها البرلمان وأن يكون التنازع علي تطبيق وتفسير هذه الشروط والالتزامات مستثني تماماً‮ ‬منه‮ »‬السيادة القضائية الوطنية‮«‬،‮ ‬كما هو ثابت من نصوص هذه الالتزامات التي تقصر الاختصاص علي هيئات تحكم يغلب عليها التشكيل الأجنبي‮!! ‬بالمخالفة للدستور‮.‬ ‮<< ‬وإذا لاحظنا أن شركات البترول العالمية،‮ ‬قد تتجاوز ميزانيتها السنوية ميزانيات أربع أو ثلاث دول عربية‮... ‬إلخ،‮ ‬وأنه يتحكم في إدارتها،‮ ‬ويملك نسبة كبيرة من أسهمها اللوبي الصهيو أمريكي،‮ ‬وأن النخبة الأمريكية الحاكمة،‮ ‬وبينها عائلة بوش الأب والابن،‮ ‬وكذلك تشيني ورايس ورامسفيلد‮... ‬إلخ،‮ ‬مع عدد آخر من كبار المتسلطين الصقور،‮ ‬في إدارة‮ »‬بوش‮ ‬W‮« ‬ممن يملكون عدداً‮ ‬ضخماً‮ ‬من أسهم هذه الشركات العالمية،‮ ‬فإنه كما سبق أن ذكرت في مقالات سابقة،‮ ‬أنه حتماً‮ ‬تفسر هذه الحقائق وحدها عديداً‮ ‬من‮ »‬الغوامض‮« ‬التي تحيط بطريقة إرساء الحكومة الالتزامات علي هذه الشركات بالأمر المباشر،‮ ‬ودون مزاد عالمي وكذلك سيادة فتوي‮ »‬ترزية القوانين‮« ‬بشأن عدم جواز مراجعة مجلس الشعب لأي من هذه الشروط المرفقة بنص قانون منح الالتزام،‮ ‬علي النحو السالف ذكره،‮ ‬بل إن استهداف الإدارة الأمركة السطرة والهمنة علي العالم من خلال السيطرة الكاملة،‮ ‬والاحتكار الإمبريالي للطاقة العالمية،‮ ‬ولإقامة الإمبراطورية الإمبريالية الصهيو أمريكية،‮ ‬وأيضاً‮ ‬قد يفسر لحكامنا ولشعوبنا،‮ ‬أحداث الثماني سنوات خلال حكم بوش‮ ‬‭ ‬Wمع عمليات احتلال العراق وأفغانستان‮... ‬إلخ،‮ ‬وكيف لم يتم العثور حتي الآن علي بن لادن والقائد لتنظيم القاعدة،‮ ‬و»المجاهدين العرب‮« ‬معه رغم هذا الاحتلال،‮ ‬وارتباط ذلك بالصلة الوثيقة بين‮ »‬بن لادن وعائلة بوش‮« ‬والاستراتيجية الأمريكية لتأمين البترول واحتكاره عالمياً‮ ‬مع مساهمة القاعدة في مقاومة الوجود السوفيتي خلال فترة وجود‮ »‬الحكومة الماركسية‮« ‬في السلطة بأفغانستان،‮ ‬وذلك بسلاح وأموال أمريكية من الـ‮ ‬‭(‬CIA‭)‬‮ ‬وبمعاونة بعض حكومات الدول العربية النفطية وغير النفطية،‮ ‬لإبعاد أي تهديد لأمن وسلامة واحتكار أمريكا لنفط الشرق الأوسط‮!!.‬ ‮<< ‬وعلي أساس من الحقائق السابقة،‮ ‬فقد كان ما انتهي إليه مجلس الدولة بقسم التشريع بشأن إقرار تلك العقود النفطية وشروطها بمعرفة مجلس الشعب طابق صحيح حكم الدستور والمصلحة الوطنية‮!! ‬ومع ذلك فقد حظي برفض واستهجان الهيئة العامة للبترول في عهد رئاسة المهندس‮ »‬البنبي‮« ‬وفي عهد رئيس مجلس الوزراء الراحل‮ »‬د‮. ‬عاطف صدقي‮« ‬الذي أصدر بحدة تعليماته برغم ما بذلناه من جهود مضنية،‮ ‬بإلقاء صياغة وملاحظات مجلس الدولة كلها بسلة المهملات،‮ ‬مع السير في اعتماد هذه الالتزامات وفقاً‮ ‬لما ابتدعه فقه ترزية القوانين بالحزب الحاكم،‮ ‬ومازال لترزية القوانين،‮ ‬وفتاواهم المغرضة والفاسدة الغلبة حتي هذه اللحظة‮!! ‬وذلك وفقاً‮ ‬لمصالح أمريكا وإسرائيل مع المنافعجية ومراكز القوي بالنظام الشمولي‮!! ‬ودون أن يلتفت لذلك أعضاء مجلس الشعب،‮ ‬ولا الجهاز القومي للمحاسبات‮! ‬وعجبي‮! ‬وقد بلغ‮ ‬الوضع مؤخراً‮ ‬درجة أن يتم تصدير الغاز والبترول المصري بأثمان بخسة عن الأسعار العالمية إلي‮ »‬دولة عزرائيل‮« ‬ليضرب قادتها مجرمو الحرب،‮ ‬ويبيدون بالطائرات والمدرعات الشعب الفلسطيني في‮ ‬غزة منذ عدة شهور،‮ ‬وكذلك في الضفة الغربية الفلسطينية‮!! ‬وكما حدث في جنوب لبنان‮!! ‬وهذا ما أدي بتحديه المشاعر القومية،‮ ‬وبتهديده الأمن القومي،‮ ‬والمصلحة الاقتصادية القومية،‮ ‬إلي صدور‮ »‬الحكم التاريخي‮« ‬من القضاء الإداري بمجلس الدولة،‮ ‬بوقف تنفيذ القرار الباطل لوزير البترول،‮ ‬لمخالفته أحكام الدستور،‮ ‬والقانون لإهداره المصالح القومية العليا للشعب المصري،‮ ‬ورغم ذلك فقد استشكلت وزارة البترول في الحكم بكل جسارة أمام محكمة مدنية لا ولاية لها،‮ ‬ثم طعنت في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا ووبتجاهله تنفيذ حكم وقف التنفيذ‮!! ‬وقد استندت وزارة البترول علي أن القرار الموقوف هو عمل‮ »‬سيادة‮«‬،‮ ‬والتصدير لإسرائيل قد يتم باتفاق بين شركة خاصة والصهاينة‮!! ‬وليس بين هيئة البترول ودولة عزرائيل‮ »‬عجبي‮«!‬،‮ ‬وأن مصر ملزمة بتمييز إسرائيل بالنسبة للبترول والغاز بمقتضي معاهدة كامب ديفيد‮! ‬ولقد صفقت بشدة منذ أسبوعين للدكتور‮ »‬بطرس‮ ‬غالي‮« ‬وزير الخارجية وأمين عام الأمم المتحدة الأسبق وهو يؤكد صراحة لعدة مرات في‮ »‬قناة الجزيرة‮« ‬بأنه‮ »‬لا يوجد في معاهدة كامب ديفيد‮« ‬أو أي من ملحقاتها،‮ ‬أي نص ملزم للحكومة المصرية يجبرها علي توريد الغاز والبترول أساساً‮ ‬وأصلاً‮ ‬لإسرائيل وكذلك بأثمان مخفضة‮..«. ‬كما تزعم وزارة المهندس سامح فهمي صاحب السيادة وإذا لاحظنا الآثار الحتمية للازمة الاقتصادية والمالية العالمية،‮ ‬وتأثيرها السلبي حالياً‮ ‬علي موارد قناة السويس،‮ ‬وتحويلات المصريين،‮ ‬والسياحة‮.. ‬وثمن البترول والغاز فإن التساؤل الشعبي عما إذا كانت الزيادة الاستكشافية للغاز والبترول حسب الضجة الإعلامية المباركية،‮ ‬منذ أسابيع قليلة،‮ ‬سوف تحل مشاكل المصريين وتخفف من الاحتقان بزعم مساهمته الكبيرة في زيادة الدخل القومي،‮ ‬في مواجهة النقص المترتب علي الأزمة المالية والاقتصادية؟‮! ‬فإنني بالتأكيد من السائلين،‮ ‬وباقي المصريين وفيما عدا وزير البترول مع مراكز القوي الشمولية،‮ ‬ومع مؤسسة الرئاسة،‮ ‬ليست لنا القدرة علي الرد لعدم نشر المعلومات والبيانات الضرورية،‮ ‬اللازمة لتحديد نصيب الشعب المصري من قيمة هذه الزيادة في كمية البترول والغاز،‮ ‬ومدي إسهامها في التخفيف من معاناة الأغلبية من المصريين وأعتقد أننا لن نعلم بهذه البيانات،‮ ‬ولا حول ولا قوة إلا بالله‮.‬

ليست هناك تعليقات: