الثلاثاء، ٣ فبراير ٢٠٠٩

معركتنا القادمة وقف تصدير الغاز للصهاينة

اخوان اون لاين

البدوي عبد العظيم البدوي

استقبلنا جميعًا بمزيد من الحزن والأسف الحكمَ الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 1/2/2009م في الشقِّ العاجل من الطعن المقدَّم من الدولة على الحكم الصادر في شهر نوفمبر من العام الماضي من محكمة القضاء الإداري بوقف تصدير الغاز المصري للصهاينة.

ومع كامل الاحترام والتقدير للقضاء ولما يصدره من أحكام؛ إلا أن الحكم الذي صدر قد تم تأسيسه على معيار مطَّاط ومَرِن؛ وهو أن هذا التصرف الذي أبرمتْه الحكومة ببيع الغاز المصري تم إبرامه على أساس أنه أحد أعمال السيادة للدولة، وأن الحكومة حين أبرمته فقد أبرمته بموجب سلطتها السياسية على أعمال السيادة، وأن الفقه والقضاء يستقرَّان على حجب ولاية القضاء عن الرقابة على أعمال الحكومة والتي تبرمها بسلطتها على أعمال السيادة، وهو أمرٌ قد جانبه كثير من الصواب؛ ليس في المعيار بل في تطبيقه.

حيث إن الحكومة وبهذه الصورة حينما ستقوم باتخاذ قرارات أو إجراءات أو تعاقدات من هذا النوع فسوف تسبِّبها على أنها ممارسة لسلطتها السياسية لأعمال السيادة؛ فقرارات المنع من السفر وبيع القطاع العام من الممكن أن تكون من أعمال السيادة والتي لا يجب أن يراقبها القضاء ولا تخضع لولايته.

ولا عجب بعد ذلك من قيام الحكومة ببيع الأهرامات أو أبو الهول لأمريكا مثلاً، ولا يستطيع القضاء الرقابة عليها والقضاء ببطلانها إذا لم يتم اتخاذ السلوك الصحيح من الناحية القانونية عند إبرام التصرفات في مثل تلك الحالات.

وأحسب أنه لا محلَّ لهذا التوسع في أعمال السيادة التي تمارسها الحكومة كسلطة سيادة؛ فبخلاف إعلان حالة الطوارئ أو حالة الحرب أو اتخاذ ما تراه من تدابير في حالات الفيضانات أو الأوبئة أو المجاعات فلا يعتبر خلاف ذلك من أعمال السيادة، ولا توجد صفة الاستعجال أو السرية لكي لا يتم اتباع الإجراءات القانونية والتشريعية الصحيحة عند إبرام مثل تلك التصرفات، كما في حالة بيع الغاز للكيان الصهيوني، والذي لم تتخذ فيه الحكومة الإجراءات الصحيحة عند التصرف في إحدى الثروات القومية الخاصة بالشعب والموجودة على أراضيه وفي باطن أرضه، والتي يجب أن تعرض على البرلمان ليوافق عليها وفق آليات محددة ليقرها أو يرفضها.

ونظرًا لكون المعركة هنا قانونيةً في المقام الأول؛ فإنني أقترح أن يدرس مدى قانونية اتخاذ إجراءات قانونية مثل التي اتخذها الشعب عند تأسيس القطاع العام مع طلعت حرب؛ مثل أن يتدخل المواطنون والمحامون هجوميًّا إلى جانب المدَّعين لتكون تلك القضية هي الأولى للشعب ضد الحكومة حتى لا يتم تمرير هذا الاتفاق بالسهولة التي يظنها، وذلك بخلاف ما يتم اتخاذه من فعاليات في الشارع ضد هذه الصفقة والتي تتجاوز التطبيع مع العدو الصهيوني وتصل إلى حد الدعم.

وأخيرًا أوجِّه الشكر كلَّ الشكر والتقدير لرافعي تلك الدعوى، وخاصةً السفير إبراهيم يسري مساعد وزير الخارجية السابق، والذي يعتبر الأب الروحي لتلك الحملة، ومن معه من شرفاء البلد، ويجب أن يعلم الجميع أن المواطن المصري الفقير- الذي لا يكاد يجد قوت يومه من الخبز الحاف (بلا غموس) ليطعم به أطفاله والذي خرج عن بكرة أبيه ليتعاطف مع أهلنا في غزة ضد المجزرة الصهيونية- لن يرضى أن يقدم دعمًا يوميًّا للكيان الصهيوني بما يزيد عن 9 ملايين دولار أمريكي ليقوم باستغلاله في تمويل حملته العسكرية على غزة، ولن يكون ذلك استدراجًا لنا عن دعم غزة؛ بل في الطريق لدعم إخواننا في فلسطين.

ليست هناك تعليقات: