الأربعاء، ١٩ نوفمبر ٢٠٠٨

الغاز المصرى والجارة اللدودة مصاصة الدماء!


لولا لحام

الحقيقة سعدت جداً بحكم القضاء الإدارى بوقف تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل. والواقع يقول إن الاتفاقية أساساً ليست منطقية، حتى بعقلية أم عمرو بائعة الفجل التى تجلس فى أول شارعنا، والتى لا يمكن بمنطقها البسيط أن تبيع ولو فجلاية واحدة بأقل من سعرها.

دعونا أولاً نتفق على شىء: نحن نحتاج هذا الغاز فى تدعيم البنية التحتية فى مصر، فلماذا إذن نصدره؟ ثانياً، نحن نبيعه برخص التراب، من أجل أن تستفيد منه تلك الجارة اللدودة التى تمص دماءنا منذ أكثر من ستين سنة.. أخيراً يا رب، خبر يفرَّح فى عالم اللامعقول الذى يتآكل بسببه فكرنا!؟

لكن طبعاً دوام الحال من المحال.. فنقرأ فى الصحف القومية فى ذات الخبر المفرح أن هيئة قضايا الدولة برئاسة المستشار ميلاد سيدهم "تعكف على إجراء دراسة، تمهيداً للقيام بإجراءات الطعن على الحكم والتقدم باستشكال لوقف الحكم".. يعنى حرقة دم تانى!!

انظروا معى إلى ردود الفعل العالمية على هذا الحكم الذى يخالف قرار الحكومة المصرية، التى أبرمت هذا العقد.. فقدت نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مثلاً، تقريراً مطولاً عن الموضوع، أهم ما جاء به تصريح على لسان وزير البنية التحتية الإسرائيلى الذى قال: "أنا واثق أن الاتفاق السياسى الخاص بتصدير الغاز من مصر إلى إسرائيل سيظل قائماً وسوف يستمر تصدير الغاز المصرى إلينا".. يا جماعة إسرائيل تخرج لسانها لنا.. هذه عمايل جارتنا اللدودة مصاصة الدماء.

فى الثانية عشرة ظهراً، أقرأ أخبار حصار غزة، كما نقرأها نحن كلنا كل يومين أو ثلاثة، وروايات المساعدات الإنسانية اليتيمة التى تدخلها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) إلى المناطق المحاصرة، تماماً مثلما حدث فى الحربين العالميتين: محتل عسكرى يحاصر مدنيين ويمنع عنهم الطعام والشراب.. والحل الوحيد المتاح لكى يأكل ويشرب المحاصرون، هو فى يد الأمم المتحدة: تلك الأمم المتحدة التى فقدت القدرة على إيجاد حل سياسى، فتدخلت بكميات ضئيلة من الأرز واللبن لا تكفى إلا لأيام قليلة.

حتى الآن والموضوع عادى، هو مش إحنا كمان فى مصر لدينا طوابير عيش وتموين وأنابيب بوتاجاز وبنزين 80؟ يعنى الموضوع برضه قريب.. المشكلة هنا تعنت القوات الإسرائيلية مع ناقلات المساعدات الإنسانية، التى أثارت المسئولين الدوليين المشرفين عليها، وللعلم.. الأونروا توزع فى الظروف الطبيعية مساعدات غذائية على حوالى 750 ألف شخص يشكلون نصف سكان قطاع غزة، ويقول كريس جانيس المتحدث باسم الأونروا لوكالة الأنباء الفرنسية، إن التوزيع يتم على أساس الكميات الضئيلة التى تمكنت الوكالة من نقلها أول أمس، الاثنين، وأن "هذه المواد الغذائية تكفى لأيام وليس لأسابيع".

المهم أنه أضاف أنه تم إهدار كميات من الحليب المجفف بقيمة بضعة آلاف الدولارات أثناء كشف السلطات الإسرائيلية على البضائع: "لقد تم تمزيق الأجولة، فتناثر مسحوق الحليب وأهدر فى الهواء وعلى الأرض".

لماذا يتم معاقبة الأطفال الفلسطينيين بحرمانهم من الحليب؟ لماذا يجب على الأطفال والرضع أن يدفعوا ثمن أخطاء المتكبرين الكبار؟ وقولوا لى: هل سمع أحد منكم عن أطفال أو رضع يقومون بإطلاق صواريخ القسام مثلاً، أو عن لبن بودرة يستخدم فى حشو الصواريخ؟

من ناحيتها، منظمات حقوق الإنسان العالمية تقوم بعملها على أكمل وجه فى منطقة الشرق الأوسط، فتُقيم الدنيا ولا تُقْعِدها بمجرد أن "ز..ت" الجارة اللدودة مصاصة دماء.

ليست هناك تعليقات: