المصرى اليوم
شيماء القرنشاوى وأشرف الجعار
ألزمت محكمة القضاء الإدارى أمس، الحكومة المصرية، بوقف تنفيذ قرار تصدير الغاز المصرى لعدد من الدول الأجنبية بينها إسرائيل، فى الطعن المقام من إبراهيم يسري، سفير مصر السابق، وعدد من المنظمات الحقوقية، وأعضاء بحركة كفاية، ضد رئيس مجلس الوزراء، ووزير البترول «بصفتيهما».
وفى أول رد فعل رسمى على الحكم، قال مصدر حكومى مسؤول إن الحكومة ستستأنف حكم القضاء الإدارى بوقف تصدير الغاز المصرى لإسرائيل، أمام المحكمة الإدارية العليا، مشيرًا إلى أنه تم إبلاغ المهندس سامح فهمى، وزير البترول، بمنطوق الحكم،
موضحًا أنه حكم غير نهائى وغير واجب النفاذ. لكن الدكتور مجدى راضى، المتحدث باسم مجلس الوزراء، قال إن الحكومة لم تتلق منطوق الحكم حتى يمكن التعليق عليه، مؤكدًا احترام الحكومة الكامل للقضاء المصرى.
واستقبل الطاعنون الحكم بارتياح شديد ووصفوه بأنه «حماية لأموال الشعب المصرى بأكمله». عقدت الجلسة فى ساعة مبكرة من صباح أمس، برئاسة المستشار الدكتور محمد أحمد عطية، رئيس محاكم القضاء الإداري، وعضوية المستشارين مفيد غطاس، وفوزى شلبى، وأمانة سر سامى عبدالله.
قالت المحكمة فى أسباب حكمها، إن ما ثبت من الأوراق أن المنازعة تدور حول سلطة الإدارة فى تنظيم وإدارة واستغلال موارد الدولة وإحدى ثرواتها الطبيعية، والتصرف فيها،
وأن جهة الإدارة عليها أن تلتزم فى ذلك بحدود الدستور والقانون، وبالتالى لا تكون سلطتها أو القرارات الصادرة عنها من أعمال السيادة بالمعنى القانونى، وإنما من قبيل القرارات الإدارية، التى يقوم على ولاية الفصل فيها القضاء الإدارى دون غيره، وبالتالى يكون الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، ليس فى محله ويتعين رفضه.
وأشارت المحكمة إلى أن المادة ١٢٣ من الدستور حرصت على حماية موارد الثروة الطبيعية للبلاد باعتبارها موردًا مهمًا، ليست ملكًا للأجيال الحالية فحسب بل تشترك فى ملكيتها الأجيال المستقبلية.
أضافت: «إن القانون حدد على أساس ذلك إجراءات وقواعد منح استغلال تلك الموارد والمرافق العامة، وبموجب ذلك يتعين على السلطة التنفيذية اللجوء إلى مجلس الشعب، للحصول على موافقته فى منح التزامات استغلال تلك الثروات باعتباره ممثلاً للجهاز التشريعى لأنه منتخب من الشعب ويعبر عن إرادة أغلبيته، إلا أن ما ثبت من الأوراق أن وزير البترول فوض رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، ورئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول،
فى إنهاء إجراءات التعاقد كطرف بائع للغاز الطبيعى مع شركة البحر الأبيض المتوسط، وكطرف ثالث ضامن لكميات الغاز الطبيعى ومواصفاته ومدة التوريد فى عقود شركة شرق البحر الأبيض للغاز لتصدير الغاز الطبيعى من خلال خط أنابيب مع الشركات الواقعة فى منطقة البحر المتوسط وأوروبا بما فيها شركة كهرباء إسرائيل،
وهذا ما فوض فيه وزير البترول كلاً من الهيئة العامة والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية فى العمل بموجبه، دون عرض الالتزام على مجلس الشعب، الأمر الذى يعد اعتداء على المجلس وسلطته المخصصة دستوريًا.
أوضحت المحكمة أن هذه الحالة تجعل القرار المطعون فيه، وما ترتب عليه من آثار، قد صدر معدومًا لمخالفته أحكام الدستور ولا يترتب عليه أى أثر قانوني.
وأضافت أن الظاهر من الأوراق أن القرار المطعون فيه لم ينشر كما لم تنشر تفاصيل وشروط تصرف الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية المتعلقة ببيع هذه الكميات الكبيرة من الغاز الطبيعى المصرى إلى الشركة ومنها إلى إسرائيل رغم مطالبة العديد من أعضاء مجلس الشعب والخبراء المتخصصين فى مصر بالاطلاع على تفاصيل الصفقة رغم الجدل الكبير الذى يدور فى الأوساط العلمية حول حجم احتياطى مصر من هذه الثروة على نحو ما ورد بالمستندات المقدمة من المدعى،
بالإضافة إلى ما نطقت به الأوراق من سرعة متناهية فى إنشاء الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وإنشاء شركة البحر الأبيض المتوسط، وهى شركة مساهمة قطاع خاص،
وتعديل نشاط الشركة الأخيرة والغرض منها ثم منحها فور ذلك دون غيرها عقد امتياز واحتكار شراء الغاز الطبيعى المصرى الذى يتم تصديره فى هذه الحالة لإسرائيل، الأمر الذى يثير التساؤل عن أسباب ذلك التزامن وعن السرية والتكتم الشديد الذى فرضته الإدارة قبل صفقة بيع الغاز المصرى لإسرائيل والمترتبة على صدور القرار المطعون فيه وحجب تفاصيلها عن الشعب ونوابه،
وذلك ما يتعارض مع الشفافية التى بات أمرها مستقرًا فى ضمير الأمة والعالم المتحضر ومع المسيرة الديمقراطية التى تشهدها البلاد، كما أنه يخل بالثقة الواجب توافرها فى تعاملات جهة الإدارة.
كانت الحكومة المصرية، ممثلة فى وزارة البترول، قد أعلنت عن توقيعها اتفاقًا مع إحدى الشركات الخاصة أوائل العام الحالى على تصدير كميات من الغاز الطبيعى لـ٧ دول أجنبية من بينها إسرائيل بدعم أكثر من ثلثى ثمن الوحدة من الغاز الطبيعي، فطعن على القرار عدد من ممثلى المجتمع المدنى وأعضاء من حركة كفاية وطالبوا بضرورة الحكم بإلغاء القرار.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق