الأربعاء، ٢ يوليو ٢٠٠٨

ندوة لمنتدي شركاء التنمية: تعديلات قانون منع الاحتكار تفرغه من مضمونه ولن تضبط السوق

البديل

إبراهيم قطب: السوق مليئة بالصراعات ورفضت إعفاء المبلغ من الغرامة < د. أحمد غنيم: جهاز حماية المنافسة لا يتمتع بالاستقلالية

كتبت: سحر سلامة

قال مشاركون في ندوة نظمها منتدي شركاء التنمية، مساء أمس الأول، تحت عنوان «الأهمية الاقتصادية لقانون تنظيم المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية» إن القانون الحالي لمنع الممارسات الاحتكارية وبالتعديلات التي طرأت عليه في نهاية الدورة البرلمانية الأخيرة لن تحقق الهدف من القانون، وسوف تعجز الحكومة عن ضبط أي حالات احتكار.
وقال د. أحمد غنيم، الأستاذ المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومدير مركز الدراسات الأوروبية، إن تطبيق نظام السوق الحر لابد أن يصاحبه ضوابط صارمة لحماية الاحتكار ولحماية المستهلك. ورغم أن مصر تحولت إلي السوق الحر منذ حوالي 30 عاماً، إلا أنها لم تتجه إلي وضع ضوابط تشريعية لمواجهة الآثار السلبية لاقتصاد السوق، إلا في عام 2005.
وبعد إصدار قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، خرج القانون «فارغاً» من مضمونه، ولم يسفر عن ضبط أي حالة احتكار، بالرغم من أن العمليات الاحتكارية تجتاح السوق المصرية، وليس في الحديدفقط بل في العديد من السلع.
وأوضح غنيم أن السوق فشلت في خلق نوع من المنافسة بين المنتجين، بحيث يكون المستفيد في النهاية هو المستهلك والاقتصاد القومي.
وأضاف إن قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، سواء قبل التعديل أو بعده لم ولن يضبط السوق ولن يقضي علي الممارسات الاحتكارية، فالقانون لم يحدد «المنتج» أو السلعة المعنية بالاحتكار، ولا يحدد قواعد التعامل مع الاندماجات والاستحواذات، كما أنه استثني الخدمات التي تقدمها الحكومة من عملية الاحتكار وهذا مخالف لكل القوانين المطبقة في العالم، فإذا نظرنا إلي قطاع الاتصالات، واحتكار الشركة المصرية للاتصالات للخطوط الأرضية، ووجدنا إن الشركة رفعت أسعار خدماتها منذ أيام، علي الرغم من وجود جهاز يطلق عليه «جهاز تنظيم الاتصالات».
وقال غنيم إن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لا يتمتع بالاستقلالية التامة، لأنه يتبع رئيس مجلس الوزراء، الذي فوض الوزير المختص «وزير الصناعة والتجارة في إدارة الجهاز» وبالتالي فالجهاز لا يتابع عمله بشكل سليم، بالرغم من أنه - الجهاز - «وبحكم القانون» المكلف بتحريك الدعوي القضائية. وطالب غنيم بنقل تبعية الجهاز إلي رئيس الجمهورية، أو مجلس الشعب، شأنه شأن الجهاز المركزي للمحاسبات.
وقال النائب محمد أنور السادات، عضو مجلس الشعب، إن معظم القوانين التي تعرض علي مجلس الشعب يجري تمريرها بدون فهم، أو عن طريق الأغلبية، ويتدخل في ذلك أصحاب المصلحة والانتماء الحزبي.
وأشار إلي أن كل القوانين المصرية تحمي أو تعفي المبُلغ وتعتبره شاهد ملك، وهذا ينطبق علي الرشوة أيضاً.
وقال إبراهيم محمد قطب، عضو لجنة الشئون الاقتصادية، في مجلس الشعب إنه هو من اقترح رفع الغرامة من 100 مليون جنيه بحد أقصي إلي 300 مليون جنيه.
وأشار إلي أنه رفض المادة الخاصة بإعفاء المبلغ، وقال إن الاتفاق بين المنتجين علي التلاعب بالسوق من خلال الاحتكار يكون سريا أو شفويا، ويسافرون إلي الخارج لإبرام اتفاقهم، كما أن السوق المصرية مليئة بالصراعات بين المنتجين، وفي حالة الموافقة علي إعفاء المبُلغ سوف نجد كل يوم بلاغاً جديداً يضر بالمنتجين، فيكون بوسع أي أحد أن يبلغ عن شركائه الذين عقدوا معه اتفاقاً ما، لإخراجهم من السوق، وقد يكون هو الداعي الأول لعملية الاحتكار <

---------
.. ودراسة: إلغاء غرامة الـ 10% من عقوبات الاحتكار تحمي «عز»
و «السويدي» و «غبور» من دفع 3 مليارات جنيه في حالة الإدانة
16.159 مليار جنيه مبيعات «عز» لعام 2007.. والتعديلات نزلت بالغرامة المفترضة من 1.6 مليار جنيه إلي 300 مليون جنيه فقط
9.348 مليار جنيه مبيعات السويدي للكابلات مقابل 4.63 مليار جنيه لـ «غبور» عن العام الماضي
كتبت: سحر سلامة
أكدت دراسة اقتصادية حديثة أن إلغاء عقوبة الغرامة التي تقدر بنسبة 10% أو 15% من قانون حماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية، يمثل نوعاً من التساهل مع الممارسات الإحتكارية، حتي مع رفع الحد الأقصي للعقوبة المالية إلي 300 مليون جنيه.
وعرضت الدراسة التي أعدتها د. ليلي الخواجة، أستاذ الأقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس الشوري، لمبيعات ثلاث من الشركات الكبري، قائلة إن التعديلات أعفتها من دفع غرامة تصل إلي ما يقرب من ثلاثة مليارات جنيه في حالة إدانتها بممارسة الاحتكار.
وكشفت الدراسة أن إجمالي مبيعات شركة عز لصناعة حديد التسليح بلغ 16 ملياراً و 159 مليوناً و 380 ألف جنيه وفقاً لما ورد في قائمة الدخل المجمعة عن السنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2007، وفي حالة تطبيق الغرامة الاحتكارية عليه حسب قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية قبل تعديلاته الأخيرة، وسوف يصل إجمالي العقوبة الاحتكارية إلي مليار و 600 مليون جنيه أي بنسبة 10% من المبيعات.
وبينت الدراسة ذاتها أن إجمالي المبيعات لشركة السويدي للكابلات بلغ عام 2007 تسعة مليارات و 348 مليون و 276 ألفاً و 454 جنيها
وفي حالة إدانة الشركة بممارسة الاحتكار وسوف تصل الغرامة المفروضة عليها بموجب القانون قبل تعديلاته إلي 935 مليون جنيه تقريباً.
أما بالنسبة للشركة الثالثة التي تضمنتها الدراسة، وهي جي بي أوتو «غبور»، فبلغ إجمالي مبيعاتها 4 مليارات، و 630 مليوناً و 115 ألف جنيه.
وفي حالة إدانتها بالاحتكار كانت الغرامة التي ستفرض عليها بموجب القانون قبل تعديله، نحو 463 مليون جنيه.
وأوضحت الدراسة التي نوقشت في ندوة نظمها منتدي شركاء التنمية أن العقوبة المالية بنسبة مئوية ليست بدعة مصرية وإنما منتشرة في معظم الدول - سواء المتقدمة أو النامية- التي تطبق قوانين منع الاحتكار، وتصل عقوبة الغرامة إلي نسبة 10% من المبيعات في دول مثل فرنسا، والبرتغال، وسويسرا، وإيطاليا، وهولندا، وقبرص والتشيك، وقربص، وسلوفاكيا، بينما تنخفض النسبة إلي 5% في دولة عربية كالأردن.
وأشارت الدراسة إلي أن قوانين منع الممارسات الاحتكارية التي تطبقها هذه الدول تتضمن تخفيف العقوبة علي من يشارك في الإبلاغ عن ممارسة احتكارية ضارة، سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنويا.
وتفرق تلك التشريعات بين وضعين مختلفين هما المبلغ الأول والمبلغان التاليان، فالمبلغ الأول هو المبادر إلي كشف ممارسة احتكارية ضارة بالاقتصاد يكون قد شارك فيها مع آخرين، وذلك مع تقديم الأدلة والمستندات اللازمة لاثبات الواقعة دون أن يكون الجهاز المسئول عن منع الممارسات الاحتكارية علي علم بها أو في المراحل الأولي من الدراسة.
وفي هذه الحالة تنص جميع القوانين المماثلة علي وجوبية الإعفاء الكامل لأول من تعاون مع الجهاز المسئول في كشف وملاحقة غيره من المشتركين في هذه الممارسة الضارة.
أما بالنسبة لحالة المبلغين التاليين لمبالغ الأول في الكشف عن اشتراكهم في ممارسة احتكارية ضارة في أي مرحلة من مراحل البحث أو التحقيق أو المحاكمة، بشرط التعاون الكامل مع الجهاز المسئول، فيذهب أغلب التشريعات المطبقة في تلك الدول إلي جواز منح المبلغ أو المبلغين التاليين - بشروط واضحة- إعفاء من قيمة العقوبة المالية بنسب تتراوح بين 50% و 75% وفقاً لتقدير المحكمة لأهمية مشاركتهم في إثبات الواقعة.
وشددت الدراسة علي الأهمية الاقتصادية للنصوص المتعلقة بتخفيف أو إلغاء العقوبات، نظراً لأن الاتفاقات التي تمت بين المحتكرين تكون بالضرورة سرية أو شفوية في أغلب الحالات، وكشفت الممارسة الفعلية عن الصعوبات التي تواجه الأجهزة المسئولة عن مكافحة الاحتكار واستغراقها لمدة زمنية طويلة تتراوح بين و إلي تسعة أعوام، لإثبات هذه الوقائع، وتقديم الأطراف المشاركين إلي المحاكمة.
وللأسباب السابقة أخذت معظم الدول بتطبيق الإعفاء الوجوبي الكامل والإعفاء الجوازي النسبي.
وأوضحت الدراسة أن الإبلاغ لا يكون عن طريق شكوي كيدية، وإنما هو اعتراف ممن شارك في هذه الجريمة، ويستطيع أن يقدم أدلة ومستندات موثقة عن مضمون هذه الاتفاقات السرية والأطراف الآخرين المشاركين فيها، وذلك بشرط مهم هو ألا يكون هو الذي دعي لهذا الاتفاق، وذلك للتأكد من عدم استغلال هذا المبلغ للقانون من أجل الإضرار بالمنتجين المنافسين له عن طريق دعوتهم لعقد اتفاقات معينة ثم الإبلاغ عنها.
وذكرت الدراسة أن الوقائع العملية تشير إلي زيادة ملحوظة في عدد الممارسات الاحتكارية التي تم كشفها، وأحيل أطرافها إلي المحاكمة في كل الدول التي أخذت بهذا المنهج في تخفيف أو إلغاء العقوبات.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية تم تعديل قانون العقوبات في عام 1993، مما أدي إلي ارتفاع الحالات المقدمة إلي المحاكمة إلي أكثر من عشرين قضية في كل عام (مقابل حالتين أو ثلاثة قبل التعديل).
كما أرتفعت إجمالي العقوبات المالية المرحلة من المخالفين إلي أكثر من مليار دولار أمريكي في العام الأول لتطبيق هذا التعديل، واستشهدت الدراسة بواقعة احتكار بين منتجي الفيتامينات «Vitamin Cawtel» في أمريكا حيث نال المبلغ الأول إعفاء كاملاً من قيمة العقوبات المالية بينما فرضت غرامة علي بقية الأطراف بلغت 500 مليون دولار لشركة واحدة، و 225 مليون دولار لشركتين أخريين، ويفوق إجمالي هذه العقوبة المالية كل ما تم تحصيله من عقوبات مالية منذ تطبيق القانون في أمريكا عام 1890.
وأشارت الدراسة إلي أن دولاً متقدمة وأخري نامية نصت في قوانين منع الممارسات الاحتكارية لديها علي إلغاء العقوبة، أو تخفيفها عن المبلغ عنها، مثل الولايات المتحدة، وأستراليا، والمجر، ودول الاتحاد الأوروبي، وتونس، واليابان، وجنوب أفريقيا.
وقالت د. ليلي الخواجة إن التطبيق العمل لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، منذ صدوره في 15 فبراير 2005، كشف عن ضرورة مراجعة بعض أحكامه لتفعيل الدور الرقابي، ولتحقيق الهدف المنشود من القانون.
وأضافت أن وزارة التجارة والصناعة عدلت بعض أحكام القانون منها زيادة قيمة الغرامة المقررة كعقوبة علي جرائم الاتفاقات الضارة بالمنافسة والممارسات الاحتكارية، وزيادة الحد الأدني للغرامة، أو تقديرها بنسبة من المبيعات تقدر بـ 10% مع حماية المُبلغ عن أي ممارسة احتكارية.
وعرضت النصوص المقترح تعديلها علي اللجنة الاقتصادية في مجلس الشوري ولجنة الشئون الدستورية والتشريعية.
ووافقت اللجنتين علي المادتين المقترحتين «22» و «26»، ولكن بزيادة النسبة إلي 15%، ثم انتقل القانون إلي مجلس الشعب، وعقدت اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الاقتصادية، ومكتب لجنة الشئون الدستورية ثلاثة اجتماعات في 18 و 24 و 31 مايو، بحضور المستشار هشام رجب، مساعد وزير التجارة والصناعة للشئون القانونية، ود. خالد حمدي، المدير التنفيذي لجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.
وانتهت أعمال اللجنة المشتركة في مجلس الشعب إلي صياغة جديدة للمادتين «22» و «26» ولكن لم يخرج المعني عن المقترح من مجلس الشوري، ولم تنخفض نسبة الغرامة عن 15%، بالإضافة إلي إعفاء المبلغ.
وكانت المفاجأة أن التعديلات كما انتهي إليها مجلس الشعب في جلساته الأولي 15و 16 يونيو 2008، خرجت بشكل مختلف، فنصت علي أن الحد الأقصي للغرامة هو 300 مليون جنيه، ومضاعفتها في حالة الرجوع إلي ممارسات احتكارية مرة أخري، مع إلغاء المادة «26» من القانون

ليست هناك تعليقات: