الأحد، ٦ يوليو ٢٠٠٨

د. عبدالوهاب المسيري لـ«المصرى اليوم» في كلمة الوداع: مصر ستجني ثمار الاحتجاجات الشعبية قريباً

المصرى اليوم

حوار محسن سميكة

قبل أيام من وفاته كان لـ«المصري اليوم» حوار قصير مع المفكر الكبير الراحل عبدالوهاب المسيري، ليس عن حركة «كفاية» التي كان يرأسها، وإنما عن أحوال مصر الآن، وصف فيه البلاد بأنها محكومة من جانب مجموعة المصالح، وتنبأ باتساع مساحة الحركات الاحتجاجية وقال المسيري إن «كفاية» بريئة من ترويج التوريث، وإلي نص الحوار..

* من يحكم مصر؟

- مصر الآن يحكمها تحالف من بعض أعضاء النخبة السياسية للحزب الوطني وهم أيضاً كبار رجال الأعمال وهؤلاء يوظفون كل شيء في البلد لصالحهم ويتصورون أن وجودهم في السلطة في صالح الشعب ويتحدثون كثيراً عن اجتذاب الاستثمارات الأجنبية وما شابه، واتضح فيما بعد أن كل ذلك أكذوبة لعدم وجود استثمارات أجنبية بالدرجة التي يتحدثون عنها وذلك بسبب الفساد وغياب حكم القانون. وهذا الغياب أحد أسس ما يسمي بـ«الرأسمالية الرشيدة».

* هل تتفق مع من يقول: إن مصر يحكمها شخص غير الرئيس؟

- قد يكون أحمد عز وهناك الكثيرون مستفيدون من هذا الوضع.

* كيف تري الفترة الحالية؟

- أري أن النظام الذي يحكم مصر لم تعد له شرعية ديمقراطية، إذ يعتقد أن الحلول الأمنية هي فقط التي تضمن له البقاء والاستمرار، وهذا طبعاً غير حقيقي لأن ثقافة الاحتجاج قد تنتشر أكثر من ذلك، خاصة بعدما تعود الجميع علي ثقافة عدم السكوت عن الظلم ومن ثم أتوقع أن الاعتصامات والاحتجاجات سوف تزداد الفترة القادمة.

* هل تعتقد أن هذه التحركات الاحتجاجية ستسفر عن شيء؟

- سوف تؤثر وتغير حتي لو كانت بطيئة وسوف نجني ثمارها قريباً.

* بمناسبة ثقافة الاحتجاج التي أصبحت من أهم وسائل التعبير ما خريطة التيار المعارض الحقيقي في مصر؟

المعارضة تنوعت وتشكلت وأصبحت تضم النقابات مثل المحامين والمهندسين والقضاة وأساتذة الجامعة وحركة مثل «كفاية» وجمعيات حقوق الإنسان وبعض الأحزاب سواء كانت الأحزاب التي تم تهميشها أو الأحزاب التي تم تجميدها مثل العمل والغد، والأحز اب المؤجلة مثل الوسط والكرامة فكل هؤلاء يساهمون في تحريك الشعب المصري نحو التغيير من خلال الطرق السلمية وبدونهم يمكن أن تحدث ثورة شعبوية هوجاء تأتي علي الأخضر واليابس، ولن تفيد في شيء لأن مشكلتها سوف تنحصر في غياب البرنامج الأساسي لها ومن ثم تأتي الجيوش النظامية وتقضي عليها.

* المعارضة كما ذكرتها بمختلف أشكالها لا تملك سوي الشجب والإدانة فأين دورها الحقيقي؟

- دورها موجود وأكبر دليل المقارنة بين ما كان يحدث في الشارع المصري منذ ٤ سنوات وما يحدث الآن فلم نكن نسمع في السابق عن اضرابات أو اعتصامات أو وقفات احتجاجية وأصبحنا الآن نري إضراب عمال كفر الدوار وإضراب موظفي الضرائب العقارية والذي يعد الأول في تاريخ موظفي مصر، لذلك يجب ألا نتجاهل تلك المؤشرات الإيجابية علي التحرك الشعبي وكل ما نتمناه أن يدرك النظام مدي خطورة الوضع الآن.

* لكن هناك من يتهم المعارضة في بعض أشكالها بالتحالف والتواطؤ مع النظام فما رأيك؟

- لو عقد بعض أشكال المعارضة صفقات مع الحكومة فأنا أعتبر ذلك سقطات أيضاً، لكن تجدر الإشارة إلي أن الأحزاب التي تتعامل معها كفاية لا تعقد صفقات ولكنها تدافع عن المظلومين، وعلينا التذكر دائماً أن الدولة هي التي تطلق الشائعات ونحن في كفاية تعودنا علي ذلك، خاصة بعد حديث أجهزة الإعلام الرسمية عن موت «كفاية» والدولة بذلك تلعب دوراً غير أمين وبدلاً من مواجهة الموقف تلجأ لتزييف الانتخابات وإطلاق الشائعات وتجمد الأحزاب وهكذا، وهذا لن يفيد أحداً.

* هناك من يري أن حركة كفاية تراجع دورها وأن هذه ليست شائعة؟

- الأمن يمنع المظاهرات وتلك أهم الأشكال التي تعكس تواجد «كفاية» و«الداخلية» كانت تدير وجهها في السابق أمام مظاهرات الحركة وذلك بعد الضغط الأمريكي علي النظام ككل، وبعد أن أعطتهم أمريكا الضوء الأخضر من جديد أصبحوا يفعلون ما يريدون وتغير كل شيء.

* لماذا التحول المفاجئ في التوجه الأمريكي؟

- أمريكا كانت تتصور أن ما يسمي بـ«الديمقراطية الأمريكية» التي تنتشر في الشرق الأوسط سوف تأتي بنظم مرنة يمكنها أن تتفاهم معها وتوافق علي التطبيع مع إسرائيل، لكن ظهر أن ديمقراطية الانتخابات تحديداً تأتي بالقوي التي تعارض سياسة إسرائيل والتدخل الأمريكي في كل شيء فتحول التوجه.

* وهل من الممكن أن تحدث انتفاضة شعبية؟

- كل المؤشرات تدل علي أن الجوعي لا سبيل أمامهم سوي البحث عن الرزق بشتي السبل السلمية وغير السلمية والأخيرة تضطرهم للانتفاضة بعد أن أصبح السكوت أمراً في غاية الصعوبة والحقيقة أنا في دهشة من موقف الحكومة التي تري أن الشعب المصري لا يستحق أكثر من ذلك الفقر، وباستخدام البطش الأمني يمكنهم تحقيق كل أهدافهم.

* حديث كفاية عن التوريث جعل البعض يتهمها بأنها تحاول أن تجعل من التوريث أمراً واقعاً؟

- الأمن هو الذي جعل الكلمة أمراً واقعاً، رغم أن هناك إجماعاً في الرأي العام سواء بين الأحزاب أو المؤسسات علي أن مسألة التوريث لا يمكن قبولها وغير مطروحة، وهذا الحديث أو الرفض لا يتعلق بشخص جمال مبارك الذي سمعت أنه شخص جيد علي المستوي الإنساني لكن المستوي الإنساني غير المستوي السياسي، فلا يمكن لرئيس دولة أن يصل لتلك المكانة إلا من خلال انتخابات يتم فيها التنافس بين أكثر من مرشح لكل منهم برنامجه السياسي وسجله السياسي، وهذا كله غير متوفر في السيد جمال مبارك.

وأعلم أن الحزب الوطني بداخله أشخاص يرفضون تولي جمال مبارك حكم مصر، وذلك يعكس حالة الانقسام التي يعاني منها الوطني، ولكنه يعد العدة ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين..

ودعني أتساءل إذا كانت هناك ثقة في التوريث لماذا يقدم الوطني علي تزييف الانتخابات ولماذا تلقي أجهزة الأمن القبض علي مئات الأعضاء من الإخوان المسلمين قبل انتخابات المحليات ولماذا يحاولون رفع الحصانة عن النائب الذي قدم أرقاماً تكشف التلاعب في ميزانية بعثة الحج؟! لكني أعتقد أن كل هذا يدل علي عدم الثقة في النفس، ومن ثم أؤكد أن مشروع التوريث لن يتم.

ليست هناك تعليقات: