السبت، ٢٨ يونيو ٢٠٠٨

الفتاوي السياسية لجبهة علماء الأزهر

المصرى اليوم

بقلم خالد صلاح
الآن خرجت جبهة علماء الأزهر بفتوي سياسية جديدة نشرتها جريدة الدستور اليومية أمس الجمعة تؤكد خلالها أن الذين يحتكرون الحديد يرتكبون (أعظم الكبائر)، وها أنا ذا بكل احترام للسادة العلماء، وبكل انحناء لقاماتهم العالية، وبكل خوف علي هذا البلد أسأل، ما هو مكان هذه الفتوي الآن وما هو دورها، وهل كنا نحتاج إليها لنعارض احتكار الحديد أو أي احتكار آخر لأي سلعة صغيرة أو كبيرة في الاسواق المصرية.
أشعر هنا أن اتجاها متعمدا يتحرك في كواليس هؤلاء العلماء والدعاة لتأكيد سطوة الفتوي علي كل مسارات الحياة السياسية والاقتصادية في مصر، أينما يممت وجهك ثمة فتوي يطلقها فريق من المنتخبات الدينية التي تقف علي يمين أو يسار السلطة في مصر، قلت ذلك فيما كتبته عن (الحرام الديني والحرام الوطني) بشأن فتوي عبلة الكحلاوي حول تصدير الغاز لإسرائيل، وأقوله مجددا بلا تراجع أو تردد وبإيمان كامل بالله وشعائره عن فتوي جبهة علماء الأزهر حول الاحتكار،
أقول بيقين إنه لا مجال لهذه الفتاوي، ولا غاية لها سوي تأكيد السلطة الدينية للعلماء علي حياة الناس، البلد كله وقف ضد الاحتكار وعانده دون البحث عن فتوي، فما الداعي الآن، لأن تخرج جبهة علماء الأزهر، وتركب موجة الجماهير وتصدر لها فتوي علي مقاس الشارع.
ثم ما الذي يحدث، مرة أخري، إن خرج علماء من جهة أخري قالوا عكس ذلك، فأنت تذكر من خرج علينا ليصدر فتاوي علي مقاس السلطة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية والتعديلات الدستورية، وهناك من علماء السلطة من خرج علينا أيضا ليضرب تيارات سياسية بعينها في مقتل، الآن هل توافق أنت علي أن يكون الدين حصانا طليقا يمتطيه السياسيون في المعارك؟
ولا أعرف هنا من أين أتت جبهة علماء الأزهر بالحكم الأخير علي المحتكرين بأنهم يرتكبون (أعظم الكبائر)، كيف فصلوا النصوص المقدسة علي مقاس هذا الحكم الكبير، نحفظ أنت وأنا قائمة الكبائر التي تلتها علينا الآيات أو علمنا إياها رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وحسبما تعلمت، أن الاحتكار ليس مدرجا علي قائمة الكبائر،
كما أن أسماء محتكري الحديد، لم ترد أيضا في هذه اللائحة الكبيرة، فما المصدر العلمي أو المرجع النبوي أو القرآني، الذي اهتدي إليه العلماء، ليؤكدوا أن احتكار الحديد علي وجه الخصوص يدخل في دائرة الكبائر، وما السلطة الدينية التي استند إليها أعضاء جبهة العلماء، ليذكروا أسماء بعينها من المتهمين بالاحتكار في نص هذه الفتوي؟
وهل معني هذا أن الولايات المتحدة وأوروبا هم أول من احترم الإسلام وطبق نصوص الشريعة الإسلامية، حين حرمت قوانين هذه البلدان الاحتكار، وحاربوا كل من احتكر السلع في الأسواق، وعاقبوا كبار رجال الأعمال من أبنائها علي أعمال الاحتكار؟
الأمة بأسرها وقفت ضد الاحتكار، والمجتمع بكامله أعلن العصيان في وجه المحتكرين، أو من اشتبه في قيامهم بممارسة الاحتكار، قبل أن يستيقظ أعضاء جبهة علماء الأزهر من نومهم الطويل، فأرجوكم لا تفسدوا إجماعنا الوطني بفتاواكم السياسية، فالله ليس من غاياتكم هنا، بل البريق الإعلامي ومانشيتات الصحف،
أو ربما تلك التوجيهات الخاصة من الجماعات الطامحة لأن يحكم رجال الدين إلي الأبد، هؤلاء الذين يريدون للسياسة أن تخضع لجبهة علماء، أو مجلس ديني لصيانة الدستور، أو مرشدا أعلي يركع أمامه السياسيين لينالوا البركة.

ليست هناك تعليقات: