الأربعاء، ٢٥ يونيو ٢٠٠٨

بعد وقف التعاقد علي تصديره لمده عامين مستقبل الغاز الطبيعي في مصر‏..‏ الي اين؟

الاهرام

تحقيق‏:‏ ياسر مهران

يثير واقع ومستقبل صناعه الغاز الطبيعي في مصر من حين لاخر جدلا كبيرا بين فئات الشعب علي اختلاف خبراته وتخصصاته‏,‏ ياتي ذلك في ضوء المتغيرات التي تشهدها تلك الصناعه‏,‏ سواء في مصر او في دول العالم اجمع‏.‏

وفي الوقت الذي يتساءل فيه البعض عن طبيعه كميات التصدير‏,‏ وعن حقيقه الاسعار‏,‏ نجد البعض الاخر يثير مجموعه من الملاحظات حول المتغيرات التي تشهدها تلك الصناعه وتوثر علي مستقبلها‏,‏ خاصه بعد ان اعلن وزير البترول امام مجلس الشعب موخرا وقف التعاقد علي صادرات جديده للغاز‏.‏

وللاجابه عن التساولات المشروعه لتلك الفئات وغيرها‏,‏ تطرح الصفحه الاقتصاديه علي اهل الاختصاص في ذلك التحقيق نبض الشارع المصري لتوضيح الملامح الرئيسيه حول واقع ومستقبل صناعه الغاز الطبيعي في مصر‏.‏

اسعار التصدير
لا توجد سوق عالميه للغاز الطبيعي مثلما هو الحال بالنسبه للزيت الخام‏,‏ حيث توجد اسعار قياسيه للزيت الخام مثل‏(‏ برنت‏,‏ العربي الخفيف والمتوسط والثقيل‏,‏ غرب تكساس‏)‏ وكلها تستخدم كموشر في تحديد اسعار بيع وشراء الزيت الخام‏,‏ والتي لا ترتبط بعقود طويله الاجل‏,‏ هذا ما يوكده المهندس شريف اسماعيل الرئيس الحالي لشركه جنوب الوادي القابضه للبترول والرئيس السابق للشركه القابضه للغازات الطبيعيه‏.‏

ويشير الي ان اسعار الغاز الطبيعي ظلت حتي حينه تتحدد من خلال عقود طويله الاجل‏,‏ بما يضمن تدبير التمويل اللازم واسترداد الاستثمارات المرتفعه لمشروعات تصدير الغاز‏,‏ سواء من خلال النقل بالانابيب او عن طريق الاساله‏,‏ اما اسعار الغاز الطبيعي في بعض الاسواق مثل‏(‏ هنري هب‏)‏ بالولايات المتحده الامريكيه والمملكه المتحده‏,‏ فهي تمثل موشرا لاسعار الغاز للشحنات الفوريه‏,‏ وهي تمثل‏5%‏ من السوق العالميه للغاز المسال‏.‏

ويقول ان اختلاف اسعار تصدير الغاز تبعا لاقتصاديات مشروعات التصدير واختلاف الاسواق من منطقه الي اخري بالعالم‏,‏ وكذلك طبقا لطبيعه الوقود البديل المتوافر‏,‏ ودرجه المنافسه في انحاء العالم‏,‏ ومن هنا كانت حقيقه ان عقود التصدير من اي دوله منتجه لا تعكس سعرا عالميا موحدا‏,‏ بل يتم تحديد الاسعار بالتفاوض بين اطراف العلاقه التجاريه‏(‏ الشركات والموسسات‏)‏ طبقا لعناصر تكلفه الانتاج والنقل‏,‏ والمعالجه والتوزيع وهوامش الربح‏,‏ واسعار الشراء المقبوله‏.‏

ويضيف قائلا‏:‏ ان المفاوضات ترتبط بتقييم محددات السوق في حينه‏,‏ من حيث العرض والطلب‏,‏ والعائد علي الاستثمار‏,‏ والفرص البديله‏,‏ وحجم المخاطره ولذلك تختلف الشروط من عقد لاخر‏.‏

ويوكد ان عدم الافصاح عن اسعار عقود الغاز عالميا يعد بمثابه شرط من شروط هذه العقود لمصلحه الاطراف المتعاقده وغير مقتصر علي مصر فقط‏.‏

‏30 %‏ من الانتاج‏..‏ للتصدير
وفيما يتعلق باستراتيجيه قطاع البترول لتحقيق التوازن بين التصدير والاستهلاك‏,‏ يوكد المهندس محمود لطيف رئيس الشركه المصريه القابضه للغازات الطبيعيه ان اجمالي ما يتم تصديره من انتاج الغاز المصري لا يتجاوز‏30%‏ متضمنا حصه الشركاء الاجانب‏,‏ وتستحوذ السوق المحليه علي نسبه‏70%‏ من الانتاج بما يمثل الاولويه المطلقه‏.‏

ويشير الي ان الزياده الكبيره التي طرات علي الاحتياطي المصري من الغاز نتيجه لما تحقق من اكتشافات جديده‏,‏ وضعت قطاع البترول امام تحد كبير يتمثل في ضروره البحث عن منافذ للتصدير‏,‏ بعد تامين الاحتياجات الحاليه والمستقبليه للسوق المحليه‏,‏ خاصه بعد ان تم تحويل معظم محطات الكهرباء للعمل بالغاز‏,‏ ولتوفير احتياجات القطاع الصناعي‏.‏

ويري ان عدم وجود منافذ جديده لاستيعاب الانتاج المتزايد من الغاز يعني توقف الشركات الاجنبيه عن تنميه اكتشافاتها الجديده‏,‏ او ضخ استثمارات جديده في عمليات البحث والتنقيب‏,‏ خاصه ان الغاز الطبيعي لا يمكن تخزينه بعد انتاجه من الحقول‏.‏

عقود تصدير الغاز
المهندس شامل حمدي وكيل اول وزاره البترول يشير الي التطور الذي شهدته اسواق الغاز الطبيعي واسعاره وبدايه تحول السوق لتقترب في شكلها من سوق الزيت الخام‏,‏ من حيث الشحنات الفوريه وتخفيض فترات العقود‏,‏ الا ان بنود التعاقد في عقود تصدير الغاز لم تكن بالمرونه الكافيه لاسيتعاب التطور الكبير في الاسواق العالميه للطاقه‏,‏ بل كانت في معظمها جامده نسبيا لا تسمح بالتغيير‏,‏ حيث انه لم يكن من المتوقع حدوث ذلك التطور الهائل في الاسواق العالميه‏,‏ وفي مستويات اسعار البترول العالميه‏.‏

ويوكد ان نتيجه ذلك نشات عده خلافات بين الدول المصدره والمستورده منها علي سبيل المثال عقود بيع وشراء الغاز بين روسيا واوكرانيا‏,‏ وروسيا وفرنسا‏,‏ والجزائر واسبانيا والجزائر وفرنسا‏,‏ وايران وتركيا‏,‏ واصطدمت تلك الدول بالتغيير الكبير في الاسواق العالميه للطاقه‏,‏ والذي لم يصاحبه المرونه الكافيه في العقود الموقعه‏.‏

ويشير الي ان قطاع البترول المصري بدا جهودا مماثله منذ اكثر من عام ونصف العام لاعاده التفاوض حول عقود التصدير‏,‏ ونجحت هذه الجهود في تعديل بيع وشراء الغاز الطبيعي لصالح الجانب المصري‏,‏ وزياده اسعار التصدير‏,‏ وذلك مع شركتي‏(‏ يونيون فينوسا‏)‏ الاسبانيه‏,(‏ وجاس دي فرانس‏)‏ الفرنسيه وهي تمثل المرحله الاولي من المفاوضات‏,‏ حيث تجري الان المراجعه الدوريه لباقي عقود تصدير الغاز في ضوء الاسعار السائده حاليا والمتوقعه‏.‏

اكبر وفر مالي
وحول قضيه تعديل سعر الغاز في الاتفاقيات البتروليه اكد المهندس اسماعيل كراره وكيل اول وزاره البترول لشئون الغاز ان الارتفاع الحالي في اسعار البترول يبرز اهميه التعديل الذي اجرته وزاره البترول عام‏2000‏ علي سعر شراء الغاز من الشركاء الاجانب‏,‏ بوضع حد اقصي لسعر الغاز في الاتفاقيات بحيث لا يتجاوز‏2.65‏ دولار لكل مليون وحده حراريه بريطانيه مهما ارتفع سعر الزيت الخام‏,‏ وهو ما حقق لمصر وفرا بلغ‏16‏ مليار دولار منذ يوليو عام‏2000‏ حتي نهايه ابريل الماضي‏.‏

احتياطي الغاز المصري
وحول معايير تحديد الاحتياطي الموكد للغاز الطبيعي المصري يقول المهندس عبد العليم طه الرئيس التنفيذي لهيئه البترول ان منظومه الغاز المصري شهدت تحولا جذريا خلال السنوات الاخيره‏,‏ حيث تم وضع استراتيجيه مستقبليه شملت التركيز علي اهميه اجتذاب الشركات العالميه لضخ استثمارات جديده في مشروعات التنميه والبحث والتنقيب‏,‏ مما انعكس بدرجه كبيره علي اكتشاف كميات ضخمه من الغازات الطبيعيه ادت الي زياده الاحتياطي الموكد من‏36‏ تريليون قدم مكعبه عام‏2000‏ الي‏72.3‏ تريليون قدم مكعبه بنهايه عام‏2007‏ وبزياده نسبتها‏100%.‏

ويشير الي ان الاحتياطي الموكد من الغاز اضاف لثروات مصر البتروليه ما يعادل‏19.5‏ مليار برميل زيت خام مكافيء اضافه الي ما تم انتاجه واستهلاكه للوفاء باحتياجات السوق المحليه والتصدير‏.‏

ويختتم بقوله ان الاحتياطي من البترول والغاز لاي كشف جديد يتم وفقا لمعايير وضوابط متعارف عليها عالميا‏,‏ وان معظم الاكتشافات تتم بواسطه شركات عالميه كبري‏,‏ ولا يتم الاعلان عنها الا بعد دراسه وتقييم بخبرات مصريه لها مكانه عالميه في صناعه البترول والغاز‏.‏

ليست هناك تعليقات: