السبت، ٢٤ مايو ٢٠٠٨

في ظل وعود حكومية بمراجعة الأسعار محاكمة شعبية اليوم لمصدِّري الغاز المصري إلى إسرائيل

صحيفة العرب القطرية

القاهرة - محمد الشرقاوي
تحت شعار «لا لنكسة الغاز».. تبدأ اليوم السبت بمقر نقابة المحامين المصرية أولى جلسات المحاكمة الشعبية لمصدري الغاز المصري لإسرائيل والتي تأتي في إطار سلسلة الاحتجاجات الشعبية التي أطلقت أخيرا ضد اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل بثمن بخس لمدة ٢٠ عاما يتراوح ما بين 70 سنتا و١.٥ دولار للمليون وحدة حرارية، بينما يصل سعر التكلفة إلى ٢.٦٥ دولار للمليون وحدة حرارية.
ويترأس هيئة المحكمة الشعبية الدكتور يحيى الجمل الفقيه الدستوري والوزير السابق وتضم في عضويتها المستشار طارق البشري والدكتور إبراهيم صالح والدكتور إبراهيم درويش ويمثل الادعاء العام فيها النائب المستقل علاء عبدالمنعم عضو مجلس الشعب المصري.
وقال محمد أنور عصمت السادات عضو مجلس الشعب السابق والمتحدث باسم حملة «لا لنكسة الغاز» التي أطلقتها الحملة الشعبية لوقف تصدير الغاز المصري: إن المدعى عليهم هم المهندس سامح فهمي وزير البترول باعتباره مسؤول الوزارة التي باعت الغاز لإسرائيل والمهندس أحمد لطيف رئيس الشركة القابضة للغازات ورجل الأعمال حسين سالم رئيس شركة غاز شرق البحر المتوسط، ويمثل شهود الإثبات كل من السفير السابق إبراهيم يسري وعدد من خبراء البترول.
واكتسبت هذه الحملة المزيد من الزخم بعد انضمام آلاف المصريين ووزراء سابقين وقضاة وفنانين ومثقفين إليها وفي طليعتهم المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق والناقد علي أبوشادي رئيس الرقابة على المصنفات الفنية والسيناريست أسامة أنور عكاشة والأديب يوسف القعيد والروائي صنع الله إبراهيم والمخرج يوسف شاهين والشاعران عبدالرحمن الأبنودي وأحمد فؤاد نجم والفنان محمد صبحي والمستشاران هشام البسطويسي وزكريا عبدالعزيز ونواب البرلمان حمدين صباحي وطلعت السادات ومحمد شردي ومحمد عبدالعليم وجمال زهران ومصطفى بكري، فضلا عن رموز في جماعة الإخوان المسلمين وحركة كفاية.. كما انضم لقوائم الغاضبين عدد من أعضاء الحزب الوطني.
ويقول مسؤولون في وزارة البترول المصرية إن الكميات المصدرة من الغاز المصري لإسرائيل لا تتعدى %2.5 من الإنتاج المصري البالغ ٦.٣ مليار قدم مكعب يوميا. وإن تكلفة إنتاج الغاز في مصر تتراوح بين ٨٠ سنتا و١.٢٥ دولار لكل مليون وحدة حرارية تقريبا وإن متوسط سعر تصدير الغاز المصري بشكل عام هو ٥ دولارات لكل مليون وحدة حرارية.. لكنهم يؤكدون في الوقت نفسه «أن سعر تصدير الغاز بالاتفاقيات سواء أكان لإسرائيل أم غيرها، محكوم في العقد ببند السرية ولا يجوز التصريح به»!
ويقول القائمون على الحملة الشعبية لوقف تصدير الغاز المصري إن الثروة الضخمة التي أهدتها الحكومة إلى تل أبيب ملك خاص للأجيال القادمة، ولا يجوز لأحد التصرف فيها، وإن الحكومة «تبيع ما نملك للأعداء بتراب الفلوس».
واعتبروا أن التعتيم على الموضوع أعطاه غموضا دفع جميع المصريين إلى القلق، خاصة أن غالبية الشعب المصري ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومن ثم ضد تصدير الغاز إلى إسرائيل.
ويؤكدون أن اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل غير دستورية من بدايتها لأن المادة ١٥١ من الدستور المصري تلزم بعرض مثل هذه الاتفاقيات على مجلس الشعب –البرلمان- باعتباره مجلسا تشريعيا ورقابيا.
ويرون أيضا أن الصفقة تعتبر جريمة في حق مصر في ظل غياب دورها السياسي في المنطقة، كما أن قضية البيع نفسها تحمل أبعادا عدَّة أهمها أن المسؤولين المصريين يبيعون الغاز للفقراء المصريين بسعر مرتفع جدا عن بيعه للإسرائيليين.
وطلب المستشار محمود الخضيري -أحد رموز الحملة- من الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر والدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الكشف عن الحكم الشرعي لإمداد إسرائيل بالغاز الطبيعي، ودعا العاملين بشركات الغاز التي تصدر الغاز لإسرائيل إلى الإضراب عن العمل والبقاء في المنازل، مشيرا إلى أنه تأكد من بعض الروايات أن العمل بهذه الشركات حرام شرعا.
الطريف أن الفنان الشعبي الأشهر في مصر حاليا شعبان عبدالرحيم انضم للحملة الشعبية لوقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل واختار كلمات أغنية ينوي إطلاقها ضمن الأنشطة الجماهيرية للحملة يقول مطلعها «اللي عايز يفنجر يفنجر من جيبه.. الغاز هيفضل بتاعنا واللي عايزه يجيله.. هييه».
في السياق ذاته، شهد مجلس الشعب المصري حالة من الغضب العارم وطالب أكثر من مئة وعشرين عضوا من جبهتي المعارضة والمستقلين بإلغاء الصفقة ولو أدى الأمر لتعرض مصر لعقوبات اقتصادية.
كما طالب هؤلاء بتحويل جميع المسؤولين الذين وافقوا على إبرامها للتحقيق. فيما ترددت أنباء عن احتمال هجرة الملياردير المصري حسين سالم لأوروبا بسبب تواصل الهجوم عليه والمطالبة بمحاكمته بتهمة تبديد مليارات الدولارات على الخزانة المصرية بسبب تلك الصفقة التي عقدها مع الملياردير الإسرائيلي يوسي ميمار.
وفي محاولة لتبرئة ساحتها وتبديد الغضب المتنامي في الشارع المصري، أكدت الحكومة المصرية على لسان الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء عزمها اتخاذ جميع السبل من أجل رفع أسعار بيع الغاز ومنها الغاز المصدر لإسرائيل بعد اشتعال السعر العالمي للبترول.
بدوره، قال المهندس سامح فهمي وزير البترول إن الوزارة تسعى بقوة لمراجعة أسعار تصدير الغاز بهدف زيادة إيرادات مصر من هذا القطاع. وهدد الوزير بفسخ جميع العقود مع الدول أو الشركات التي ترفض القبول برفع تلك الأسعار مهما كانت العواقب.
يُذكر أن إجمالي صادرات مصر من الغاز يمثل %٢٨ من إجمالي الإنتاج نصيب مصر منها %١٤ والنصف الآخر للشريك الأجنبي مقابل تكاليف الاستكشاف والإنتاج، وتشير التقديرات الرسمية إلى ارتفاع الاحتياطي المصري من الغاز إلى ٧٢.٣ تريليون قدم مكعب، بعد إضافة ٦.٢ تريليون قدم مكعب خلال العام الماضي للاحتياطي وتنمية الحقول المنتجة، وتتوقع أن يرتفع هذا الاحتياطي إلى ٧٥ تريليوناً نهاية يونيو المقبل.

ليست هناك تعليقات: