الأربعاء، ٣٠ أبريل ٢٠٠٨

إعلانات «أجريوم» تفجر تساؤلات حول سعر بيع الغاز للشركة

المصرى اليوم

كتب أحمد الصاوي

«أم المتناقضات» تلك علي الأرجح أوقع كلمة لوصف قضية مصنع «أجريوم» للأسمدة، خاصة فيما يتعلق بموقف الشركة والحكومة علي السواء، وبعيدًا عن المخاوف الشعبية في محافظة دمياط حيث موقع المصنع من الآثار البيئية للمشروع - تلك المخاوف التي تفسرها جهات حكومية بأنها تأتي بـ«الإيحاء» - تبقي الأوراق الرسمية والتصريحات المعلنة دليلاً كافيا علي هذا التناقض والتخبط.
وخلال الأيام الأخيرة ظهرت ٤ أشياء تدل ببقين كامل علي هذا التناقض وتضع عدة علامات استفهام، أولها إعلان مدفوع نشرته شركة «أجريوم» في غالبية الصحف القومية والحزبية والخاصة ولاتزال تنشره، والثاني نص عقد تسعير الغاز الخاص بالمشروع، وعقد تأسيس الشركة بين «أجريوم» الأم، والشركة القابضة للبتروكيماويات، والثالث تعقيب المهندس محمود لطيف، رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية والمنشور في «المصري اليوم»، يوم ١٦/٤/٢٠٠٨.. علي ما أثاره مجدي الجلاد، رئيس تحريرها، حول تسعير الغاز للمشروع، والرابع الحوار الذي أجرته «المصري اليوم» مع المدير التنفيذي لأجريوم جريج ماجلون يوم ١٨/٤/٢٠٠٨.
ففي الوقت الذي، أكد فيه إعلان «أجريوم» في بيان للعائد الاقتصادي للمشروع، أنه أول مشروع مصري يتعامل بأسعار الغاز بأعلي سعر، ويستمر في الارتفاع كلما ارتفعت أسعار اليوريا. قال لطيف نصًا: إن تسعير الغاز للمصنع يتم وفق المعادلة السعرية السابقة، بمعني أن سعر اليوريا الذي يبلغ حاليا ٤٥٠ دولارًا للطن، يؤدي إلي أن يكون سعر الغاز للمصنع يصل إلي ٤،٢٥ دولار، لكل مليون وحدة حرارية، والسعر العالمي للأمونيا الذي يبلغ ٥٧٥ دولارًا للطن، فإن سعر الغاز للمصنع في هذه الحالة يصل إلي ٥،٤ دولار لكل وحدة حرارية، بينما يضع مدير «أجريوم» طريقة أخري في الحساب، مشيرًا إلي أن أسعار اليوريا حاليا هي ٤٠٠ دولار للطن، والمصنع يشتري الغاز بسعر ٣،٥ دولار لكل مليون وحدة حرارية.
هذا علي الرغم، من أن عقد تسعير الغاز للشركة ينص علي أن السعر هو «١» دولار فقط للمليون وحدة حرارية، وأن الدولار الواحد هو سقف المعادلة السعرية لمدة ٥ سنوات من العقد، وهو ما يؤكد عدم صحة ما نشر في إعلان «أجريوم» حول سعر شراء الغاز من الحكومة المصرية.
وبينما نفي لطيف ما تم نشره عن أن شركة «أجريوم» مصر ستبيع إنتاجها للشركة الأم «أجريوم إنترناشيونال»، واعتبره أمرًا «غير وارد» - حسب نصه - ويندرج تحت النصب والاحتيال في حالة حدوثه، قال مدير أجريوم صراحة إن شركة أجريوم الأم ستحتكر حصة التصدير لكل منتجات أجريوم المصرية من اليوريا وبشكل حصري - حسب وصفه، مبررًا ذلك بأنها ثاني شركة في العالم، ونافيا أن يكون لهذا الاحتكار تأثير علي الأسعار، وأن تكون صيغة الاحتكار مقدمة لتحديد الأسعار من قبل الشركة الأم، فيما ينص عقد التأسيس في مادته الـ «١٦» علي أن تلتزم الشركة بتصدير ٧٥% من إنتاجها خارج البلاد، وتمتلك الحكومة حق إعادة النظر في المشروع في حالة إخلال الشركة بهذا البند.
وعلي الرغم من تأكيد إعلان «أجريوم» توفير المشروع لحوالي ١٥ ألف فرصة عمل مباشرة، وغير مباشرة، إلي جانب ١٢٠٠ فرصة سنويا خلال عمر المشروع، ينص عقد التأسيس في صيغته الأولي علي أن فرص العمالة المصرية ٢٤٧ عاملاً من إجمالي ٢٥٠، وفي صيغته الثانية تم تعديل عدد العمالة المصرية ليصبح ٢٥٠ عاملاً منهم ٢٥% عمالة أجنبية بما يعني ألا تزيد العمالة المصرية علي ١٨٨ عاملاً فقط.
وبينما قال لطيف إن العائد لمصر من بيع الغاز لمصنع «أجريوم» يمكن أن يصل إلي ٥،٨ لكل مليون وحدة حرارية من اليوريا، و٧ دولارات لكل مليون وحدة حرارية من الأمونيا، ومع إضافة تكاليف الإسالة والنقل والضرائب والتحويل للحالة الغازية يصل تقريبًا إلي ٧،٥ دولار للمليون وحدة حرارية، أكد أن هذا السعر يعادل أسعار تصدير الغاز الطبيعي المسال في الأسواق العالمية، مما يعني أنه حدد السعر العادل لتصدير الغاز المصري بـ ٧،٥ دولار بما يتناقض مع الأسعار المعلنة لبيع الغاز المصري لعدد من الدول حسب عدة اتفاقيات.
في الوقت الذي، تحصل «أجريوم» فيه علي الغاز المصري - حسب عقد التسعير - بدولار واحد لكل مليون وحدة حرارية، ويوجه ٧٥% من إنتاجه - حسب عقد التأمين - إلي الخارج، وتحتكر «أجريوم الأم» إنتاجه - حسب كلام المدير التنفيذي - يخضع المصنع لنظام المناطق الحرة - حسب عقد التأسيس - فلا يدفع ضرائب، وتقدم ما لا يزيد علي ١٨٨ فرصة عمل - حسب عقد التأسيس - فلا تساهم في أي حل ذي قيمة لأزمة البطالة، الأمر الذي يؤكد أن المشروع في إجماله أقل من الجدوي التي تستحق أن تبقي عليه الحكومة وتستميت في الدفاع عنه.
ومن أبرز التناقضات التي تحيط بالمشروع هو التركيز الشعبي والإعلامي علي الآثار البيئية للمشروع، والدعوة إلي إبعاده عن المحمية الطبيعية في رأس البر إلي صحراء السويس أو غيرها، وكأن الأزمة في الآثار البيئية وحدها، وليست في الجدوي الاقتصادية للمشروع.

ليست هناك تعليقات: