الاثنين، ٢٤ مارس ٢٠٠٨

لماذا يصر مسئولو الحزب الوطني على أنهم وحدهم على صواب وجموع المحرومين على الخطأ المبين؟..انتقادات لاذعة للحكومة على عجزها عن الرد على الأسئلة البرلمان

المصريون

نبدأ جولتنا الجديدة في صحف القاهرة الصادرة الاثنين من مقال ابراهيم عيسى في جريدة الدستور اليومية،ونقرأ:
(كل هؤلاء المسئولين في الحزب الوطني من جمال مبارك إلى عز وهلال وكمال (مش الشاذلي) وخلافه يلفون محافظات مصر ويعقدون مؤتمرات حاشدة بقوات الأمن المركزي والأمن الحزبي من أجل شيء واحد فقط، هو إقناع الناس بأن العلبة فيها فيل!!
اسمحوا لي أنا مندهش في بلد لم يعد يندهش فيه أحد، أن هذا الحزب الحاكم يعيش داخل كذبة كبرى وكأنه حزب بجد، وكأن الانتخابات بجد، يا الله، فليطلب أحد الإسعاف بسرعة، الضغط ح يفرقع، إلى هذا الحد تحول الكذب على الناس إلى الكذب على النفس.
البقاء الطويل والأبدي في السلطة، وغياب المحاسبة والمكاشفة، وعدم قدرة الناس على مواجهة هذا النظام بأخطائه وجرائمه، واستشراء النفاق حتى باتت مصر عاصمة النفاق في العالم، جعل هؤلاء المسئولين في حالة فصام تام عن الواقع، إنهم يعيشون في عالم آخر لا علاقة له بالحقيقة، عالم مصنوع من ورق تقارير مباحث أمن الدولة، فأين هي تلك الانتخابات التي يدعون إليها، وكيف يمكن لحزب منع الترشيح وسجن المرشحين أن يقنع الناخبين إن فيه انتخابات أساسا، لا تكاد تصدق نفسك عندما ترى هؤلاء المسئولين ح يطق لهم عرق، يخطبون أمام موائد في سرادقات أو قاعات للحزب الوطني لا يتنفس فيها أحد إلا بأمر حبيب العادلي ولا يملك فيها شخص رفع عينه في وجه جمال مبارك، وهم يخطبون خطبا ساذجة، وبيانات تافهة، وبأرقام بليدة دعاية لحزبهم المزعوم في الانتخابات المزعومة، إنهم يتمتعون بقدر هائل من السماكة النفسية، فلا يمكن أن يخشع أحدهم أو يخشى مما يفعله أو يختشي من فشله، فرعون كان صادقا تماما في تعبيره عن نفسه، حين اتهم السحرة الذين ألقوا عصيهم وقالوا آمنا برب موسى بالتآمر، فقد رد عليهم دي مؤامرة كلاب، هذا كبيركم الذي علمكم السحر، كان من المستحيل أن يصدق فرعون أنه فاشل، وأنه مستبد، وأن عليه أن يرحل، هذه الحالة الفرعونية لا تزال تسري في الـ DNA بتاع مسئولي السلطة في مصر الذين لا يشعرون بفشلهم ولا يصدقونه، كلما أغرقوا البلد في مصيبة قالوا هذه من فعل المواطن، أما نحن ففراعنة لا نخطئ، ولا يمكن لنا أن نخطئ، يخطئ الشعب، تخطئ المعارضة، يخطئ الخطاءين التوابون، يردون عليك ابن آدم جائز، لكن الرئيس لا، هذه الغطرسة هي التي تقود مصر هذه الأيام إلى ما هي فيه من محن تقود إلى محن، وكلما خرجوا وتكلموا برأوا أنفسهم واتهموا شعوبهم، أقرأ تصريحات المسئولين عن تلوث المياه، عن البطالة، عن الفقر، عن أزمة رغيف العيش، ستجدها كلها تصب اللعنات على الشعب الذي يزرب أطفالا (رغم أن مصر من أكثر بلدان العالم نجاحا في تنظيم الأسرة.. تخيل) وأن الشعب هو الذي يأكل زيادة، أو الشعب هو الذي يستغل الدعم، أو أن الشعب هو الذي لا يريد أن يعمل، باختصار هم حكام عظام، أما الشعب فهو اللي مش عارف يتحكم، ولهذا هم يتجولون مع كبيرهم جمال مبارك في جولات الحزب، كي يشرحوا للشعب هذه الحقيقة الكاملة، إنه يحمد ربنا إننا قابلين نحكمكم، وكمان لازم تنتخبونا، ومع إن الشعب لم يقل أي شيء وعمره ما قال لهم لأ والنبي هاتوا حكاما غيركم، ومع إن الشعب لا يعارض ولا يقاوم ولا يواجه، إلا أن مسئولي الحزب الوطني مصرون على أن يفهموا الشعب غلطه، لهذا يذهبون إلى المؤتمرات يخطبون في عساكر الأمن المركزي ومخبري المباحث وموظفي العلاقات العامة في المحافظة وسواقي أعضاء مجلس الشعب والشورى وسفرجية الفراشة والسادة اللواءات مساعدي السيد الوزير كي يقنعوا الشعب بأن العلبة فيها فيل.. حتى شوفوا الزلومة!!)

ومن جريدة المساء نقرأ لمحمد فودة حول الفشل الحكومى في الرد على الجوانب الخفية المتعلقة باتفاقية تصدير الغاز للعدو الصهيوني: (كشف نواب الشعب العوار في اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل.. وهل هي اتفاقية مشروعة أم خارجة عن الإطار الشرعي المتعارف عليه في ضرورة عرض هذه الاتفاقيات علي مجلس الشعب للحصول علي موافقته بعد مناقشتها من كل الجوانب.
لقد نفي الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس صدور أي اتفاقية من المجلس تلزم الحكومة بتصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل.
وعندما طلب الدكتور سرور من ممثلي الحكومة الرد علي سؤال بهذا الشأن طلب الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون البرلمانية والقانونية بعد التشاور مع المهندس سامح فهمي وزير البترول مهلة للرد علي هذا السؤال!!
ومعني طلب المهلة أن الحكومة فوجئت بهذا الطلب ولم تكن مستعدة للاجابة رغم أن هذا الموضوع مثار إعلامياً منذ فترة طويلة.. فكيف تفاجأ الحكومة به؟!
إن هذا لا يعني سوي شيء واحد أن الحكومة مررت هذه الاتفاقية بعيداً عن المجلس حتي تتفادي اعتراضات النواب عليها خاصة أن هذه الاتفاقية يتلبسها جانب سياسي مع دولة مازالت تعيش علي سياسة العدوان والاغتصاب وسفك الدماء وليس قتل المواطنين الفلسطينيين فقط وإنما أفراد من الشعب المصري دون سبب.
فهل جاء طلب المهلة من جانب الحكومة لمحاولة تدبيج رد يبرر توقيع الاتفاقية مباشرة مع تل أبيب دون العرض علي مجلس الشعب؟! وهل وجود وسيط في هذه الصفقة بين الحكومة المصرية وبين إسرائيل - بمعني أن الاتفاقية لم تكن مباشرة بينهما - يعفي الحكومة المصرية من المسئولية؟!
لو كانت الحكومة واثقة من مشروعية تصرفها لكانت جاهزة بالرد مباشرة دون طلب هذه المهلة.. فالطالب الذي يذهب للامتحان يكون جاهزاً للاجابة عن الاسئلة ولا يطلب من الممتحن فرصة أخري للاطلاع والمذاكرة.
ورغم ما قيل من أن سعر الصفقة المعقودة مع إسرائيل متدن جداً بالنسبة لأسعار السوق ومن أن مدة الاتفاقية عليها علامات استفهام كثيرة إلا أن أصل المشكلة هو تمرير الاتفاقية دون العرض علي مجلس الشعب كغيرها من الاتفاقيات!
ولذلك يجب علي الحكومة أن تعد رداً مقنعاً لا يترك فرجة تنفذ منها سهام النواب سواء أكانوا أغلبية أم معارضة أم مستقلين لأن الأمر هنا فوق الحزبية وهو مصلحة مصر القومية.
وبهذه المناسبة أرجو ألا ينتهي الأمر بتحميل وزير بعينه مسئولية هذه الاتفاقية والتضحية به ككبش فداء.. لأن الأمر يتعلق بالحكومة كلها وليس بوزير واحد.
وفي انتظار رد الحكومة الذي نرجو بعد مناقشته في البرلمان أن يكون ختامه كالعادة الانتقال إلي جدول الأعمال.)

وغلى جريدة المصري اليوم حيث نقرأ للدكتور ضياء رشوان الذي كتب تحت عنوان (الخلاصة:إنه نظام فاشل): (يمكن النظر لما تعيشه مصر خلال السنوات الخمس والثلاثين الماضية، منذ أن قرر رئيسها السابق أنور السادات، أن يتحول نظامها السياسي والاجتماعي إلي نظام رأسمالي التوجه اقتصادياً واجتماعياً وليبرالي ديمقراطي سياسياً. فهذا هو الاختيار الاجتماعي والسياسي للنخبة السياسية الحاكمة في مصر منذ ذلك الوقت، وهو الاختيار الذي زاد وضوحه سواء في وثائق الحزب الوطني الحاكم ومختلف الحكومات التي تتابعت علي البلاد، أو في السياسات التي تم اتباعها طيلة تلك السنوات، خاصة في العشر الأخيرة منها.

ظلت مصر تُحكم وأبناؤها بهذا النظام لفترة تماثل بالضبط الفترة التي استطاع محمد علي باشا أن يقيم فيها كل أسس مصر الحديثة من عام ١٨٠٥، حتي ١٨٤٠، وأطول بنحو خمس سنوات من الحقبة الليبرالية بأكملها، والتي امتدت من صدور دستور عام ١٩٢٣، وحتي قيام ثورة يوليو عام ١٩٥٢، وأكثر من ضعف سنوات فترة الحكم الناصري الثورية بمرحلتيها التعاونية والاشتراكية من مارس ١٩٥٤ وحتي مايو ١٩٧١ ..

وبدا ملحوظاً وغريباً ثم بعد ذلك محزناً ثم مفجعاً، أن يكون النظام الحالي - الذي يحكم البلاد سياسياً واجتماعياً طوال تلك السنوات الخمس والثلاثين، أو الثلاثين علي الأقل، والتي هي عمر الحزب الوطني الديمقراطي - هو الأفشل في تحقيق ما طرحه هو نفسه من أهداف وشعارات بالمقارنة بتلك الأنظمة السابقة مع الاختلاف الجوهري في توجهاتها السياسية وانحيازاتها الاجتماعية.

فنظام محمد علي باشا الاستبدادي سياسياً والنهضوي اقتصادياً وتصنيعياً وعلمياً، أنجز قبل أن تنقض عليه القوي الأوروبية العظمي، حينئذ، كثيراً مما تعيش عليه مصر اليوم سواء في بنيتها التحتية الزراعية والمائية أو في بنيتها العلمية والثقافية. والنظام الليبرالي القائم علي دستور ١٩٢٣ استطاع أن ينجز علي الصعيد السياسي حالة إيجابية من التفاعل والبناء السياسي الحزبي والمؤسسي في البلاد، تبدو لنا اليوم كحلم بعيد تصعب علينا استعادته في واقعنا الراهن.

كما استطاع النظام الثوري الناصري أن ينجز معظم أهدافه العامة، التي تركزت أكثر علي صعيد العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين ونشر التعليم، وإقامة كل تلك المؤسسات والهيئات التابعة للقطاع العام، التي يتصرف فيها النظام الحالي وقتما يشاء وبالطريقة التي يشاء.

أما نظامنا الحالي الذي لايزال يزعم أنه ليبرالي سياسياً ورأسمالي اقتصادياً، فهو لا يزال أيضاً يطالبنا نحن المصريين بعد كل تلك السنوات بأن نصبر معه وعليه لسنوات أخري لا يعلم أحد - سوي الله - عددها حتي يستطيع أن ينجز ما لم ينجزه في العقود الثلاثة التي استغرقها وجوده. لا يزال نظامنا يحدثنا عن «السنوات القادمة» التي سنشهد فيها ليبرالية سياسية حقيقية ورأسمالية اقتصادية، مثل تلك التي يعرفها كثير من أمم العالم، ولكن علينا الانتظار والتحمل معه ومنه، حتي نصل لهذه الأهداف البعيدة.

هذا الحديث الممل المتكرر من جميع مسؤولي وقادة هذا النظام السياسيين والحزبيين والإعلاميين منذ قيامه قبل أكثر من ثلاثين عاماً عن «المرحلة الانتقالية الصعبة»، التي نمر بها، والتي يجب علينا تحملها حتي يأتي الأفضل، لم يصبح فقط مكشوفاً وفاقداً كل مصداقية عند عموم المصريين، بل هو أيضاً اعتراف كافٍ وصريح ومتكرر أيضاً بالفشل في إدارة البلاد، بل وإغراقها في مستنقع، بتنا نخشي جميعاً اليوم من أن يتحول إلي فوضي عارمة لا تبقي علي شيء أو أحد، وفي مقدمتهم ذلك النظام نفسه.

ولسنا بحاجة لذكر جميع مظاهر ومؤشرات فشل هذا النظام في تحقيق كل من زعم انتماءه إليه والتزامه به، خلال كل تلك السنوات الطويلة.. يكفي فقط أن نري آخر أزمتين خلقهما، ولم يستطع حلهما، لنعرف حقيقة ادعاءاته: أزمة الخبز الخانقة لأغلبية المصريين، والتي تؤكد لنا زيف الادعاء بأنه «نظام رأسمالي»، له ذلك العمر الطويل في الحكم، فلا يمكن لمثل هذه الأزمة أن توجد من الناحية النظرية في نظام يحمل تلك الصفة، وهي لم تحدث عملياً في أي نظام رأسمالي مماثل، سواء كان قديماً مثل تلك القائمة في أوروبا أو حديثاً مثل تلك الموجودة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

كذلك الطريقة الفريدة، التي يدير بها النظام انتخابات المجالس المحلية والتي لا يوجد لها نظير في أي دولة بالعالم كله، تؤكد زيف زعمه بأنه «نظام ليبرالي» سياسياً، وتضعه في مكانه الحقيقي كنظام احتكاري مغلق مستبد.)

ليست هناك تعليقات: