الأربعاء، ٢٦ مارس ٢٠٠٨

المصريون يتساءلون عن حدود الصبر ويتوقفون عن الحلف بالعيش لأن أحواله لا تسر!!تواصل الانتقادات لتصريحات شهاب حول اتفاقية تصدير الغاز للعدو الصهيوني..

رجال الأعمال يسطون على الأمن القومي المصري..لماذا يتمسك النظام بوزارة التضامن الاجتماعي؟

المصريون

نبدأ جولتنا في صحف الأربعاء القاهرية من جريدة الجمهورية ومنها نقرأ لمجاهد خلف حول صبر المصريين الذي تجاوز الحدود ورغيف الخبز : (حقا إنها مصر المحروسة.. وهذا ليس من قبيل الإنشاء والإطراء أو التغني بمصر والتأكيد علي أنها كنانة الله في أرضه فعلاً.. فمن لطف الله ورعايته وحراسته لها أنه لم يجعل مشاكلها وكوارثها دفعة واحدة.. بل تأتينا فرادي.. حتي ولو كانت متتابعة كالخيط الموصول.. وهو أمر مثير للدهشة والتعجب ويدعو للتأمل والتفكير مع عمق الإيمان حتي لا يخلط المرء بين فكر الرحمة والنجاة.. وشواهد الاختبار وماوراء الابتلاء.
فالحمدلله.. أن أزمة الخبز جاءت في عنفوانها شبه مستقلة ولم تجتمع حدتها مع أزمات أخري.. السكر.. الزيوت.. اللحوم الحمراء والبيضاء وغيرها من سلع رئيسية وضرورية لحياة الإنسان.. وهذا من لطف الله ليبتلينا أنصبر أم لا؟ .. مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن الصبر يكون علي الشدة.. وليس علي الضيم أو الظلم وإلا انتقل إلي خانة "الذلة والعار".
والناس تتحدث الآن عن هذا الصبر المحيّر.. وتساءل البعض صراحة: هل الصبر بلا حدود؟.. وهل نسي الشعب "إنما للصبر حدود".. والتي طالما تغني بها مع كوكب الشرق.. محذرا من المساس بكرامته في حبه.. بكل أشكاله سواء كان موجها للمحبوب.. أو للوطن الحبيب؟!
والحقيقة انه "صبر محيّر" فعلاً.. لأن الأمور اختلطت وتداخل الحابل بالنابل.. وامتزج الصبر علي الشدة.. بتلال الصبر علي الفساد الذي جاوز المدي.. وأصبحنا أمام صبرين أمر من الصبر نفسه.. فترآي لعيون الكثيرين أشياء أخري لا يفهمونها.. حتي قالوا صراحة عبارات كثيرة: الناس ستنفجر لكن لم يحدث أي شيء.. "الناس اتخنقت".. وأيضا لم يحدث أي شيء.. والأمور تسير.. رغم ما تسمعه من قعقعة إلا أنك لا تري طحنا.. وأيضا "لماذا هذا الصمت الغريب؟.. الشعب المصري جبار.. كيف يتحمل كل هذا؟! وأشياء من هذا القبيل الممعن في الغرابة والاستغراب..
لقد نسي هؤلاء وأولئك أنه "صبر فاسد".. وازداد فسادا بصبره علي الفساد.. وذلك لأن الفساد بطبيعته لا يحتاج إلي الصبر.. وعلاجه البتر.. وهو يعيش ويتطاول مع الصبر.. ومرور الوقت يزيده قوة وإفسادا.
ولذلك ذاق الناس الأمرين لجمعهما صبراً علي الشدة.. وصبراً علي الفساد فتضاعفت الهموم وادلهمت الدروب وطال الانتظار لأوهام لا تجيء.
** أزمة الدقيق الحالية تذكرنا بأزمة الدولار -المأسوف علي شبابه- وذلك أيام كانت له أسعار عدة في الأسواق للصرف.. وهي اللعبة التي اغتني من ورائها من اغتني.. وخللقت جيلاً بل أجيالاً لا تعرف إلا "التكويش" وجمع الثروات الطائلة دون مجهود علي الإطلاق.. وخلقت أيضا أباطرة ومحترفين للعمل في السوق السوداء.. وتربح الكثيرون من وراء أسعار الدولار المتعددة.. والتي كان الفارق بينها رهيبا وكفيلا بتحقيق ثروات في طرفة عين فقط بلا مبالغة.
أيضا في أزمة الدقيق يوجد من تربحوا من ورائه "عادة" و"فاخر" وبكل أنواع وأصناف الاستخراج 72 و82% يتسلمون الدقيق سعر الجوال 16 جنيها. ويبيعونه الآن ب120 جنيها.. يحدث هذا أمام أعين ومسامع جميع المسئولين.. ليس الآن فقط. ولكن منذ سنوات وسنوات.. ولم يتحرك أحد.. وحتي عندما يفكرون في المواجهة يحدث هذا لساعات فقط وليس لأيام ثم تخمد النيران وتظل تحت الرماد.. وتنشط المافيا ومعها القوي الحامية للفساد.. وتتطاول في البنيان ولا يسألها أحد من أين لك هذا؟! وصار هناك نوع من الاستئناس بين تلك القوي.. تجاوز الحدود إلي التحالف علي قوت الشعب المسكين والمغلوب علي أمره.. المستسلم لواقعه أيا كان حلوا أو مراً..
أغرب ما في القضية أنهم يسألون عن كيفية حل الأزمة.. لا بل القضاء عليها نهائيا؟!.. وهم يعلمون الجواب تماما.
الحل بدون لف أو دوران: أن يتم توفير الدقيق في الأسواق حتي تتشبع.. أن يكون متاحا متي تطلبه تجده بسعره الحقيقي.. ألا تكون هناك سوق سوداء للدقيق الأبيض.. أن يكون اللاعب في الدقيق وبه كمن يلعب في عداد عمره.. كما يقولون.. بلا تهاون مع من يتجرأ علي الدقيق بأي نوع من أنواع الاجتراء والافتراء.
أن تعود القدسية مرة أخري لرغيف العيش.. ألا يكون مهانا بين محبيه وعاشقيه والمرتبطة حياتهم به آناء الليل وأطراف النهار.. أن يسترد الرغيف عافيته ومكانته التي فقدها عند العامة والخاصة.. أن يكون "النعمة" التي يحلف بها وعليها الكثيرون واعتباره من الأيمان المغلظة بعد الحلف بالله -كما نري في عرف البعض- وليس شرعا بالطبع.
أن يكون "رغيف العيش".. هو النعمة التي إذا رأي فرد قطعة ولو يسيرة منه ملقاة علي الأرض -أي أرض- يلتقطها.. ويقبلها.. ويقدم لها الاعتذار الفوري دون انتظار لقرار أو قانون أو تعليمات من هناك وهناك.. وهو ما نجده في ذلك السلوك العفوي بعد أن يقبلها ويضعها فوق أم رأسه.. ثم ينحني بها ليضعها علي "جنب".. بجوار حائط أو ما شابه ليحفظها بعيدا حتي لا يمسها أحد بسوء أو يدوسها بقدمه.. وحتي تظفر بها بعض دواب الأرض لتستفيد منها وتسد رمقها.)

ومن جريدة الوفد نقرأ لسليمان جودة الذي كتب بدوره من وحي أزمة الخبز متسائلا عن سر بقاء الوزارة الشوهاء المسماة وزارة التضامن الاجتماعي طالما انها فاشلة بجدارة في كل المهام: (دمج وزارة الشئون الاجتماعية، مع وزارة التموين، أدي إلي وجود مسخ اسمه وزارة التضامن الاجتماعي.. فلا نحن احتفظنا بكل وزارة منهما، علي حدة، لتؤدي ما كان عليها أن تؤديه للناس، ولا نحن أنتجنا شيئاً في النهاية له معني، أو حتي قيمة، فضلاً عن أن عبارة »التضامن الاجتماعي« عبارة إنشائية، ومسمي مطاطي، وشيء بلا ملامح، ولا معالم، وبالتالي فلا أحد يعرف، علي وجه اليقين، ما هو الدور المنوط بهذا الشيء، علي وجه التحديد!

فالمفروض، في ظل دمج الوزارتين معاً، أن يكون الوزير الجديد، مسئولاً، في جزء من عمله، عن رغيف العيش، الذي كان من قبل، يقع ضمن مسئولية وزير التموين، بشكل مباشر.. ولكن ما حدث، وما يحدث الآن، يشير إلي أن مسئولية من هذا النوع، إنما هي عائمة، بعد أن تفرقت دماؤها بين الوزارات، وصار الوزير المختص، يتكلم كثيراً، ولا يفعل شيئاً، ويسمع الناس منه، كل يوم، ما يؤكد علي أن مسئوليات التموين بكاملها، ومن بينها الرغيف، قد انتقلت إليه، وأنه مسئول عنها، فإذا التفتوا إلي الواقع، لم يجدوا شيئاً مما يقوله، متحققاً علي الأرض!

وإذا كان الأمر، قد وصل إلي حد أن يتدخل الرئيس شخصياً، ليحل المشكلة، عن غير طريق وزارة التضامن الاجتماعي، ومن غير وزيرها، فإن من حق أي مواطن أن يتساءل، عما إذا كانت هناك ضرورة لبقاء وزارة كهذه، أو حتي بقاء الوزير فيها!!

إن تدخل الرئيس، في حد ذاته، دليل غير مباشر، علي أن الوزارة، لا وجود لها، ولا تأثير، ودليل أيضاً، علي أن سكوتها، علي أزمة الرغيف، حتي تتفاقم إلي هذه الدرجة، معناه أن هناك تقصيراً شنيعاً، في الأداء يستدعي المساءلة، والمحاسبة.

لقد فهم الملايين من المصريين، من فكرة دمج الوزارتين معاً، أن هناك نية للتخلي عنهما أصلاً، في المستقبل، بإلغائهما من الأساس بعد تمييع دورهما.. وقد كان هذا مقبولاً، لو أن الناس، في الدولة، لم يعودوا بحاجة إلي وزارة تموين، ولا إلي وزارة شئون اجتماعية، ثم تبين، عند أول اختبار، أن هاتين الوزارتين، علي وجه الخصوص، هما أكثر الوزارات اتصالاً بحياة البسطاء الذين لا عون لهم، في الشارع.. وأنهما في حاجة، خصوصاً في وقتنا الحالي، إلي ممارسة دورهما، بأكبر مما كان عليه هذا الدور، في أيام وسنين مضت!

والشيء الغريب، أن الدكتور علي مصيلحي، وزير التضامن الاجتماعي، قد انشغل بشيء آخر تماماً، هذه الأيام، بينما الصراع علي الرغيف يتصاعد، أمام المخابز والأفران.. لقد تفرغ لفكرة لا نعرف من أين جاءته، وهي إلغاء الاحتفال بعيد الأم، وإطلاق عيد الأسرة عليه، ليكون الاحتفال في 21 مارس، من كل عام، بالأسرة كلها، وليس بالأم وحدها!!.. وهي فكرة ليس هذا وقتها، فضلاً عن أنها سخيفة، وبايخة، ولا معني لها، وفيها قضاء علي المعاني الجميلة التي كانت ترتبط بمجيء عيد الأم في كل عام!

هناك أشياء مهمة لا حصر لها، يمكن أن تكون موضع انشغال واهتمام الوزير مصيلحي، ليس من بينها قطعاً التجرؤ علي عيد يمثل أكثر من معني جميل، وعميق، لدي الملايين، خصوصاً الأطفال!.. حتي لا نظل، في كل سنة جديدة، نحتفل بعيد الأسرة.. الأم سابقاً.. ثم ندعو علي مَنْ كان السبب!)

ومن جريدة المصري اليوم نقرأ لمحمد عبد الهادي حول خطورة ممارسات رجال الأعمال على الأمن القومي المصري :( يبعث علي القلق ذلك الصخب الذي تثيره تلك الأحاديث، التي تغطي سماء مصر الآن تروج لدور رئيسي لرجال الأعمال في تنمية سيناء، وحيال مشاريع تطرح بدعوي تعميرها تحت لافتة «الأمن القومي».. فقد سبق أن تم الحديث عن مشاريع قومية كبري - كمشروع توشكي وغيره تحت نفس المظلة- ودخل عليها رجال الأعمال وانتهي بها الحال إلي ما انتهت إليه من تبديد ثروات وتقسيم و«تسقيع» للأراضي أنتجت طبقة حققت ثرواتها من التجارة بأرض البلد وليس من الإنتاج.

حدث ذلك في شرق التفريعة وغرب السويس ومرسي علم والغردقة وشرم الشيخ وعلي سواحل سيناء نفسها، مثلما تحاك الآن مؤامرات علي أرض الضبعة -الموقع المثالي المفترض لإنشاء المفاعل النووي- لتقسيمها وبيعها لإقامة مشاريع سياحية تحت لافتة الاستثمار، بعدما زادت قيمتها السعرية وبعدما خلصوا علي الساحل الشمالي، وبلغ الاستخفاف بالبعض منهم (رجال الأعمال) حد مطالبة الدولة بتطهير الظهير الصحراوي للساحل الشمالي لهم من الألغام.. فقد بات بدء حديث عن أن رجال الأعمال سيفوتون علي مصنع أو شركة، أو منطقة مصيبة ستحل عليها، وعلي عمالها وعلي سكانها.

تحت لافتة «الأمن القومي» أطلق رجال أعمال الحديث عن مشاريع لتنمية وتعمير سيناء.. وعقدت اجتماعات ودارت عجلة التمهيد النيراني باتهام الدولة بالتخاذل إلي حد «الخيانة» بإهمال سيناء!.. وركب هؤلاء موجة الحديث عن الأمن القومي بعد حادث اقتحام عناصر فلسطينية الحدود المصرية مع قطاع غزة يوم ٢٣ يناير الماضي.. أثار الفلسطينيون وطنيتهم وكرامتهم، ولم تثرهم مشاريع إسرائيلية مطروحة منذ سنوات لاقتطاع جزء من سيناء (٦٠٠ كيلو متر مربع) كامتداد للقطاع لاستيعاب الزيادة السكانية وتوطين اللاجئين.. بعض رجال الأعمال يتعامل مع إسرائيل، ويتعامل مع مصر، وكأنها «صينية بسبوسة» يتم تقطيعها خُرط.. وكل واحد ياخد نصيبه.. وخَرْطة سيناء كبيرة.

ما يبعث علي القلق أننا لم نسمع ولم نر رجال أعمال من قبل يتعاملون مع قضايا تتعلق بالأمن القومي بوصفها كذلك، في ظل سياسة الخصخصة وبيع الأصول.. العدل الاجتماعي أمن قومي بينما ٤٠% من المواطنين -حسب أقل التقديرات- تعيش تحت خط الفقر.. المأوي الحق الأول للإنسان أمن قومي، بينما سكان العشوائيات والمقابر يتزايدون وأسعار مواد البناء والأراضي والشقق السكنية في الصحراء بلغت أرقاماً فلكية.. التشغيل أمن قومي بينما البطالة بالنسبة لعدد السكان بلغت رقماً قياسياً عالمياً، وسياسة تخفيض العمالة والمعاش المبكر تدفع إلي البطالة أعداداً إضافية..

التعليم أمن قومي بينما المدارس والجامعات تحولت إلي «بيزنس» في نموذج غير مسبوق في العالم يسجل تحت عنوان «حدث في مصر».. ألا يعد الفقر والبطالة وغرق الشباب في المتوسط أو سفرهم إلي إسرائيل تحديات للأمن القومي؟ مع الخصخصة وحكومات رجال الأعمال زادت ديون مصر وزادت التهديدات للأمن القومي وبات لدينا جيل قادم يحمل هوية مصرية إسرائيلية.

تعمير سيناء قضية أمن قومي بجد وليس «بيزنس»، والمسألة ليست مشاريع إسرائيلية أو اجتيازاً فلسطينياً عابراً للحدود.. فالمجموعة الدولية للأزمات، التي أعدت تقريراً للأمم المتحدة أوصت فيه بانفصال إقليم كوسوفا عن صربيا وقيام دولة مستقلة فيه وجار تنفيذه هي نفسها التي أعدت للأمم المتحدة تقريراً بعنوان «مسألة سيناء» تحدثت فيه عن «إقليم» سيناء، و«شعب» سيناء، وأعمال «تمييز واضطهاد عنصري» تمارسها الحكومة المصرية «المركزية» ضده.

تعمير وتنمية سيناء قضية أمن قومي بجد لا تصلح معها حكومة تتسم بالرعونة وإعلام جاهل، منذ عام ٢٠٠٤ وفي أعقاب حادث طابا الإرهابي لم تعالج الحكومة هذه القضية بجدية، ولم تقم بأي جهد حقيقي ولم تنفذ مشروعات تنموية، وقد كتبت في «الأهرام» ثم في «المصري اليوم»، مذكراً بهذه المشاريع والتقارير واللقاءات بين مسؤولين إسرائيليين ومستشارة الأمن القومي الأمريكي كوندوليزا رايس -آنذاك- وزيرة الخارجية لاحقاً، والتي عرضوا عليها مشروع توطين فلسطينيين في سيناء وطلبوا منها إقناع مصر به..

الغريب أنه إزاء ذلك تصاعدت شكاوي أهالينا في سيناء من ممارسات حكومية فظة تبني جداراً نفسياً عازلاً بينهم وبين الوطن الذي صار اسمه لديهم «الوادي»، وزاد علي ذلك بعض وسائل الإعلام وكتابات كارثية تتهم مواطني سيناء بالاتجار في المخدرات وبأنهم «بدو» غير مواطنين وتحضهم علي كراهية «الوادي». المشاريع الإسرائيلية والدولية من غير المجدي أن تتعامل معها حكومة رجال أعمال، ولا رجال الأعمال أنفسهم، أليست هذه الحكومة الفاشلة -كما يقولون- حكومتهم؟!

سيناء موضوع مختلف، فلا ثقة في تنمية حقيقية ترتبط بالأمن القومي لا تقوم بها الدولة والقوات المسلحة، فالمشاريع الاستراتيجية ذات البعد العسكري ليست «سبوبة» كما يريدها البعض.. القانون يمنع تملك الأجانب في سيناء.. أراضي سيناء إذن خالصة مخلصة دون شريك أجنبي أو عربي يقتسم «السبوبة» معهم في توشكي ومرسي علم أو في الساحل الشمالي)

ونختم جولتنا من جريدة المساء ومنها نقرأ لمحمد فودة الذي كتب منتقدا تصريحات الدكتور مفيد شهاب التى نفى فيها وجود اتفاقية لتصدير الغاز المصري لإسرائيل: كان عنوان الخبر الذي نشرته "الأهرام" في صدر صفحتها الأولي بالأمس لافتاً للنظر مثيراً للدهشة جعلني أقدم علي قراءته بلهفة لأعرف مضمونه.. لكن بمجرد قراءته أصابني إحباط شديد.
الخبر يقول علي لسان الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والبرلمانية: "الحكومة لا تصدر الغاز الطبيعي لإسرائيل"!!
لقد فرحت وقلت في نفسي: هذا هو الموقف الوطني.. فمصر لا تصدر الغاز إلي إسرائيل.. وبذلك انقشعت الغيامة التي سيطرت علي الإعلام حول هذا الموضوع علي مدي فترة طويلة.
أما مضمون الخبر الذي صدمني - ولاشك صدم الكثيرين - أن مصر لم توقع اتفاقية مع إسرائيل في هذا الشأن.. وأن ما يتم تصديره من الغاز إلي إسرائيل يتم عن طريق شركات تتعامل مع بعضها البعض.. وأن دور الدولة ينحصر فقط في مد خطوط النقل!!!
لا يمنعني أن أناقش الدكتور مفيد شهاب باعتباره متحدثاً نيابة عن الحكومة.
وأول سؤال أتوجه به إليه: هل الغاز الذي يصل إلي إسرائيل غاز مصري؟! أم من دولة أخري؟!
ثانياً: هل يعني قيام إحدي الشركات بتوريد هذا الغاز لإسرائيل أن هذه الشركة قامت بهذا العمل دون علم الحكومة المصرية وأنها وضعت علي عين الحكومة غمامة حتي لا تري هذا الغاز وهو يتدفق إلي إسرائيل؟!
ثالثاً: إن مصر عندما قامت بمد خطوط الأنابيب إلي إسرائيل.. هل كانت تنوي أن تضخ فيها عسلاً وطحينة أو لمونادة بالسكر؟! أم كانت بغرض ضخ هذا الغاز؟!
رابعاً: هل وجود شركة وسيطة بين مصر وإسرائيل يعفي الحكومة المصرية من المسئولية السياسية؟!
خامساً: لماذا الإصرار علي سرية هذه الصفقات لإسرائيل سواء من حيث شروط التصدير أو من حيث الأسعار؟! هل إسرائيل علي رأسها ريشة نظراً للحب المتبادل والعميق بيننا وبينها ولذلك تعتبرها الحكومة أولي بالرعاية!!!
سادساً: لماذا الإصرار علي عقد اتفاقية الغاز الإسرائيلي دون الرجوع إلي مجلس الشعب؟! هل هناك أسرار يجب ألا يعلمها الشعب في هذه الاتفاقية؟!.. وبأي منطق وحجة تتم التعمية علي الشعب في الوقت الذي أشبعتنا فيه الحكومة أحاديث عن الشفافية المزعومة؟!
كل التبريرات التي ساقتها الحكومة حول هذه الصفقة لا تغني ولا تسمن من جوع وهي تبريرات ساذجة لا تقنع مواطناً أمياً لا يقرأ ولا يكتب.. فما بالك بشعب يعيش عصر السموات المفتوحة.
وقديماً قالوا في الأمثال: "كذب مساوي ولا صدق منعكش" فالحكومة تكذب ولا تتجمل!! ويوماً ما سيحكم عليها التاريخ!!

ليست هناك تعليقات: