الاثنين، ٣١ مارس ٢٠٠٨

الخبراء يختلفون حول سرية أسعار الغاز في عقود التصدير

المصرى اليوم

لبني صلاح الدين

لايزال الجدل مشتعلاً حول اتفاقيات وعقود تصدير الغاز المصري، وذلك أمر طبيعي، لأنه يتعلق بثروة هي بالبداهة والقانون ملك للشعب وللأجيال، ولا يبدو أن النقاش سيتوقف قريباً، بسبب الاستقطاب الحاد في وجهات النظر بين الحكومة وبين المعارضين، وسيساعد علي استمرار الخلاف والجدل تمسك الحكومة ببند سرية الأسعار في الاتفاقيات، مما يحرم المتحاورين من قاعدة صلبة للنقاش، ألا وهي المعلومة الصحيحة، غير أن أحداً لم يتساءل في زحمة الاشتباك عن المبرر الاقتصادي لما يسمي سرية الأسعار وهل ذلك مطبق بالفعل في كل دول العالم ومن أين نشأت فكرة السرية هذه ومتي تجوز أو لا تجوز؟
تباينت الاتجاهات نحو المبرر الاقتصادي من خضوع اتفاقيات الغاز للسرية، اتفق عدد من الخبراء علي أن أي بنود سرية تنتفي قانونيتها في حال طلبت المحكمة الإفصاح عنها أو أي جهة رسمية أخري بالدولة.
قال مصدر مطلع بقطاع البترول يجب ألا تخضع كل عقود الغاز لسرية الأسعار، موضحاً أن هناك عقوداً طويلة الأجل مبدأ سرية الأسعار بها له ما يبرره في إطار قواعد السوق والمنافسة، أما العقود القصيرة، فالسعر بها وفق أسعار السوق المتغيرة وبالتالي إعلان السعر لا يخضع للسرية، لافتاً إلي أن الحكومة أعلنت عن أسعار الغاز بعدد من الشحنات المسالة المصدرة عبر محطتي الإسالة بإدكو ودمياط والتي وصل السعر بإحداها إلي ١١ دولاراً للمليون وحدة حرارية، وتابع أن الأسعار التي تلتزم بها الحكومة ببند السرية هي تلك المتضمنة بالعقود طويلة الأجل لمدد ٢٠ و٢٥ عاماً.
إلا أنه أكد أن أي بنود سرية بأي اتفاقية تنتفي قانونيتها طالما طلب الإفصاح عنها من قبل جهة رسمية بالدولة أو المحكمة.
وقال إن الحكومة لا تمرر تلك الاتفاقات علي مجلس الشعب بدعوي أنها اتفاق تجاري إلا أننا لو نظرنا إلي قانون المناجم والمحاجر سنجد أنه يرجع ثروات باطن الأرض إلي ملكية الشعب وبالتالي فإن عقد اتفاق من قبل الحكومة علي تصدير سلعة حيوية مثل الغاز الطبيعي لمدد ٢٠ و٢٥ عاماً أي أطول من عمر الحكومة الموقعة للاتفاق بل ومن عمر عدة حكومات مجتمعة يوجب عرضها علي مجلس الشعب.
وأكد المصدر أنه إذا جاز التحجج بالسرية في عقود التصدير فلماذا نفرضها علي عقود الغاز المحلية أيضاً لمصانع السماد وغيرها، وأوضح المصدر أنه من وجهة نظره فإن تكلفة إنتاج الغاز في مصر هي الأولي بأن تحصل علي كل هذه السرية علي اعتبار أن إعلانها ربما يؤثر علي عقد الاتفاقيات.
وقال طارق حجي، رئيس شركة «شل» سابقاً ومستشار لشؤون البترول بعدد من الدول العربية، إنه لا يؤمن بأن تحل السياسة محل آليات الاقتصاد وبالتالي فإن سعر أي سلعة يخالف سعرها الحقيقي أمر غير طبيعي، ولا مبرر له.
وأوضح حجي أن أسعار الغاز تخضع لمعدلات ترتبط بمنتجات بترولية أخري وتلك المنتجات أسعارها معلنة. وتابع أنه لا يعلم حقيقة السعر الذي يباع به الغاز المصري لمن يستوردونه، ولكنه يعتقد أنه سيكون أقل من سعر الغاز الآخر إلي الجهات المشترية لأنه لا توجد أي مبررات لسرية الأسعار، فلا يوجد بلد في العالم يقول إن أسعاره سرية، ربما لا يعلن عنها ولكن في حال طلب منه ذلك لا يزعم بأنها سرية.
واتفق عمرو حمودة، باحث بالشؤون البترولية، مع القول بعدم وجود مبرر اقتصادي للتمسك بسرية أسعار الغاز، وعدم عرضها علي مجلس الشعب، لافتاً إلي أن الموارد السيادية بالدول مثل البترول والغاز والمياه تعد أحد حقوق المواطنة والتي من حق المواطن أن يعرف كيفية إدارتها.
وأرجع السرية في اتفاقيات قطاع البترول إلي الستينيات في عهد جمال عبدالناصر، وذلك لأمور سياسية، حيث كانت تحصل مصر وقتها علي أسعار بيع تفضيلية من الكتلة الشرقية ممثلة في روسيا وبلغاريا ودول شرق أوروبا، فكانت هناك رغبة في عدم إظهار الأسعار وشروط البيع، وعقب الانفتاح الاقتصادي والمطالبة بالشفافية والسماح بتداول المعلومات نجد أن تلك المبادئ تم تطبيقها علي القطاعات الاقتصادية في مصر وظل قطاع البترول مغلقاً علي نفسه حتي إن مزايداته ومناقصاته تحاط بسرية شديدة وجميع لجان البت في تلك المناقصات غير معلنة، بينما بقية قطاعات الدولة تتيح تلك المعلومات، وكانت الحجة الرئيسية هي عدم كشف الأسعار بسبب المنافسة وخلافه.
وتابع أنه مع التطورات العالمية للأسواق أصبحت أسعار الزيت الخام معلنة بكل البورصات العالمية، فبدأت الهيئة العامة للبترول بالإعلان عن أسعار الزيت المصري، لافتاً إلي أنه الأمر الذي ينبغي أن يطبق علي الغاز أيضاً لأنه لا معني حالياً لمقولة سرية الأسعار سواء بالزيت أو الغاز، لاسيما أن المنافسين يعلمون أسعارنا جيداً كما أننا علي علم بأسعارهم، وتبقي جودة العقود متوقفة علي كفاءة المفاوض البترولي.
وأكد مسؤول حكومي، رفض ذكر اسمه، أنه لو كانت الأسعار بالاتفاقيات مجزية ومتوازنة ما كانت الحكومة ستتمسك ببند سرية الأسعار، لافتاً إلي أننا نعلن عن أسعار الزيت الخام وهو اتفاق تجاري أيضاً يخضع لعوامل السوق ذاتها.
وأضاف أن الزيت سلعة لكي تنتج طاقة تحتاج إلي معامل تكرير، أما الغاز فهو مصدر من مصادر الطاقة بمجرد استخراجه يتم استخدامه وهو مايجب أن يؤخذ في الاعتبارعند تسعيره.
والجدير بالذكر، أن الحكومة عقدت ٧ اتفاقيات تصدير للغاز ما بين خطوط أنابيب وغاز مسال.

ليست هناك تعليقات: