الثلاثاء، ١٨ مارس ٢٠٠٨

وكيل وزارة البترول السابق: الغاز المصدر لإسرائيل ١.٥% من الاحتياطي المصري.. وهناك مكاسب أخري للصفقة غير السعر

المصرى اليوم

حوار لبنى صلاح الدين

مخالفًا اتجاه المناقشات الدائرة في أوساط الرأي العام المصري، قلل المهندس إبراهيم عيسوي، وكيل أول وزارة البترول لشؤون الغاز سابقًا، من أهمية تصدير الغاز لإسرائيل، وقال: إن الكمية المصدرة لا تمثل سوي ١.٥% من الاحتياطي المصري، كما أن السعر يجب النظر إليه بمعزل عن المكاسب الأخري للصفقة.

وكشف عيسوي في حوار لـ«المصري اليوم»، أن الجانب الإسرائيلي ظل يرفض صفقة الغاز لفترة، حتي لا يقع تحت ضغط مصري، ولم يوافق عليها إلا بدخول شريك إسرائيلي في شركة غاز شرق المتوسط، التي ستمد إسرائيل بالغاز، وكشف أيضًا أن تكلفة الغاز قدرت بـ ٦٧ سنتًا عام ٢٠٠٠، وأنها تصل حاليا إلي نحو ١.٥ دولار، وفجر عيسوي مفاجأة إذ أعلن أننا كنا نصدر الزيت الخام لإسرائيل وتوقفت منذ ٤ سنوات، بسبب نقص الإنتاج، كما قال إنه كان مقررًا مد الغاز المصري لمحطة كهرباء في غزة، إلا أن «الأمريكان» أقاموا محطة غزة لتعمل بالمازوت وتستورده من إسرائيل.

عيسوي انتقد عدم رد وزارة البترول علي أسئلة الرأي العام.

وقال المهندس عيسوي، وكيل أول وزارة البترول لشؤون الغاز سابقًا، إن تصدير الغاز لإسرائيل لم يكن هدفًا وإنما مرحلة في مشروع أكبر لتصدير الغاز إلي دول شرق البحر المتوسط، مشيرًا إلي أن الكميات التي ستحصل عليها إسرائيل تعد بسيطة ولا تمثل أكثر من ٤% من إنتاج مصر اليومي، حيث إنها ستحصل علي ١٥٠ إلي ٢٠٠ مليون قدم مكعب يوميا من الغاز من إجمالي ٦ مليارات قدم مكعب يوميا من الغاز يتم إنتاجها عندنا.

وتابع أن الخط تم تصميمه بقطر ٣٦ بوصة وذلك ليستوعب الكميات التي من المنتظر ضخها عقب انتهاء مراحلة بعد إسرائيل إلي لبنان ثم مدينة الإسكندرونة بتركيا، مشيرًا إلي أن رفيق الحريري كان قد أبدي تحمسه الشديد لهذا الخط وعرض المشاركة في رأسمال المشروع.

وأوضح أن مشروع خط شرق المتوسط بدأت دراسته منذ التسعينيات بعد أن قدمت شركة «إيني» الإيطالية تصورا لإنشاء خط أنابيب يخرج من بورسعيد حتي مدينة الإسكندرونة بتركيا لتصدير الغاز عبر سواحل شرق البحر المتوسط، لمسافة تتراوح ما بين ٨٥٠ و٩٠٠ كيلو متر، ويعتمد الخط علي إنتاج حقول غاز شركة «إيني» ببورفؤاء وبورسعيد بالبحر المتوسط. وقع الدكتور حمدي البنبي، وزير البترول، وقتها مذكرات التفاهم مع تركيا، وكانت هناك دراسات مماثلة لتصدير الغاز للأردن، وتم بحث المشروع مع شركة «أموكوجوردن» وهي شركة أردنية أمريكية.

وتابع أن الدراسات أظهرت وجود مشكلة فنية، حيث إن الخط يمر بمنحدر شديد العمق بالبحر المتوسط يبلغ ٢٠٠٠ متر عمقًا لمسافة ٣٥٠ كيلو مترا، فاتجه تفكير «إيني» إلي تصميم الخط بمحاذاة شاطئ المتوسط، حيث لا تنخفض المياه أكثر من عمق ١٠٠ إلي ٢٠٠ متر مع المرور أمام سواحل إسرائيل والتي لديها ٤ محطات كهرباء علي الساحل يمكن إمدادها بالغاز لتسهيل حق المرور بمياهها الإقليمية، ثم الاتجاه شمالا إلي لبنان ومنها إلي تركيا.

وبدأت الشركة الإيطالية تنفيذ الخط الذي خرج من بورسعيد، ثم منطقة بحيرات المنزلة والاتجاه جنوبًا حتي القنطرة، ثم عبور قناة السويس إلي سيناء ليخرج خطان: الأول شمالا إلي العريش وآخر جنوبًا إلي عيون موسي، والذي يهدف لتصدير الغاز للأردن، وبلغت تكلفة الإنشاء ٢٠٠ مليون دولار دفعتها «إيني» واستردتها خلال عامين ونصف، دون فؤائد من حصتها بشركة بترول بلاعيم.

وكانت الشركة ترغب في الاستمرار من العريش إلي الشيخ زويد الذي يبعد ٤٠ كيلو مترًا فقط من غزة، إلا أن تركيا لم تكن تستطيع تحمل تكلفة الغاز، وفق الأسعار وقتها، حيث كان من المقرر تصدير ٥ مليارات متر مكعب سنويا للإسكندرونة، وكانت قد دخلت في مفاوضات مع إيران وروسيا، وأبدت إسرائيل تخوفها من تلك الخطوة حتي لا يخضع مصدر مهم لطاقتها لمصر أو تحت إمرة دولة أخري، فتوقف الخط.

وكشف عيسوي أنه كان مستشارًا للسلطة الفلسطينية لشؤون الغاز في وقتها، وأن هناك مفاوضات تمت بين السلطة الفلسطينية والشركة الإيطالية المنفذة مشروع لإقامة محطة كهرباء بغزة والحصول علي الغاز المصري من الخط المزمع إنشاؤه، إلا أنه مع توقف الخط استعانت السلطة الفلسطينية بشركة أمريكية، قامت بإنشاء المحطة لتعمل بالمازوت الذي تقوم فلسطين بشرائه من إسرائيل.

وتابع أنه عام ١٩٩٩ عقدت مصر والأردن اتفاق تصدير الغاز، ثم استكمال الخط من عيون موسي علي خليج السويس مرورًا بطابا ثم الأردن، وهو خط الغاز العربي الذي يدخل حاليا مرحلته الثالثة بسوريا.

ويواصل عيسوي: بدأ العمل في خط العريش في عام ٢٠٠٠ مع دخول شركة غاز شرق المتوسط «إي. أم. جي» لتنفيذ المرحلة الثانية، وهي إحدي شركات رجل الأعمال حسين سالم، ومعه شريك إسرائيلي صاحب شركة ميرحاف، وذلك عقب خروجهما من معمل ميدور بالإسكندرية، وهو ما أعطي نوعًا من أنواع الضمانات للجانب الإسرائيلي مع تواجد رجل أعمال إسرائيلي داخل الشركة.

ووقعت الشركة مع القابضة للغاز «إيجاس» عقدا لتسويق ٧ مليارات متر مكعب من الغاز بدول شرق المتوسط، وذلك لاستكمال الخطة في الوصول إلي لبنان ثم تركيا، وما تنفذه حاليا من توصيل الغاز لإسرائيل هو إحدي مراحل المشروع.

وحول ما يتردد بشأن سعر بيع الغاز لإسرائيل، قال عيسوي إنه لا يعلم السعر الموقع بالاتفاق إلا أنه لا يمكن أن يكون أقل من تكلفة إنتاج الغاز، قائلاً: «نحن لم نصدر غازًا مدعمًا وفق الدراسة التي أعددتها عام ٢٠٠٠، فإن التكلفة الحديثة طويلة المدي كانت تبلغ ٦٧ سنتًا، وصلت حاليا إلي ١.٥٠ دولار، حسب مصادر وثيقة الصلة داخل القطاع، وتابع أن الأسعار تخضع للسرية في جميع عقود الغاز لأي دولة، والإعلان عنها لا يتم إلا وفق مصالح الدول.

وأضاف أنه ليس بالضرورة أن يكون المكسب من اتفاقية تصدير الغاز متوفقًا علي السعر فقط، فهناك اعتبارات أخري منها تفادي أن تعرقل إسرائيل مرور الخط، وذلك يجب أن يوضع بالحسبان في تقييم مثل هذا الاتفاق، وأيضًا الأبعاد السياسية، حيث تستطيع أن تلعب به الحكومة كورقة ضغط علي الجانب الآخر، لافتًا إلي أن البلبلة التي حدثت اليومين الماضيين من توقف أو عدم توقف التصدير، ربما تكون إحدي ورقات الضغط والتي من حق الدولة عدم الإعلان عنها.

وأشار إلي أنه لا يوجد قانون يحتم علي أي قطاع اقتصادي أن يمرر اتفاقياته التجارية علي البرلمان، موضحًا أن اتفاقيات الالتزام من بحث واستشكاف، لابد أن تمر علي مجلسي الشعب والشوري، أما الاتفاقات التجارية بين الشركات فهي لا تتطلب المرور علي المجلس، وهو أمر متبع بالقطاعات الأخري من صناعة وزراعة وليس بدعة بقطاع البترول، لأن العقود التجارية من اختصاص مجلس الوزراء.

وقال المهندس إبراهيم عيسوي إنه يري أن اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل تضعنا في موقف قوة وليس في موقف ضعف، لافتًا إلي أن مصر كانت تصدر الزيت لإسرائيل، في إطار اتفاقية السلام، وذلك حتي ٤ سنوات مضت، ثم توقفت بسبب تناقص إنتاج الزيت المصري.

ليست هناك تعليقات: