المصرى اليوم
لبني صلاح الدين
انتقد تقرير برلماني سياسة الحكومة الحالية في دعم الطاقة مؤكداً فشلها، وطالب بعدم الدخول في اتفاقيات جديدة لتصدير الغاز الطبيعي إلا علي أساس الأسعار العالمية، مع تعديل الاتفاقيات الموقعة فعلاً.
وتوقع التقرير الذي أعدته لجنة خاصة برئاسة النائب محمد فريد خميس وتضم أعضاء من لجنة الإنتاج الصناعي والطاقة ومكتب لجنة الشؤون المالية والاقتصادية ومكتب لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي وممثلي الأحزاب السياسية بمجلس الشوري أن تصل كمية الطاقة المطلوبة للاستهلاك المحلي في مصر بحلول عام ٢٠٢٢ إلي ١٢٧ مليون طن بترول مكافئ مفترضاً معدل نمو للطلب علي الطاقة بما يعادل ٥% سنوياً.
وأشار التقرير الذي حمل عنوان - استراتيجية الطاقة في مصر الحاضر والمستقبل» - حصلت «المصري اليوم» علي نسخة منه إلي أن إصلاح منظومة الدعم ينبغي أن يأتي علي رأس أولويات الحكومة، خصوصاً مع تزايد أعبائه علي الموازنة العامة، وعدم تحقيق الدعم للأهداف المنشودة منه.
وأوضح أنه بالنظر إلي هيكل دعم المنتجات البترولية نجد أن ٨٠% من إجمالي الدعم يوجه إلي ثلاثة منتجات رئيسية هي السولار بنسبة ٣٣%، والغاز الطبيعي ٢١%، وغاز البوتاجاز ٢١%، ثم يأتي المازوت والبنزين، وأخيراً الكيروسين بنسبة ١% تقريباً من إجمالي الدعم.
وانتقد التقرير الإجراءات التي تتخذها الحكومة تجاه قضية الدعم، مؤكدًا أن زيادة الأسعار تتم بصورة غير مخططة، حيث تلجأ الحكومة لرفع السعر عندما تشعر بتزايد عبء الدعم علي الموازنة وسط غياب سياسة واضحة للتعامل مع منتجات الطاقة.
وتابع أنه عادة لا يتم تصحيح المساواة السعرية للمنتجات بسبب الضغط الشعبي، بغض النظر عن خطورة ذلك علي الأوضاع المالية وهو ما أدي إلي ثبات الأسعار لمدة تزيد علي ١٥ عاماً دون النظر إلي التغيرات التي تطرأ علي الأسعار العالمية.
وأكد أن أي حلول مقترحة لقضية الدعم يجب أن تضع في اعتبارها الاستهلاك القطاعي، لضمان التوصل إلي آلية فعالة تتحقق من خلالها الأهداف المنشودة للدعم، حيث تستأثر قطاعات الصناعة والكهرباء والنقل بما يزيد علي ٧٥% من إجمالي استهلاك المنتجات، ودلل التقرير علي عدم جدوي نظام دعم الطاقة المتبع حالياً في مصر، بعدة أمور، أولها أن الصناعات كثيف استخدام الطاقة هي الأكثر استفادة من الدعم حيث تستأثر بـ ٦٠% من إجمالي الدعم مقابل مساهمتها بمايقرب من ٢٠% من إجمالي الناتج الصناعي و٧% من إجمالي الأجور في القطاع الصناعي فقط، وهو ما لا يتناسب وحجم الدعم المخصص لها، حتي مع رفع سعر الغاز ليصل إلي تكلفته الفعلية خلال ٣ سنوات وليس إلي الأسعار العالمية، مؤكداً أن استمرار نظام الدعم بصورته الحالية يمثل هدرًا لمورد يتهدده النفاد المستقبلي.
وأشار إلي أن استفادة الفقراء في مصر من الدعم لا تظهر سوي في الكيروسين والبوتاجاز فقط، أما باقي المنتجات فتستفيد منها الشرائح الغنية أكثر من الفقراء.
وذكر التقرير أنه لكي يتم توفير كميات الطاقة المطلوبة بحلول عام ٢٠٢٢، فإن الأمر يتطلب ترشيد الاستهلاك الحالي بنسبة ٨% من خلال تنويع مصادر الطاقة، بحيث يتم انتاج ٢٠% من الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة المتجددة، وتطبيق البرنامج النووي السلمي من خلال إنشاء ٤ محطات نووية تعادل نحو ٧ ملايين طن بترول مكافئ.
وأوصت اللجنة في تقريرها بضرورة عدم الدخول في اتفاقيات جديدة لتصدير الغاز الطبيعي، إلا علي أساس الأسعار العالمية (المتحركة)، وتعديل أسعارالغاز بالاتفاقيات القائمة وفقًا للظروف السعرية الحالية.
مشيرة إلي أن تقصير المجلس الأعلي للطاقة الذي تم تشكيله عام ١٩٧٩ أدي إلي غياب استراتيجية واضحة للطاقة في مصر، وأنه لم يكن له دور فعال حتي إعادة تشكيله مرة أخري، عام ٢٠٠٦ برئاسة الدكتور نظيف، في تشكيل المجلس الأعلي للطاقة النووية. واقترحت اللجنة أن يتم تشكيل مجلسين تنفيذيين يتبعان المجلس الأعلي للطاقة، هما مجلس كفاءة استخدام الطاقة ومجلس الطاقة المتجددة.
وتناول التقرير بالتفصيل الوضع الحالي لاستهلاك الطاقة في مصر والتوقعات المستقبلية للطلب عليها والعوامل المؤثرة علي الاستهلاك.
وأوضح أن المزيج الحالي للطاقة في مصر يتكون من ٩٥% وقوداً تقليدياً مقابل ٥% طاقات متجددة، وهو مزيج لم يعد مناسباً لمواجهة الأوضاع المستقبلية من احتياطيات متناقصة وتكاليف متزايدة للبترول ومشتقاته.
وأشار إلي أن الخطوط العريضة للاستراتيجية الجديدة للطاقة التي وضعها المجلس الأعلي في نوفمبر الماضي، تأخذ في اعتبارها تحقيق الاستقرار في حجم إنتاج الزيت الخام والمكثفات عند مستواه الحالي وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة ٥% سنوياً.
وتضمنت التوصيات العامة للجنة ضرورة تحرير أسعار الطاقة للوصول إلي الأسعار العالمية بالشكل التالي: الإلغاء الفوري للدعم للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، وإلغاء تدريجي علي مدي ٣ سنوات لباقي الصناعات مع ترشيد الدعم ليصل بالقدر الكامل لمستحقيه، ووضع سياسة وخطط للبحث العلمي في مجال الطاقة، خصوصاً المتجددة.
أما بالنسبة للغاز الطبيعي، فإن الدعم الخاص به يبلغ نصف الدعم الموجه للبوتاجاز، ويجب علي الدولة سرعة توصيل الغاز للمنازل لخفض قيمة الدعم، ووضع خطة عاجلة لتوصيل الغاز لكل محافظات مصر (منازل ومصانع)،، مع تحديد سعر الغاز للمنازل علي أساس كمية الاستهلاك بحيث تقل قيمة الدعم بزيادة الاستهلاك، ليحصل صغار المستهلكين علي دعم أكبر.
وتنفيذ أسعار الغاز التي اقترحتها وزارة الصناعة للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة فوراً وعدم الانتظار فترة الـ٣سنوات، نظراً لتضاعف أسعار الطاقة عالمياً.
أما بالنسبة للبنزين فالدعم الأكبر موجه إلي البنزين (٨٠)، لذلك يجب علي الدولة إنتاج البنزين (٩٠) و(٩٢)، والتوسع في بنزين (٩٥) حيث إن لديه أقل نسبة من الدعم، مع الحد من إنتاج البنزين (٨٠).
وفيما يتعلق بالسولار، طالب التقرير بسرعة اتخاذ الإجراءات لخفض استهلاكه من خلال إمداد المصانع بالغاز الطبيعي، وتحويل الوقود المستخدم بها من السولار إلي الغاز، والتوسع في استخدام الاتوبيسات التي تعمل بالغاز المسال المضغوط بدلاً من السولار، مع الحد من إعطاء تراخيص جديدة لسيارات النقل الصغيرة ذات الكثافة العالية في استخدام السولار، ولتفعيل أدوار المجالس المختصة بالطاقة أوصت اللجنة بوضع خطط تمويلية لضمان تنفيذ البرامج المختلفة وإنشاء صندوق تمويل لترشيد استخدام الطاقة يتبع مجلس كفاءة استخدام الطاقة وهو أحد المجالس التابعة للمجلس الأعلي للطاقة، ويتم تمويله عن طريق فرض رسوم علي المنتجات كثيفة الاستهلاك للطاقة، والتي يتم تصديرها كالأسمنت والسيراميك والألومنيوم والحديد.
وإنشاء صندوق تمويل استخدام الطاقة المتجددة لتمويل فرق سعر إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة والوقود التقليدي، ويتم تمويل هذا الصندوق من الدعم الذي يحصل عليه قطاع الكهرباء من قطاع البترول نتيجة حصوله علي المنتجات البترولية بأسعار مدعمة.
وشددت علي أهمية صياغة قانون موحد للطاقة، سواء الكهربائية أو البترولية، يتضمن مواد تنص علي إقامة وتنظيم الاستثمار في إنتاج الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة للقطاع الخاص، وإلزام المصانع كثيفة الطاقة باستخدام تكنولوجيا التوليد المزدوج واسترجاع الطاقة، وإلزام المباني الحكومية والمرافق العامة باستخدام اللمبات والأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة، مع تقديم حوافز ضريبية، وجمركية لكل من يستخدم تكنولوجيا جديدة من شأنها رفع كفاءة استخدام الطاقة، وعقوبات لعدم الملتزمين بتلك المواد.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق