الأربعاء، ٢٧ أبريل ٢٠١١

تصدير الغاز إلى إسرائيل.. ورقة سياسية أثارت احتجاجات شعبية.. والمتهمون معروفون

بوابة الاهرام

شيماء عبد الهادي

تصدير الغاز إلى إسرائيل.. ورقة سياسية أثارت احتجاجات شعبية.. والمتهمون معروفون

للمرة الثانية وخلال 90 يوما فقط، يستيقظ الجميع علي خبر تفجير في خط أنابيب ينقل الغاز من مصر إلى إسرائيل والأردن. وفي المرتين جاء التفجير فجرا، ووسط أحداث سياسية متصاعدة علي المستوي الداخلي. فجاء التفجير الأول في شهر فبراير الماضى عقب تصريح للرئيس السابق حسني مبارك، ربط فيه بين استجابته لمطالب الثورة حينها بتنحيه عن الحكم، وبين فوضي تعم المنطقة بأكملها.
أما التفجير الثاني، الذى وقع فجر اليوم (الأربعاء)، فقد جاء عقب ساعات قليلة من قرار الدكتور عبد المجيد محمود، النائب العام، بحبس علاء وجمال مبارك لمدة 15 يوما احتياطيا، على ذمة التحقيقات معهما في قضية اتهامهما بالتدخل في برنامج سداد ديون مصر وعمولات تصدير الغاز لإسرائيل.
بعد أيام من قراره بإحالة وزير البترول الأسبق سامح فهمي وستة مسئولين سابقين في قطاع الطاقة إلي المحاكمة بتهم تبديد أموال عامة مرتبطة بنفس الاتفاقية.
تفجير الأربعاء جاء أيضا، عقب تصريحات متصاعدة من مرشحي الانتخابات الرئاسية المقبلة، طالبوا فيها بإعادة النظر ومراجعة اتفاقية السلام الموقعة بين تل أبيب والقاهرة. بالإضافة إلى مطالبتهم بإلغاء اتفاقيات التعاون المشتركة، وفي مقدمتها صفقة تصدير الغاز. وهي الصفقة التي وصفها أحدهم، عمرو موسي، الأمين العام الحالى لجامعة الدول العربية، بـ" الفاشلة".
بعد بضعة أسابيع من التفجير الأول في فبراير الماضي، عاد ضخ الغاز مرة أخري وقتها، ذكرت شركة "امبال امريكان اسرائيل كورب" التي تمتلك 12.5% من الأسهم في شركة "غاز شرق المتوسط" التي تحتكر تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى اسرائيل، أن محاولة تفجير خط الغاز الواصل من مصر إلي كل من إسرائيل والأردن ولبنان وسوريا، أدت فقط إلي توقف جزئي في ضخ الغاز، وتم إصلاح الصمام العلوي للأنبوب وعاد التدفق إلى طبيعته.
ينقل خط الأنابيب الغاز الطبيعي المصدر من مصر إلى إسرائيل والأردن بموجب اتفاقيات وقعها الرئيس السابق مبارك، منذ سنوات وسط رفض شعبي متصاعد، وتحصل إسرائيل علي 20% من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية من خلال الغاز الطبيعي المصرى، وهو ما يمثل نسبة تتراوح بين 40 و 45 بالمئة من حاجاتها من الغاز الطبيعي. وغالبا ما تستخدم الفحم في توليد الكهرباء.
فيما تحصل الأردن، طبقا لاتفاقية وقعها البلدين عام 2001 ولمده 15 عامًا تقضي بتوريد 240 مليون قدم مكعب يوميا للمملكة ( 2.4 مليار متر مكعب سنويا)، وتشير التقديرات إلى أنها تغطي 80% من احتياجات الأردن من الكهرباء.
فى يوليو 2010، اتفق البلدان علي كميات إضافية بحيث يرتفع الحجم إلي 300 مليون قدم مكعب يوميا (3.3 مليار متر مكعب سنويا) إلا أنها لم توقع حتى الأن، ربما بسبب الأحداث السياسية الداخلية التى شهدتها مصر مؤخرا.
لكن، الرفض الشعبى لاتفاقية تصدير الغاز يسقط، بقصد أو دون قصد، حجم المصدر إلى الأردن، ربما بإعتبارها دولة عربية شقيقة، لكنه دائما يقف رافضا وبشدة تصديره إلى إسرائيل ويعتبره سببا في أزمات داخلية. أولها أزمة أنابيب البوتاجاز، التي يعاني المصريون من نقصانها بشكل شبه دائم، مما ينعكس في تضاعف أسعارها، فضلا عن صعوبة الحصول عليها، وهو ما دفع بالكثيرين إلى توجيه إنتقادات حادة إلى وزارة البترول بسبب تصديرها الغاز بأقل من الأسعار عالميا.
بحسب تقديرات عدد من خبراء البترول والسياسيين، تعتبر إتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل قرارا سياسيا بالدرجة الأولي برغم مؤشرات التربح والفساد الجاري التحقيق فيها حاليا مع عدد كبير من المسئولين والمتورط فيها نجلي الرئيس السابق.
يربط بعض الباحثين بين إتفاقية تصدير الغاز عدد من الإتفاقيات التى دعمها النظام المصري بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وفي مقدمتها اتفاق غزة/ أريحا، عام 1993، إذ اعتبرت الحكومة الإسرائيلية أنها قد حققت خطوة ضخمة تستحق عليها مكافأة أسمتها أنذاك" استحقاقات السلام" ومن ثم طلبت من الحكومة المصرية دفع سبل التطبيع، خاصة في مجال الطاقة ومنها تنفيذ مشروع إمداد إسرائيل بالغاز المصري، والذة يعد مطلبا دائبت عليه إسرائيل منذ نحو 40 عاما حتى تم تلبيته في يونيه عام 2005.
أما الأزمة الثانية، فتتمثل فيما شهدته مختلف مناطق مصر خلال صيف 2010، من انقطاعات مستمرة للكهرباء، أعلنت بعدها وزارة الكهرباء المصرية قيامها بقطع الكهرباء عن مختلف أنحاء الجمهورية بدعوى تخفيف الأعباء. وألقت وزارة الكهرباء بالمسئولية على وزارة البترول بدعوى أن الأخيرة قللت كمية الغاز التي تحصل عليها لتشغيل محطات التوليد.
برغم صدور أحكام قضائية، آخرها حكما نهائيا صدر في 27 فبراير 2010، بوقف تنفيذ قرارى رئيس مجلس الوزراء ووزير البترول بتصدير الغاز إلى إسرائيل الخاص بمدة التصدير والسعر المربوط له، ومراجعة أسعار التصدير طبقا للأسعار العالمة، وبما يتفق مع الصالح العام المصري، فقد استمر النظام السابق في إلتزامه بإتفاقية ضخ الغاز إلى إسرائيل.
بعكس نظام الرئيس السابق مبارك، يستخدم المرشحون علي منصب الرئاسة الآن رفض تصدير الغاز إلى إسرائيل، كورقة لكسب التأييد الشعبي، ليس فحسب برفضهم التصدير بل ومطالبتهم مراجعة جميع الاتفاقيات مع إسرائيل وفي مقدمتها اتفاقية كامب ديفيد. فيما يمثل منحي آخر لابد من التوقف عنده ويتعلق بالأمن العام المصري.
يبقي التساؤل مطروح حول الموقف الرسمي للقائمين على إدارة الأمور في مصر حاليا، وهو الموقف غير المعلن حتي الآن. في الوقت الذى أعلن فيه الجانب الإسرائيلي موقفا شبه رسميا، من خلال تقريرا بثه تلفزيونه صباح اليوم ( الأربعاء)، إعتبرت فيها التفجيرات التى شهدتها العريش ، اليوم، خرقا جديدا لإتفاقية السلام بين البلدين.
في محاولة، ربما لتوريط الجانب الشعبى فى إنفلات أمني تشهده سيناء، إعتبر التقرير ذاته، أن تواصل الإعتداءات على أنبوب الغاز رغم التحصينات التي تتخذها مصر ، سواء على المستوى الشعبي أو الأمني لحمايته، يؤكد، بحسب التقرير، أن هناك تعاونًا من الأهالي من أجل ضرب منظومة تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل.
يبقى السؤال هل يكون تصدير الغاز إلى إسرائيل سببا محوريا فى تعكير العلاقات معها، أم سيتم احتواء الموقف بالطرق الدبلوماسية وبشىء من التدخلات الأمريكية؟.
مهما كانت الإجابة عن هذا السؤال سيظل ملف الغاز مفتوحًا، جنائيًا واقتصاديًا وسياسيًا، لفترة من الوقت.

ليست هناك تعليقات: