الأحد، ١٧ أبريل ٢٠١١

إعادة تقييم أسعار الغاز البداية

شبكة محيط 
 
شيماء عبدالمنعم

أسباب سياسية واقتصادية غذت السخط الشعبي في مصر على اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل، فبخلاف المعارضة الشعبية على ما يمثله الاتفاق بين الجانبين المصري والإسرائيلي من حالة تطبيع صريحة واضحة للعلاقات مع الدولة العبرية وسط الانتهاكات التي يمارسها الكيان ضد أبناء الشعب الفلسطيني، فإنها جاءت بما هو أكثر استفزازا وإجحافا، فقد حصلت إسرائيل على الغاز مقابل ثمن بخس مقارنة بأسعاره العالمية، مما تسبب في خسائر كبيرة للطرف المصري في هذه الصفقة المشبوهة .
إعادة دراسة عقود الغاز

يأتي طلب رئيس الوزراء المصري، د. عصام شرف بمراجعة وإعادة دراسة عقود الغاز التي أبرمتها مصر مع جميع الدول بما فيها المبرمة مع الأردن وإسرائيل بحسب ما أعلنه مستشاره الإعلامي علي السمان، لتحقق زيادة في العوائد تقدر بنحو 3 إلى 4 مليارات دولار، ليعيد الحقوق المصرية المسلوبة التي تهاون فيها أركان النظام السابق، لتحقيق مصالح شخصية .

فاتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل التي وقعت في العام 2005 تقضي بتصدير الجانب المصري لـ 1.7 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي لمدة 20 عاما، بثمن يتراوح بين 70 سنتا و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية بينما يصل سعر التكلفة 2.65 دولار، كما حصلت شركة الغاز الإسرائيلية على إعفاء ضريبي من الحكومة المصرية لمدة 3 سنوات من عام 2005 إلى عام 2008.
وقبل الخامس والعشرين من يناير حكمت محكمة القضاء الإداري المصرية بوقف قرار الحكومة بتصدير الغاز الطبيعي إلى إسرائيل، إلا أن الحكومة المصرية قدمت طعنًا لإلغاء الحكم للمحكمة الإدارية العليا التي قضت بإلغاء حكم المحكمة الإدارية، لوجود أطراف مقربة من النظام المصري السابق تستفيد من الصفقة عبر حصولها على عمولات.

وبرحيل نظام مبارك أصبح الطريق ممهدا أمام الحكومة المصرية لإعادة النظر في الاتفاقية مع الجانب الإسرائيلي، من أجل وقف نزيف الخسائر التي يتكبدها الجانب المصري ببيع الغاز بأقل من أسعاره العالمية، خاصة وأن إعادة النظر في تلك الاتفاقية جاء على رأس قائمة مطالب الثوار.
فليس هناك ما يلزم الجانب المصري بتصدير الغاز، وهذا ما أكده الدكتور رمضان أبوالعلا، أستاذ هندسة البترول والخبير النفطي عضو مجلس علماء الثروة المعدنية في مصر، مشيرا إلى أنه لا يوجد ما يجبر الجانب المصري على تصدير الغاز إلى إسرائيل، ولا توجد اتفاقية دولية بين الحكومتين بهذا الخصوص، ذلك لأن ما تم من إجراءات لم يتم عرضه على مجلس الشعب وهي الجهة المنوط بها الموافقة على تصدير ثروات مصر وفقاً للدستور.

مراوغة قانونية

أضاف أبوالعلا أن الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشؤون النيابية والقانونية السابق قام بتبرير ذلك الأمر وقتها قائلاً إن " اتفاقيات التنقيب تتضمن نصوصاً تسمح بالتصدير، وقد سبق وأن وافق النواب على تلك الاتفاقيات، لذلك لايقتضي الأمر عرض تلك الاتفاقية على مجلس الشعب " وهو ما يؤكد أن هناك مراوغة قانونية ومبررات لم يقتنع بها الرأي العام في مصر حينذاك، إلا أن الوزير قد أعلن أيضاً في نفس الجلسة أن التصدير تم وفقاً لاتفاقية موقعة بين شركتين لكل منهما شخصية اعتبارية ولا علاقة للحكومة بهذا الاتفاق.

موقع جلوبس الإسرائيلي الاقتصادي المتخصص كان قد كشف أن شركة غاز شرق المتوسط المصرية الإسرائيلية المشتركة والتي تحتكر توريد الغاز الطبيعي المصري لإسرائيل تحقق عمولة 30% مرة واحدة علي مبيعات هذا الغاز لإسرائيل، ونسب موقع جلوبس إلي يوسف ميمان، المستثمر الرئيسي في شركة غاز شرق المتوسط مع رجل الأعمال المصري حسين سالم المقرب من الرئيس المخلوع حسني مبارك أن شركة غاز شرق المتوسط تقوم بشراء الغاز من الشركة المصرية الوطنية للغاز (إيجاس) ثم تقوم ببيعه إلي شركة كهرباء إسرائيل وتربح عمولة 30% مرة واحدة علي ذلك، وقال يوسف ميمان أن شركة غاز شرق المتوسط لديها عقود تصدير للغاز المصري لشركة كهرباء إسرائيل بأكثر من 15 مليار دولار.

ويمتلك حسين سالم 28% من أسهم شركة غاز شرق المتوسط وتمتلك الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي 10% والشركة الوطنية التايلاندية (بي تي تي) 25% ويوسف ميمان 20.6% من خلال شركتي امبال وميرهاف وعدد آخر من المستثمرين الإسرائيليين والأمريكان حوالي 4.4%.
نتائج قرار شرف


قرار حكومة " شرف " بإعادة النظر في أسعار الغاز لن تكون نتائجه على المستوى الاقتصادي فحسب من حيث الحصول على فروق الأسعار، بل سيؤدي هذا القرار إلى بلورة رؤية سياسية متكاملة بشأن العلاقات المصرية- الإسرائيلية وكذلك فيما يتعلق بتطبيع هذه العلاقات، وقد تشكلت لمواجهة هذا التطبيع جمعيات ومنظمات وهيئات ولجان على المستوى المصري وعبر جميع القطاعات السياسية والإعلامية والقانونية والمهنية، لأن الشارع المصري، وجد في التطبيع ما يخترق قراره الوطني والسيادي على أرضه وممتلكاته وثرواته، وبالتالي على مصالحه الوطنية.

وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قد دعت في وقت سابق حكومتها إلى ضرورة البحث عن أسواق لاستيراد الغاز، حيث يمكن أن يكون الخليج أو بعض من الدول الأوروبية بديلا عن مصر، إلا أنها رأت أن قرار مصر بضرورة إعادة النظر في أسعار الغاز المصدر إلى إسرائيل سينعكس بصورة سلبية على العلاقات المصرية- الإسرائيلية التي يبدو أنها لن تعود إلى سابق عهدها حتى مع استقرار الأوضاع المصرية الآن.

وأوضحت الصحيفة أن هناك اعتقادًا في إسرائيل بأن الجمود سيكون السمة الرئيسية التي من الممكن وصف العلاقات المصرية- الإسرائيلية بها، خاصة مع اختفاء من أسمتهم الصحيفة بالقوى الفاعلة من أجل تنشيط هذا التعاون، زاعمة أن من أبرز هذه القوى رجل الأعمال حسين سالم، أو بعض المقربين للنظام ممن هربوا الآن وباتت الساحة المصرية خاوية الآن ويبرز بها فقط من وصفتهم الصحيفة بمنتقدي وكارهي إسرائيل.

ليست هناك تعليقات: