الاثنين، ١٧ يناير ٢٠١١

العدالة المقيدة

الوفد

بقلم: .أنور عصمت السادات

كثيراً ما نشيد بالقضاء المصري ورجاله الشرفاء ونعتبره دائما حصن العدالة والمؤشر الصريح علي تقدم مصر ونهضتها والمخرج الحقيقي لمجمل التي يعانيها الكثيرون، فبدونه يتمادي الخارجون علي القانون، وتبدو المجتمعات أشبه بالغابات لتسود قاعدة »البقاء للأقوي« وتنتشر الفوضي فتنهار المجتمعات. وأمامنا نظام يتشدق ليل نهار باحترام أحكام القضاء وسيادة القانون ويطالبنا بذلك وهو أول من ينتهك دولة المؤسسات وعلي رأسها القضاء وينتقص من مشروعيته. فلا تزال بعض أحكام القضاء إلي الآن لا تعدو إلا أن تكون حبراً علي ورق، بالرغم من أن الدستور المصري في مادته »64« يؤكد ان سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة، لكن ماجدوي أحكام تبقي محصورة في منطوقها وما تأثيرها في ظل عدالة مقيدة مكتوفة لا تترجم إلي واقع حقيقي وفعال.

فقد كانت الانتخابات البرلمانية الماضية خير شاهد علي ما أقول، ولم يتم حتي هذه اللحظة تنفيذ أحكام القضاء التي قضت ببطلان تلك الانتخابات بحكم المحكمة الإدارية العليا وهي أحكام كفيلة وحدها بحل المجلس إلي جانب ما يزيد علي ٤ آلاف دعوي قضائية صدرت بموجبها أحكام ضد اللجنة العليا للانتخابات ووزارة الداخلية ولم يتم الاعتداد بها إلي وقتنا هذا، بالرغم من تأكيد خبراء القانون بعدم مشروعية الاستشكالات علي أحكام القضاء الإداري إلا أمام القضاء الإداري نفسه، وما يحدث خلاف ذلك يعتبر هو والعدم سواء، ومازالت الحكومة تقر بشرعية المجلس دون النظر لتلك الأحكام. وكثيرا ما أدانت الحكومة سلوك المواطنين في التحايل علي القانون حين فشلت علي سبيل المثال في الحد من الاعتداء علي أراضي الدولة وغيرها من القضايا، وكيف لها أن تدين ذلك وهي أيضا تتحايل علي القانون ولا تعترف بأحكام واجبة التنفيذ، كان أبرزها حكم إسقاط الجنسية عن المتزوجين من صهيونيات وهو الحكم الذي لم ينفذه رئيس الوزراء ولم يبد أي نيه لتنفيذه.

وإضافة إلي حكم الإدارية العليا بوقف تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل وهو الحكم الذي لم يتم تنفيذه أيضا رغم أنف كل المصريين، فضلا عن صدور حكم تاريخي في الدعوي التي أقامها المركز المصري للحقوق الاقتصادية بزيادة الحد الأدني للأجور وبدلا من أن تسعي الدولة الي تنفيذ الحكم قامت بالطعن عليه إلي جانب العديد من الأحكام الأخري » طرد الحرس الجامعي ـ بطلان عقد مدينتي ـ ناهيك عن التباطؤ في تنفيذ الأحكام التي تتعلق بموضوعات غاية في الأهمية ونعاني آثارها إلي الآن كالطائفية والتمييز بين البشر.

هل تتعلق تلك المسألة بمنظومة العدالة المختصة بتنفيذ الأحكام فإذا كانت عادلة ومستنيرة فإنها تحترم أحكام القضاء وتلتزم بتنفيذها وإن كانت معصوبة العينين، اعتبرتها نقصا من هيبتها وسيادتها، أم أن هناك ثغرة وخللاً تشريعياً تستفيد منه السلطة التنفيذية والخارجون علي القانون للالتفاف والتحايل علي الأحكام ؟ أم أننا بحاجة إلي تعديل وتفعيل بعض مواد القانون والدستور؟ وأين هو مجلس القضاء الأعلي ونادي القضاة ومجلس الهيئات القضائية وما موقفهم مما يحدث؟ لقد أصبح حديث المدينة هو غياب الحسم والإرادة من جانب أجهزة الدولة المسئولة عن تنفيذ أحكام القضاء وتركها تتآكل حتي تتبخر بما يمثل تهديداً لسمعة مصر أمام العالم، ويمحو الثقة في نظامنا السياسي، ويبعث القلق في نفوس المستثمرين في وقت يفترض أننا نتطلع فيه للتنمية وجذب الاستثمارات .. فهل بعد ذلك وقفة ونظرة للأمام؟
وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية

ليست هناك تعليقات: