الخميس، ١٤ يناير ٢٠١٠

أكاذيب النظام في صفقات الغاز

يصدره إلي إسرائيل ويعلن عن استيراده

الوفد

كم هو عجيب النظام السياسي بمصر وكذلك المسئولون القائمون عليه‮.. ‬يكذبون الكذبة ويكونوا أول من يصدقها،‮ ‬بل والأجدي أنهم يحاولون جاهدين إقناع الآخرين بها‮.‬
فعندما تم إبرام صفقة تصدير الغاز لإسرائيل في عام‮ ‬2005‮ ‬تذرع المسئولون باتفاقية السلام وأنها تقتضي بيع الغاز لإسرائيل دون ميزة تفضيلية طالما قبلت بالشروط،‮ ‬كما أنه لا عيب في تصدير الغاز لإسرائيل طالما أن بيننا سلاماً‮.‬
وفي المقابل‮ ‬غضوا أبصارهم وصموا آذانهم عن عشرات الاحتجاجات والمظاهرات التي تنظم عقب إبرام أية اتفاقيات أو صفقات مشتركة مع الجانب الإسرائيلي‮. ‬ونفس الحال يتكرر في الآونة الأخيرة حينما أطلق المهندس سامح فهمي وزير البترول تصريحاته الأخيرة بشأن العروض التي تقدمت بها بعض الشركات العربية العاملة محلياً‮ ‬لاستيراد الغاز من الخارج لتلبية احتياجات مشروعاتهم كثيفة الاستهلاك من الطاقة،‮ ‬كما دعا الوزير إلي عدم الحجر علي أصحاب مقترحات الاستيراد والتعامل معها بمنطقية خاصة ما إذا كانت صالحة للتطبيق،‮ ‬مبرراً‮ ‬ذلك برغبة الحكومة في الاستفادة من المتغيرات العالمية لصناعة الغاز،‮ ‬خاصة في ظل انخفاض أسعاره بشكل واضح بما يصب في صالح استهلاك المنتجات البترولية محلياً‮ ‬والتي تتزايد بشكل مضطرد مما أدي إلي رفع قيمة الدعم الذي يتحمله قطاع البترول والذي قدر هذا العام بـ‮ ‬66‮ ‬مليار جنيه بعد أن كان‮ ‬14‮ ‬ملياراً‮ ‬العام الماضي‮.‬ وهنا تجاهل الوزير أن السعر الذي يمكن أن تستورد به الغاز من الخارج مهما انخفضت قيمته فإنه لن يصل إلي تلك القيمة الزهيدة التي تصدره بها لإسرائيل،‮ ‬حيث يدور سعره حول‮ ‬75‮ ‬سنتاً‮ ‬للمتر المكعب،‮ ‬بينما الأسعار العالمية في حدود‮ ‬5‮ ‬إلي‮ ‬7‮ ‬دولارات،‮ ‬مما استدعي الكثيرين إلي وصفه بأنه‮ »‬سعر سياسي‮« ‬لأنه لا يماثل الأسعار المباع بها الغاز لدول أخري كما لا يخضع لقاعدة التعديل التي تربط تحرك السعر بارتفاع أسعار البترول والغاز في السوق العالمية،‮ ‬وهذا دفع الكثيرين إلي تقديم العديد من الدعوات الفضائية والتي تم الإشارة فيها إلي أن مصر تخسر يومياً‮ ‬13‭.‬5‮ ‬مليون جنيه من جراء هذه الصفقة واعتبروها انتقاصاً‮ ‬من السيادة الوطنية،‮ ‬وأصدرت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة حكمها بوقف تصدير الغاز لإسرائيل في عام‮ ‬2008‮ ‬ولكن لم يتم الأخذ به حتي الآن‮.‬ بدأت الحكومة المصرية مؤخراً‮ ‬المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي للبت في إجراءات رفع أسعار الغاز الطبيعي المصدر لإسرائيل،‮ ‬ولكن هذه المفاوضات تعثرت واتخذت هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية قراراً‮ ‬بإلغاء قرار مجلس إدارة شركة الكهرباء بدفع سعر الغاز المصري بسبب أخطاء إجرائية شابت عملية اتخاذ القرار والذي مكن الإدارة الإسرائيلية علي اثره باستغلال هذه الصفقة لصالحها وإرغام مصر علي تسيير العقد لمدة العشرين سنة المحددة مسبقاً‮ ‬وبنفس الأسعار،‮ ‬وهذا كله حدث وسيحدث لعدم وجود صفوة من المحامين علي دراية ووعي كامل وكافٍ‮ ‬بالعقود المبرمة دولياً‮ ‬فأصبحت مصر دائماً‮ ‬الطرف الخاسر في أي قضية دولية،‮ ‬مثلما حدث مسبقاً‮ ‬في قضية سياح والتي خسرت فيها مصر‮ ‬750‮ ‬مليون جنيه‮.‬ وصف النائب الوفدي صابر عطا الله حجة استيراد الغاز من الخارج لرخص سعره،‮ ‬بأنه كلام‮ ‬غريب يشبه إلي حد كبير ما قيل أثناء إبرام صفقة تصدير الغاز لإسرائيل وادعاء المسئولين بأن مصر لديها احتياطي كبير من الغاز الطبيعي‮. ‬وتساءل‮: ‬إذا كان سعر استيراد الغاز هذا العام رخيصاً‮ ‬فهل سيستمر علي نفس الحال في الأعوام القادمة؟‮!‬ وأشار إلي أن الاستيراد من الخارج يحتاج إلي عملات صعبة وتخصيص نصيب له في الموازنة العامة للدولة في الوقت الذي تعاني فيه الميزانية من عجز كبير سينتقل بالوراثة إلي الأجيال القادمة والتي ستتحمل وحدها عبء الأخطاء التي ترتكبها الحكومة‮.‬ ‮»‬إن تصريحات وزير البترول الأخيرة بشأن إمكانية إجراء دراسات لاستيراد الغاز الطبيعي من الخارج،‮ ‬كشفت المستور عن مدي الخلل في توجهات الحكومة الحالية‮«.. ‬بهذه العبارة بدأ السفير إبراهيم يسري مساعد وزير الخارجية الأسبق حديثه،‮ ‬موضحاً‮ ‬أن ما يحدث حالياً‮ ‬يؤكد صدق ما أورده من أسباب في الدعوي القضائية التي كان قد رفعها لوقف تصدير الغاز لإسرائيل عام‮ ‬2008‮ ‬والتي تضمنت الإشارة إلي أن احتياطي مصر من الغاز الطبيعي محدود جداً‮ ‬ولا يكفي المتاح فيه حالياً‮ ‬للاستهلاك المحلي،‮ ‬مما تسبب في حدوث عجز داخلي،‮ ‬وبالتالي لجوء أصحاب المصانع إلي استخدام المازوت بديلاً‮ ‬عنه رغم أن سعره عشرات أضعاف الغاز الطبيعي‮.‬ يقول عبدالعظيم المغربي أمين عام اتحاد المحامين العرب إن ضرب النظام المصري عرض الحائط بالحكم الخاص بوقف تصدير الغاز لإسرائيل لم يكن المرة الأولي‮. ‬وأضاف‮: »‬أن من يتذرعون باتفاقية السلام لإبرام شتي العقود مع إسرائيل،‮ ‬فإنه يعتبر عذراً‮ ‬أقبح من ذنب‮« ‬واعتبر أن هذه الاتفاقية كانت بداية استسلام الإرادة المصرية المستقلة للإملاءات الصهيونية والتي أدت إلي تراجع مكانة مصر بين الدول‮.‬ يري المغربي أن اتجاه الحكومة المصرية لإجراء دراسات حول إمكانية استيراد الغاز من الخارج يعتبر في المقام الأول خضوعاً‮ ‬واستسلاماً‮ ‬لقلة حاكمة فاسدة للفوز بحفنة ملايين من الدولارات تدخل إلي جيوبهم علي حساب الشعب المصري الفقير‮.‬ وأوضح أن‮ ‬غياب القدرة العلمية والأخلاقية والإرادة الوطنية بشأن ما يبرم من اتفاقيات دولية يعتبر السبب الأساسي وراء الخسائر التي تتواتر علينا دائماً‮ ‬واستغلال ما يبرم من اتفاقيات لصالح الطرف الآخر ضد مصر‮.‬

ريهام زهران

ليست هناك تعليقات: