الأربعاء، ٣٠ سبتمبر ٢٠٠٩

السفير إبراهيم يسري يؤكد : مبارك يشفق علي ابنه من خلافته!! .. ندفع جزية لإسرائيل 15 مليون دولار مع طلعة كل صباح!

جبهة انقاذ مصر

ارتبط اسم السفير الدكتور إبراهيم يسري بمعركة التصدي لاتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل والتي قادها قضائيا وشعبيا بكل شراسة لإحباط المؤامرة وإلغاء الاتفاقية التي تبدد ثروات مصر وتمنحها للعدو الإسرائيلي «مجاناً» وكعربون «محبة» من النظام المصري لقادة تل أبيب ومن ورائهم «السيد الأمريكي» ورغم ما شاب القضية من غرائب ومخالفات بتحويلها من القضاء الإداري ـ المختص ـ إلي القضاء المدني ـ غير المختص ـ بنظر هذه القضايا ليصدر حكماً برفض الدعوي فيما شكل صدمة شديدة هزت وجدان المصريين وسقطت كالصاعقة علي من قادوا الحملة الشعبية لوقف تصدير الغاز لإسرائيل. رغم كل ذلك مازال السفير إبراهيم يسري يناضل ويواصل معركته «المصيرية» التي يخوضها في إطار رفضه ومعارضته للكثير من ممارسات النظام الحاكم وسياساته سواء الداخلية أو الخارجية وهو الموقف الذي أعلنه يسري دون مواربة داعياً إلي إصلاح سياسي وتداول سلمي للسلطة، والضغط علي النظام بالوقفات والمظاهرات والعصيان المدني في حدود الدستور والقانون، وتكوين جمعية تأسيسية لعمل دستور جديد والاستفتاء عليه وإقامة الدولة الديمقراطية الحديثة.

حاورنا السفير إبراهيم يسري فأدلي بدلوه في العديد من القضايا في مقدمتها ـ بالطبع ـ تصدير الغاز لإسرائيل والتوريث وتقييمه للسياسة الخارجية المصرية والتدخلات الإسرائيلية في منابع النيل، ورأيه في النخبة السياسية، آراؤه كانت صادقة قاطعة وواضحة لا لبس فيها.

كان طبيعيا أن نتحدث معه بداية عن قضية تصدير الغاز لإسرائيل فأكد: لم نخسر القضية كما أشاع لوبي البترول والغاز في وسائل الإعلام فهذا حدث فقط في الشق المستعجل، أما الشق الموضوعي وهو الأصل فمازلنا بصدده وسنواصله أمام محكمة القضاء الإداري في 27 من الشهر الجاري دائرة فحص الطعون، وأنا واثق في أن الحكم سيكون لصالحنا نظراً للأدلة والمستندات الموثقة التي أودعناها بالمحكمة وحتي لو صدر حكم عكس ما نتمني فسنكون سجلنا موقفا بأن هذه الصفقة تنم عن فساد وسوء تصرف واهدار للثروةالشعبية، ونضع ذلك أمام الحركة الوطنية.

وأوضح يسري أن هذه القضية تكشف عن فساد في قطاع هام جداً هو البترول الذي «يمرح» القائمون عليه بلا رقابة أومسئولية تجاه الشعب منذ 25 سنة!

مشيرا إلي أن خبراء ثقات حسبوا الخسارة اليومية من هذه الصفقة المشبوهة وأكدوا أنها وصلت إلي 15 مليون جنيه يوميا وهو مبلغ يكفي لبناء مدينة سكنية أو 10 مستشفيات، وقدمنا إلي المحكمة وثائق دامغة لم تنكرها وزارة البترول حتي الآن، فهذه الصفقة جائرة وظالمة لمصر ويترتب عليها خسارة جسيمة لايتحملها المصريون الذين يعانون من العشوائيات وأزمة الاسكان والبطالة، ويحتاجون كل قرش من ثروات البلد لتحسين أحوالهم، لكن للأسف الفساد في مصر تحول إلي «ندالة»!، في نفس الوقت الذي يتم فيه إهدار عشرات بل مئات المليارات في هذه الصفقة. متسائلا: هل هذا بلاهه أم سذاجة أم إهمال أم فساد؟ فإذا كان تصديره نتيجة ضغط فمصر تخلصت من دفع الجزية للسلطان العثماني منذ عهد بعيد فليس من المعقول أن ندفع جزية لإسرائيل! سألناه عن إمكانية أن يكون تصدير الغاز لإسرائيل ضمن محاولات النظام استرضاء القوي الخارجية لقبول الوريث؟ ، فأكد أن القضية هي جزء من كل والقضية الكبري هي مصر: هي الإصلاح السياسي ومواجهة كل محاولة لتعويق حصول الشعب علي الحرية والديمقراطية في ظل الشفافية فهذه جميعا نستحقها لأننا شعب عريق له حضارة وتاريخ ولايجوز مطلقاً أن نبقي خاضعين للقمع والحكم البوليسي.

وضرب السفير إبراهيم يسري مثلاً علي عدم الشفافية بقوله: نحن لانستطيع معرفة مخصصات الرئاسة والجهات السيادية وجهات أخري ينفق عليها بلا رقيب أو حساب، بينما في دول أخري يعلمها جميع المواطنين، فلماذا لايتم ذلك في مصر علي الأقل لنواب الشعب.

كذلك فإنه لابد من وقفة جادة للتوصل إلي انتقال سلمي للسلطة في حدود الدستور والقانون، وإعادة صياغة العقد الاجتماعي نحن بحاجة لنظام جديد ودستور جديد ودماء جديدة وفكر جديد وليس فكراً جديداً شعار الحزب الوطني فهذا إنما هو فكر قمحي بوليسي.

نحن في حاجة إلي شخصية كاريزمية علي علم ودراية بالعمل السياسي، وتكون نظيفة ومخلصة ومناضلة تقود الزخم الجماهيري نحو التغيير، ولكن للأسف نحن لدينا نخبة «مسوسة» و«متعفنة» انغلقت علي نفسها وخلافاتها ونتيجة لذلك فقدت فاعليتها وصلاتها بالقواعد الجماهيرية وأصبحت لاتري رؤية سياسية واضحة بينما وظيفتها أن ترشد القوي الجديدة.

وأضاف يسري: معظم الأحزاب المصرية «فوقية» فقدت اتصالها بالقاعدة، والإصلاح الحقيقي هو الذي يأتي من «تحت إلي فوق» وهو يلاقي صعوبات جمة أهمها ضعف الوعي الجماهيري والقمع البوليسي، ولكنه هو الطريق الوحيد السليم الذي لابد أن يكون رغم أنه شاق.

ويجب أن يتم فوراً تكوين جمعية تأسيسية لوضع دستور والاستفتاء عليه وإقامة الدولة الحديثة الديمقراطية، وعلينا ألا نكرر أخطاء التجارب السابقة، لكن الحقيقة أننا أمام نظام متسلط يستطيع افشال أي تحرك ما لم يكن جماهيرياً ومتجذراً، وروح النضال موجودة والشعب راغب في التغيير لأنه يعاني الكثير من المتاعب، وإن كان ينقصه التنظيم.

أما عن التوريث فقد قال السفير إبراهيم يسري أنه مسألة مطروحة بشدة والغريب أن الرئيس مبارك أنكرها! بينما الحقيقة أن القضية واضحة ولكني أشفق علي جمال مبارك لأسباب كثيرة منها أنه سوف يتسلم البلاد وفيها مشاكل كثيرة جداً ولانريد أن نقول «خرابة»! وكذلك سيواجه بسخط شعبي لامثيل له من قبل كماأننا لانعلم موقف المؤسسة العسكرية من الحاكم الجديد.

ثم إن التوريث سوف يضعنا فوق فوهة بركان ـ بل إننا فوق بركان حاليا ـ إذا انفجر لن يبقي ولا يذر وستكون محرقة!! فإذا كنت مكان جمال مبارك ولدي «ربع» عقل فلن أقبل ذلك، وأعتقد أن مبارك سوف يشفق علي ابنه من تولي الحكم بعده!

وأرجح أن لوبي الحزب وراء جمال وكلهم رجال أعمال يروجون لهذه الصفقة حتي تكون الدولة بكاملها ملكاً لهم! طبعا هم لاينظرون للنتائج السياسية الخطيرة لأنهم ليسوا سياسيين وإنما رأسماليين فليس لديهم بُعد رؤية ونظر لأن في هذا خطورة علي مشاريعهم!

وبحكم خبرته الطويلة في العمل الدبلوماسي بوزارة الخارجية سألناه عن سلبيات الساسة الخارجية المصرية فقال الحقيقة السياسة الخارجية المصرية شابتها السلبية والضعف في العقود الأخيرة لأننا استلسمنا للرؤية الأمريكية ووثقنا فيهاأكثرمما وثقنا في أنفسنا ونعتمد عليها في سياستنا الخارجية، وفي ظل هذه الظروف لانستطيع أن نتصور أن يكون لنا سياسة خارجية وطنية وإنما سياستنا ملك لغيرنا، ولايمكن أن نلوم وزير الخارجية الحالي لأنه ورث تركة مثقلة بالأزمات وكذلك هو بعيد عن كل الملفات الساخنة فهو بعيد عن الملف الفلسطيني وغيره.

وعن معاهدة السلام أكد السفير إبراهيم يسري عدم معرفة القانون الدولي الحالي بوجود مثل هذه المعاهدات إذ أنه حّرم إعلان الحرب وقصرها علي المنازعات الدولية في نطاق التفاوض أو اللجوء لمجلس الأمن لطلب استخدام القوة طبقا للفصل السابع، فلا يعترف القانون الدولي بإعلان الحرب، والأصل هو السلام فبعد انتهاء الحرب لاحاجة لإبرام معاهدة تنص علي السلام لكن «معاهدة السادات» تمت تحت ضغط ولذا فهي معاهدة إذعان تخالف السيادة.

وتطرق السفير يسري إلي ملف خطير وساخن هو التسلل والتغلغل الإسرائيلي في دول منابع النيل وهو ما يعتبره السفير يسري من أخطر بل أخطر المهددات للأمن القومي المصري، معتبرا ذلك يمثل عدوانا سافراً ومخالفة لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. مضيفا: عندما كنت في وزارة الخارجية كنت من أنصار إعطاء الأولوية الأولي والحيوية لمياه النيل والحفاظ عليها وهي مسألة حياة أو موت وقد أدرك الخديو إسماعيل هذه الاهمية لذا فقد وصل بجيوشه إلي هذه المنطقة وضغطنا علي أثيوبيا حتي تتوقف محاولاتها للانتقاص من حصة مصر المائية حتي أن السادات هدد بضربها بالطائرات!

مضيفا: أؤكد أن هناك تقصيرا شديداً جداً لايغتفر للحكومة المصرية طوال الثلاثين عاماً الماضية، مما أفقدنا دورنا في أفريقيا الذي كان رائدا وفاعلاً لكننا ابتعدنا عنها فابتعدت هي أيضا فترتب علي ذلك أن بدأت دول منابع النيل «تتوحش» وتستمع لمن يلقنها النصائح بعمل مشروعات في صالحها.

وعلينا أن نواجه التغلغل الإسرائيلي بأمرين الأول بعقد قمة بين دول حوض النيل نتفق فيها علي إقامة مشروعات تنموية خاصة بمياه النيل.

والثاني: وهو معترف به في الحياة الدولية فلابد أن يكون لدينا رادع وهذه ليست دعوة للحرب، لكننا مطالبون بالدفاع عن شريان حياتنا بكل وسيلة وكل وسيلة مباحة لأنها مسألة دفاع عن النفس ويجب أن تتنوع السياسة المصرية كلها لمسألة مياه النيل وأن نحلها سياسياً واقتصاديا بمايضمن حقوقنا وأن يكون لدينا رادع في خلفية كل تحركاتنا الدولية، والحقيقة أننا لاينقصنا الرادع وإنما نفتقد للإرادة السياسية.

حوار أجراه الزميل: علاء كمال

ليست هناك تعليقات: