الأربعاء، ١٩ أغسطس ٢٠٠٩

السفير يسري: "معركة الغاز مستمرة"

* وماذا كانت النتائج حتى الآن؟

** بالنسبة لمحكمة القضاء الإداري، فصدر حكمها التاريخي في الشق المستعجل بمنع تصدير الغاز، وإلغاء قرار وزير البترول، وأحالت الموضوع لهيئة مفوضي الدولة؛ لكن الحكومة طعنت بطريقتين؛ الأولى أمام محكمة الإدارية العليا التي أصدرت حكمًا جاء صادمًا للشعب المصري كله، والقاضي بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري، واستندت في حكمها إلى أن قرار مجلس الوزراء في 18 نوفمبر سنة 2000م الذي يخول وزير البترول بإجراء الصفقة مع الكيان الصهيوني هو من أعمال السيادة، والعجيب في الأمر عند رجوعنا لهذا السند تبيَّن لنا أنه لم يصدر أي قرار في هذه الجلسة، كما أن الدستور نصَّ صراحةً أن مجلس الوزراء يختص فقط بإصدار القرارات الإدارية والتنفيذية؛ بمعنى أنه غير مُخول بإصدار قرارات سيادية، أما الطريقة الثانية فكانت غير قانونية لكسب المزيد من الوقت، والتلاعب، وإهدار الحكم القضائي عندما طعنوا على حكم القضاء الإداري أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بمحكمة عابدين، أمام قاضٍ جزئي مبتدئ هو خالد الحاتي الذي أصدر بدوره حكمًا غريبًا لم يحدث في تاريخ مصر كان مؤداه إلغاء وانعدام حكم محكمة القضاء الإداري، ثم جاء طلب ردي لمحكمة الإدارية العليا، إلا أن المحكمة التي عُرض عليه الطلب تجاوزت عن كل الدلائل، وعاقبتني بغرامة قدرها 16 ألف جنيه.



* هل يحق لقاضٍ جزئي كقاضي محكمة عابدين أن يحكم بانعدام حكم محكمة أعلى كمحكمة القضاء الإداري؟

** لا يجوز له ذلك على الإطلاق لمخالفته للقانون، وذلك لسببين: الأول أنه غير مختص ولائيًّا، والثاني أنه يتجاوز سلطاته مخالفًا لأبسط أحكام ومبادئ الدستور والقانون، فهذا القاضي الصغير الجاهل بالقضاء أصاب الناس بحالة من الشك وزعزعة الثقة في القضاء.

* ولماذا رددتم محكمة الإدارية العليا في قضية منع تصدير الغاز؟

** كان من الواضح لدينا أن هذه المحكمة مخالفة للقانون، وأثبتنا عدم صلاحية رئيس الدائرة المستشار إبراهيم الصغير للفصل في الدعوى؛ لمخالفة ذلك لقرار الجمعية العامة للمحكمة الإدارية العليا؛ حيث إنه من المفترض رئاسة المستشار إسماعيل صدقي لهذه الدائرة، كما أثبتنا انتفاء صلاحية عضو يمين نفس الدائرة المستشار مصطفى حنفي؛ لأنه منتدب في رئاسة الجمهورية ووزارة البترول مما يجعله غير حيادي في حكمه، وأبسط دليل على ذلك امتناع رئيس المحكمة عن إطلاعنا على تقرير هيئة مفوضي الدولة ومحضر جلسة المحكمة؛ الأمر الذي يُعد مخالفة للقانون واضحة جدًّا.


* هل توجد وسائل أخرى قانونية لم تتخذوها بعد؟

** بالتأكيد لا يخلو القانون منها، فهناك عدة إجراءات لم تُتخذ بعد؛ لكننا أخذنا الإجراء الأكثر فاعلية وهو مجلس الدولة؛ لكن يمكننا اللجوء للقضاء المدني، وتطبيقات قانون الاستثمار، هذا غير الوسائل الأخرى للكفاح، والتي لن نعلن عنها في الوقت الحاضر؛ لتكون وسائل مباغتة، حتى لا تكون "كارتًا" محروقًا تتصرف على إثره الحكومة.


* إذًا المعركة ستستكمل رحاها في شهر سبتمبر القادم.. ما أهم قواعدها؟

** سنبدأ خوض الشق الموضوعي للقضية، بعد الانتهاء من الشق المستعجل، والذي نعول عليه آمالنا كثيرًا في أن يكون حاسمًا لصالحنا، ونحن نملك من المستندات القوية والقاطعة ما يجعلنا نثق في انتصار قضيتنا في نهاية الأمر أمام قضاء عادل.

* لماذا لم تلجئوا إلى المحكمة الدستورية العليا حتى الآن؟

** لأنه لا يوجد نص يتيح لمقيم الدعوى القضائية أن يلجأ للدستورية العليا مباشرةً، إنما يجب إحالة القضية من محكمة ما إليها، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن يتم تعطيل الدعوى ما يقرب من 5 سنوات، أو أكثر ربما 20 سنةً قادمةً!!، وهذا بالتأكيد سيضر بها كثيرًا.


حملة علاقات

* ولماذا لا تسعون إلى تدويل القضية بعد مماطلة الحكومة في تنفيذ أحكام القضاء؟

** لا يوجد اختصاص للمحاكم الدولية في هذه القضية؛ لأنها شأن داخلي في الأساس، ولا نفضل أن نلجأ للخارج؛ لكن يمكننا البدء في حملة علاقات عامة ودعاية للقضية في المحافل الدولية؛ لكشف الفساد الذي يتوغل بها، فنحن نريد إصلاح هذا الفساد وتنبيه الحكومة للفساد الكبير الذي يخيم على قطاع البترول، هذا فضلاً عن الكشف عما سار أثناء عقد الصفقة مع الكيان الصهيوني، وكشف كيف أن المهندس محمد إبراهيم الطويلة رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للغاز الطبيعي سابقًا، والمدير العام لشركة غاز شرق البحر المتوسط الحالي كان هو مَن تعاقد مع شركة غاز الشرق المتوسط بإمداد الكيان الصهيوني هذه الكميات الهائلة من غازنا، وجاء منصبه الأخير كمكافأة له على جهوده.

الندب

* يمكننا قول إن مسألة ندب القضاة أحد العوامل السلبية التي أثرت بشكل مباشر في سير القضية من خلال الحكم الجائر والصادر عن محكمة الإدارية العليا؟

** بالتأكيد فهذا كان أساس طلب الرد المقدم منا؛ حيث كان عضو اليمين بها منتدبًا لرئاسة الجمهورية ولوزارة البترول، وكان من الأفضل له أن يتنحى عن نظر الدعوى ليأتي الحكم حياديًّا إلا أنه لم يفعل!!؛ لذلك نطالب بتشكيل دائرة أولى فحص طعون من قضاة غير منتدبين؛ حيث إنها تبحث موضوعات وقضايا مهمة جدًّا؛ كحقوق الإنسان، والحريات، وغيرها، ولا يفصل فيها أي قاضٍ له مصالح مع أي جهة حكومية، كما طالبنا مجلس الدولة أن يعلن انتدابات قضاته بشكل واضح وصريح؛ حتى يتمكن المدعي عند نظر دعوته طلب تنحية القاضي المنتدب، والذي يؤثر على سير القضية، وهذه أبسط قواعد العدالة، فسرية الانتداب غير مقبولة؛ حيث إننا اكتشفنا بعد البحث أن هذا العضو منتدب، ولم يتنح مما ضر بالقضية، كما أنه تم إحالة طلب الرد لدائرة بعينها لتفصل فيه، وكان هذا من سوء حظنا أن كانت النتيجة غرامة 16 ألف جنيه!!.

أصحاب العزبة



* نحن في أشد الحاجة إلى الغاز الطبيعي وبعض المناطق لم يصلها بعد، هذا غير اختفاء بنزين 80، وزيادة أسعار بنزين 90 و95، ومع ذلك تصدر مصر البترول والغاز للكيان الصهيوني بهذا السعر البخس.. كيف تفسر ذلك؟!

** الحكام يديرون وطننا بمنطق صاحب العزبة، ومكنوا المليارديرات من حكم مصر، فهم لا يضعون الصالح العام في اعتباراتهم، وقضية تصدير الغاز إحدى حلقات تفكيك مصر وبيعها، والتي بدأت بتفكيك القطاع العام، وحكومتنا لا تسمع، وفي الطريق كارثة مدمرة!!.


* وكيف تقوم الهيئة العامة للبترول بتسديد مستحقات الشركاء الأجانب مقابل مشترياتها من الزيت الخام والغاز الطبيعي، والتي بلغت 1.5 مليار دولار؛ الأمر الذي يمثل عبئًا كبيرًا عليها، في الوقت الذي تكون اتفاقية تصدير الغاز بسعر مجحف ثابت، رغم أنها في أمس الحاجة لهذه الملايين؟!

** صفقة تصدير الغاز للعدو الصهيوني؛ هي محاولة خداع كبرى للجماهير بإيهامهم أننا نحقق أرباحًا ونزيد الدخل القومي، وفي الواقع وزارة البترول مديونة، تصدر للكيان بخسارة، ويظهر لديها مديونية كبيرة، والدليل على ذلك بيعها لحقلين بترول- إنتاجهما كان أكثر من جيد- بسعر أقل ما يوصف به الإجحاف، والشركة الأجنبية التي اشترتهما، ستستعيد ثمنهما خلال عام فقط، ما نحن فيه عملية إجهاض لأي نمو مرتقب للاقتصاد القومي!!.

لا توجد معاهدة

* ما ردكم على تصريحات الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية للحزب الوطني بمجلس الشعب أن قضية تصدير الغاز قضية اقتصادية، وليست سياسية، منتقدًا الأصوات التي اعتبرتها قضية سياسية، وإشارته إلى أن مصر مرتبطة مع الكيان الصهيوني باتفاقيات دولية لا يمكن على إثرها منع تصدير الغاز؟

** رغم أن الدكتور الفقي صديقي إلا أن تصريحاته مفهومة للغاية؛ حيث إنه رئيس لجنة العلاقات الخارجية للحزب الوطني بمجلس الشعب؛ لكنني أختلف معه؛ حيث إن قضية تصدير الغاز قضية قانونية اقتصادية سياسية، وهذا أمرٌ واضحٌ للغاية، وبالنسبة للتلويح دائمًا بأن مصر مرتبطة مع العدو الصهيوني باتفاقية دولية بشأن التصدير فضلاً عن السلام، فهذا غير صحيح، ففي القانون الدولي لا يوجد أي قيد على الدولة في إلغاء المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ولكن إذا ما قامت الدولة بإلغائها فيكون ذلك على مسئوليتها الخاصة.


مغالطة كبيرة

* معنى ذلك أن مصر بإمكانها إلغاء هذه الصفقة دون أية عواقب وخيمة كما يتردد لاحقًا؟

** في الأصل لا يوجد اتفاقية مُلزمة بتصدير الغاز؛ لكنهم سيردون بأن هناك معاهدة سلام، وهذه مغالطة كبيرة بالغاز المصري؛ لأنه تم اكتشافه بعد 15 عامًا من توقيع الاتفاقية؛ مما ينفي أحقيتهم بتصديره للكيان، كما أن المعاهدة تنص على أنه من حق العدو الصهيوني الدخول في عطاءات ومناقصات، إلا أن ذلك لا يعطيه أية ميزة تفضيلية عن دول أخرى، وسأعلن ذلك لأول مرة أنه لا يوجد في القانون الدولي ما يُسمى بمعاهدة السلام؛ لأن الحرب محرمة إنما أسميها اتفاقية الخضوع، وما دام العدو الصهيوني يمارس الحرب يوميًّا في فلسطين وجيرانها، وما دام توجد تنازلات من قِبل العرب، وخاصةً مصر فهذا يضرب المعاهدة كليًّا، هذا غير تهديد الكيان بضرب مصر باستمرار، وأخيرًا الاعتداء على الأراضي المصرية أثناء حرب غزة!!.


جريمة أخرى

* جريدة صهيونية قالت في 29 يوليو الماضي بأن اتفاقية الغاز زادت أسعارها بنسبة 30% فما تأثير ذلك على الصفقة وعلى منتجنا منها؟

** صفقة تصدير الغاز الجديدة جريمة أخرى في حق الوطن، وتُمثل استهتارًا كبيرًا، ورسالة إلى الشعب المصري؛ مَفادها أننا لا نملك من أرضنا شيئًا، فوزارة البترول قطعت الغاز عن مصانع عديدة ومحطات الكهرباء، وكانت الخسائر بالمليارات، ثم أصبح المصنع يشتري المازوت بـ10 أضعاف ما كان يشتري به الغاز الطبيعي، ناهيك عن أنه مُضرٌ بالعاملين وبالبيئة، هذا غير احتياج الصعيد كله للغاز؛ لكن حكومتنا مصرة على تصدير الغاز للكيان وحرماننا منه بتعمد سافر.



* بالنسبة للمحكمة الشعبية.. إلى أين استقر أمرها؟ ولماذا توقفت فجأة؟ وهل هناك ضغوط تمارس عليكم وراء هذا التوقف؟

** هناك مَن مارس الضغوط علنًا، فسامح عاشور نقيب المحامين السابق، ومكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين؛ رفضا إقامة المحكمة الشعبية في النقابتين، ولم نجد أي مكان لاستقبالنا؛ لكن مؤخرًا احتمالية وجود مكان للمحكمة قريب جدًّا، وهناك ضغوط غير مباشرة كمنع جميع القنوات المستقلة من مناقشة قضية الغاز، وتمثل هذه القضية لديهم خطًا أحمر لا يجب تخطيه.



الغرامة

* وُقعت عليكم غرامة في قضية طلب رد المحكمة الإدارية العليا بمبلغ 16 ألف جنيه كيف تم دفعها كاملةً؟

** في بادئ الأمر اتصل بي جميع القوى السياسية يعرضون مشاركتهم في دفع الغرامة، ومُلحين في طلبهم إلا أنني رفضت بشدة، ثم قرروا فيما بينهم إقامة صندوق ضد الفساد يقومون من خلاله بتسديد الغرامات الموقعة على كل النشطاء في المجتمع المدني، وأبلغوني قبل الوقفة الاحتجاجية في ذكرى تأميم قناة السويس أنهم بالفعل قد جمعوا المبلغ كله، بل وفاض كثيرًا؛ مما دعاهم لتسديد غرامة المهندس يحيى حسين المنسق العام لحركة "لا لبيع مصر".



* صف لنا شعوركم عندما علمتم بدفع الغرامة بهذه السرعة؟

** ما أسعدني حقًّا ليس دفع الغرامة بقدر مشاركة كل القوى الوطنية والشارع المصري معًا لأول مرة في أمرٍ كهذا، فهناك مواطنون أرسلوا النقود من الخارج فأتت من فرنسا وإيطاليا وغيرها، وما زالت التبرعات تأتي، فالقضية ليست قضيتي وحدي، وإنما قضية شعب بأكمله والشعب أثبت أنه لن يتخلى عن ثروات بلاده وسيتمسك بها بقبضتيه، ولكن ما أسعدني أكثر مَن قام بالتبرع بـ5 جنيهات، أشعرني ذلك أنني لست وحدي والشعب كله معي.

القوى السياسية

* "صندوق ضد الفساد".. مَنْ مِن القوى السياسية مشارك فيه؟ وهل الإخوان المسلمون ساهموا فيه أيضًا؟


** جميع القوى السياسية مشاركة فيه؛ مثل حركة كفاية، وحزب الغد، وغيرهم، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، فهم لم يتوانوا للحظة في تقديم كل ما يساعد ماديًّا ومعنويًّا، وجاءت مساهمتهم بشكلٍ كبير على المستوى الفردي وعلى المستوى القيادي أيضًا، فالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب تبرَّع بأعلى مبلغ في الصندوق، وكذلك تبرَّع الدكتور عصام العريان وغيرهم الكثير.

* رددتم كثيرًا أنه بعد محاربة جنودنا في سيناء واستشهادهم على أرضها، نمد من نفس الأرض خط الغاز بين العريش وعسقلان.. ما الرسالة التي أردتم توجيهها للقارئ؟

** أردتُ أن أوقظ فيه النخوة، فعليه أن يتحرر مما هو فيه، فإننا نمرر دمنا وعرقنا عبر هذه الأرض لنوصله لمَن قتلونا سابقًا، ويقتلون أشقاءنا اليوم، فالأنابيب داخل أرض سيناء، والتي تمد الغاز الطبيعي بدءًا من العريش مددناها على نفقتنا من أموال الشعب، وهذا تخاذل كبير، وانتهاك لقدسية هذه الأرض ولأرواح شهدائنا فيها!!.

مجلس الدولة

* من وجهة نظركم بعد كل التغييرات الهيكلية التي حدثت في مجلس الدولة، هل سيؤثر ذلك على سير القضية إلى الأفضل؟

** إننا متفائلون برئاسة المستشار محمد الحسيني للمجلس، فهو يجري بعض التصليحات والتغييرات لإرساء العدالة شاملةً؛ لكني لا أستطيع أن أجزم أن هذه التغييرات ستساعد في سير القضية أو ستؤثر فيها؛ حيث من المفترض أن قضاة مجلس الدولة مُنزهون يدافعون عن العدالة بقوة، كما أننا سنقدم مستندات دامغة تثبت أحقيتنا في الحصول على حكمٍ عادل لصالح الوطن.



* هددتم بالعصيان المدني إذا لم ينصفكم القضاء أو تنفذ الحكومة أحكامه.. هل هذا نوع جديد من أنواع الضغط الشعبي؟

** بالتأكيد إنه من أقوى الضغوط الشعبية، فواجبنا أن نضغط وبقوة، وفي هذه المرحلة التي وصل إليها الوطن لإقناع المسئولين بخطورة الأوضاع، وضرورة تغييرها وإصلاحها، فالعصيان المدني وقاية من ثورة الجياع المخربة، والتي سنكون بصدد مجابهتها قريبًا إن لم نتحرك بسرعة، فضلاً عن كون العصيان إجراءً قانونيًّا دستوريًّا مسالمًا ينبذ العنف.

* قمتم بإعداد قوائم سوداء لمَن ساهم في نكسة الغاز.. ما العائد الذي سعيتم وراءه من ذلك؟

** لنعطي كل ذي حقٍ حقه، والتاريخ سيسجل بدقة مَن ساند شعبه ومَن خذله بصرف النظر عن القانون، فعندما أعددنا هذه القائمة، وفي مقابلها أعددنا قائمة الشرفاء لنقول للتاريخ "احكم"، وعلى الأجيال القادمة فرز ما هو فاسد عما هو صالح، وما نقوم به ما هو إلا توضيح الحقيقة.

تقزيم متعمد

* ما رأيكم في القانون الجديد لإنشاء الجهاز التنظيمي لشئون البترول والغاز؟ وماذا سيحدث إذا ما تمَّ إقرار إلغاء الهيئة العامة للبترول؟

** أولاً الحكومة تتلاعب بالقانون، وتتفادى القضاء بسد الثغرات في أي جهاز تابع لها، كما أنها تتهرب بشكلٍ واضح من الرقابة عليها، ومن القوانين، فهي الآن تريد إلغاء قانون رقم 20 لسنة 76، والذي صدر بإنشاء الهيئة المصرية العامة للبترول؛ لتحل محل المؤسسة المصرية العامة للبترول، ووزارة البترول تقوم عمدًا ومنذ فترة بتقزيم دور الهيئة المستقلة، والمُخولة في الأساس بكل ما يتعلق بالبترول والغاز، فبعد أن كان رئيس الهيئة يتعين بقرار جمهوري أصبح يُعين عن طريق الندب؛ ليتم إخضاعه لإدارة وزارة البترول، وإذا تمَّ إقرار إلغاء الهيئة ستكون هناك كارثة فعلية، إلا أن هذا لن يحدث فلا برلمان ولا تشريع سيصدق على هذا القانون؛ لأنه ضد المصلحة العامة.

حديث محظور

* هل يُعتبر وقف تصدير الغاز خطًّا أحمر للنظام في علاقته مع أمريكا؟

** وقف تصدير الغاز هو خط أحمر ليس في علاقة النظام بأمريكا، وإنما علاقته بالداخل فهو لا يُذكر في الصحف والقنوات الحكومية، وأصبح محظورًا في القنوات المستقلة، فهو يمثل كابوسًا حقيقيًّا للحكومة، وبالنسبة للعلاقة مع أمريكا فالقرار السياسي يجامل في هذا الأمر لأجل عيون الكيان الصهيوني ولنيل رضا أمريكا.

* وهل قرار التصدير أو وقفه مرتبط بقرار أُحادي أو باتفاقية دولية أو بالصالح العام؟

** هو مرتبط بقرار أحادي فردي، فقد قاموا بعمل اتفاقية سرية لا علم للبرلمان بها، ولا نعتبرها موجودةً في الأساس، وقامت الحكومة بالطعن ضدي، وفسرت نيتي على أنني أريد قطع الغاز وعدم تصديره للعدو الصهيوني وإلغاء معاهدة السلام، واستخدمت فزاعة اتفاقية السلام تلوح بها أمام القضاء؛ ليعتبر القضية تمس أعمال السيادة والأمن القومي، في حين لا علاقة فعلية أو قانونية بين الدعوى القضائية، واتفاقية السلام نهائيًّا، كما قامت بتقديم 23 دعوى قضائية ضدي لتشتيت جهودنا، فهم دائمًا يلوون القانون ليؤدوا أغراضهم.

* هل الأمر خاضع لأحكام القضاء وإمكانية تنفيذها فعليًّا، أم سيتيه في دهاليز المحاكم؟

** لأن نظام دولتنا لا يخضع للقانون، فبالتالي الأمر لا يخضع لأحكام القضاء، وإن أصدر القضاء أحكامه النزيهة العادلة، فسيتم تجاهل هذه الأحكام والمماطلة في تنفيذها، أو عدم تنفيذها من الأساس.

"اللي مش عاجبه"

* وهل تتعامل الحكومة مع أحكام القضاء من خلال مقولتين: "يبقى الأمر على ما هو عليه" و"بله واشرب ميته"؟

** أؤيد ذلك بشدة، فالحكومة تتصرف في ثروة الشعب وأملاكه؛ كأنها صاحب العزبة الآمر الناهي بها والمتحكم فيها، كما تتعامل مع الأمر بطرق بلطجية، وأن مقاليد الأمور كلها بيدها، ورغم تقديمنا حكم منع التصدير كهدية لها لتوقف الصفقة، إلا أن ردها جاء لنا بعد أحكام القضاء: "مش هانفذ واللي مش عاجبه يخبط دماغه في الحيط"!!!.

* كيف أوفق بين الرفض الشعبي للتصدير وكونه أمرًا واقعًا حقيقيًّا؟

** التوفيق الوحيد في هذه القضية أن نضغط جميعنا ضغطًَا شعبيًّا قويًّا؛ لتغيير كون تصدير الغاز للعدو الصهيوني واقعًا يجب التعايش معه، بل نحن نرفض التعايش مع هذا الوضع، ولا نقبل إطلاقًا قضية التصدير.

توعية وتكاتف

* ما الآليات الجديدة لمنع تصدير الغاز والتي تتفق مع القانون؟

** أولاً: علينا توعية الشعب بالقضية أكثر، فالمبالغ التي نخسرها يوميًّا يمكننا أن نبني بها حيًّا عشوائيًّا كاملاً بمرافقه، إذًا الخسارة فادحة، وعليه ألا يقبل بها.

ثانيًا: عمل وقفات شعبية كبيرة ومتكررة لعدم إخماد القضية.
ثالثًا: تقديم طلبات شكاوى وبيانات تعرض للقضية وأبعادها وتأثيرها علينا بالخسائر المحققة.
رابعًا: حشد وسائل الإعلام لتغطية القضية وتفعيلها.
وأخيرًا: إعلان العصيان المدني لتغيير واقع مجحف غير مقبول به.

* ما مطالبكم من القوى السياسية ونواب المعارضة والشارع المصري فيما يخدم قضيتكم في الأيام القادمة؟

** أطالبهم جميعًا بالتكاتف والتضافر ومساندة القضية في كل مكان؛ حتى داخل قاعات المحاكم، وتوجيه الإعلام لإيقاظها، وتوعية كوادر القوى؛ ليكون صوت القضية في كل مَحفل، ونحن والحمد لله رغم كل التضييقات إلا أننا نحظى بتأييد شعبي قوي يدعم القضية.

أمل كبير

* من خلال رؤيتكم للواقع القائم ومن خلال سنوات الكفاح الطويلة.. ماذا تأملون؟

** بالطبع آمل خيرًا بل عندي أملٌ كبير، فشعبنا يعي جيدًا قضاياه ويعرف أعداءه، وسيأتي اليوم الذي يأخذ فيه حقه كاملاً، صحيحٌ أنه شعبٌ متسامح، إلا أنه عندما يغضب يغير كل شيء في واقعه، وسيخرج بإرادته ماردًا يستعيد حقوقه الضائعة؛ لكن دون فوضى أو تخريب، والأيام ستُثبت كلامي هذا.



- الإخوان على رأس القوى السياسية المناهضة للفساد

- ما زالت هناك وسائل قانونية نباغت بها الحكومة

- نملك مستندات قوية دامغة ونثق في قضائنا العادل

- ندب القضاة أهم السلبيات التي أثرت في القضية

- التصدير البخس عملية إجهاض لنمو الاقتصاد القومي

- قوائم سوداء ليسجل التاريخ مَن ساند شعبه ومَن خذله؟!!

- وزارة البترول تتعمد تقزيم الهيئة العامة ومن ثَم إلغاءها

- الحكومة تتعامل مع الأحكام بـ"اللي مش عاجبه يخبط دماغه"



حوار- هند محسن:

ما زالت صفقة تصدير الغاز الطبيعي المصري للعدو الصهيوني تثير جدلاً كبيرًا وغضبًا شعبيًّا هائلاً، فبدءًا من قرار وزير البترول سنة 2004م، ومرورًا بطعون مجلس الدولة، وعدم تنفيذ حكمه الصادر بوقف تصدير الغاز، ومحاولة إقرار إلغاء الهيئة العامة للبترول، وانتهاءً بالصفقة التعديلية الأخيرة التي تمت في 29 يوليو الماضي بشأن زيادة كمية تصدير الغاز، مقابل 30% زيادة في سعره.


وتظل جولات المعركة مستمرة، ومختلفة الساحات بين الحكومة والشعب، فهناك الشق الموضوعي من قضية منع تصدير الغاز ستبدأ في نظره المحكمة في سبتمبر القادم، وأيضًا الطعن على حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء حكم القضاء الإداري، وهناك وقفات الضغط الشعبي، وحشد وسائل الإعلام، وتفعيل العلاقات الدولية والدعاية للقضية، فضلاً عن وجود المحكمة الشعبية، والعصيان المدني، وما زال أمل التغيير هو أقوى الوسائل للانتصار في المعركة.


(إخوان أون لاين) التقى السفير إبراهيم يسري المحامي والمستشار القانوني لحملة "لا لنكسة الغاز"، وأول المناضلين في ساحة معركة الغاز؛ حيث إنه أول مَن كشف عن عدم قانونية الصفقة بين شركة شرق البحر المتوسط وبين العدو الصهيوني، وهو أول مَن أقام دعوى قضائية يطعن فيها على قرار وزير البترول بإلغاء الصفقة ومنع تصدير الغاز، وهو الذي وُقعت بحقه غرامة تبلغ 16 ألف جنيه عندما رد المحكمة الإدارية العليا.

حاورناه ليكشف لنا عن أسرارٍ جديدة تتعلق بقضية تصدير الغاز المصري للكيان الصهيوني، وعن وجود وسائل أخرى لم تستخدم بعد في معركتهم، وعن ندب القضاة وتأثيره على القضية، وأين وصلت المحكمة الشعبية، وتغييرات مجلس الدولة وتأثيرها على القضية، وحول القوائم السوداء، وما إذا كان قرار التصدير أحاديًّا أم لا، وهل الأمر خاضع لأحكام القضاء أم "نبله ونشرب ميته؟!!":

بدأ السفير حديثه أن معركة الغاز مستمرة، وأنها لم ولن تُخمد يومًا، والتأييد الشعبي لها في أوجهه، وإن خسرنا عدة جولات ظاهريًّا فالنصر حليفنا في نهاية الأمر، والشعب سيأتي بهذا النصر.


مواجهة الصفقة

* بدايةً ما أهم الإجراءات التي اتخذتموها في الشق القانوني بقضية منع تصدير الغاز للكيان الصهيوني؟

** أقمنا دعوى قضائية أمام القضاء الإداري، طلبنا فيها إلغاء قرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004م، والقاضي بمنح رجل الأعمال حسين سالم أحد المساهمين بشركة غاز البحر المتوسط EMG، والمكلفة بعمليات تصدير الغاز للكيان الصهيوني 7 مليارات متر مكعب من الغاز بأبخس الأسعار، وحق الامتياز في الحصول على الغاز بعشر ثمنه عالميًّا لمدة من 15 إلى 20 عامًا بنفس الأسعار، دون زيادة طبيعية حسب أسعار السوق، كما طلبنا بإلغاء هذا القرار؛ لأنه يفوض موظفين لا علاقة لهم بتنفيذ الصفقة، والتي من المفترض قيام وزارة البترول بتنفيذها، وليس شركة لا تملك حق تصدير ثروة وطنية، وأثبتنا ظلم هذه الصفقة والخسارة اليومية المحققة بـ10 ملايين جنيه، وإهدار ثروات البلاد التي يحتاجها الشعب المصري، كما قمنا بتقديم طعن ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا، والصادر بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري بمنع تصدير الغاز، ولم يتحدد له جلسة بعد، كما طلبنا رد رئيس محكمة الإدارية العليا المستشار إبراهيم الصغير وعضو اليمين المستشار مصطفى حنفي.



تلاعب ومماطلة
السفير إبراهيم يسري يندد بتصدير الغاز للصهاينة (تصوير محمد أبو زيد)

ليست هناك تعليقات: