العربى
جمال محمد
مع استمرار الحكومة فى تجاهل أحكام القضاء المتوالية التى تقضى بحظر تصدير الغاز الطبيعى المصرى لإسرائيل لم يكن متوقعا من مجلس الشعب الذى يهيمن عليه الحزب الوطنى أن يوافق هو الآخر أو يسمح بتمرير مشروع قانون يحظر هذا التصدير، ورغم تذبذب الآراء حول الحكم المتوقع عندما تبدأ المحكمة الإدارية العليا فى النظر فى أحكام القضاء الإدارى التى صدرت يومى 81 نوفمبر و 6 يناير بعدم قانونية تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل فقد كان من المهم، بل من الواجب، أن يسارع مجلس الشعب ويوافق على مشروع قانون يمنع منعا باتا التصدير، ولكن لم يفعلها مجلس الشعب لأنه ببساطة يسير عكس إرادة الشعب. وما حدث يوم الاثنين 62 يناير الماضى كان كارثة بكل المقاييس، حيث صدر فيتو من رئاسة المجلس على مشروع القانون المقدم الذى يطالب بمنع تصدير أى من المواد والمنتجات الطبيعية كالبترول والغاز إلا بعد موافقة مجلس الشعب وبدعوى أن هذا القانون غير دستورى. النائب حسين إبراهيم نائب رئيس كتلة الإخوان المسلمين دخل فى مواجهة مع الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب حول العراقيل التى تضعها لجنة الاقتراحات والشكاوى فى نظر القانون وممارسة هواياتها فى تجميد مشروعات القوانين التى يجمدها نواب المعارضة والمستقلون. النائب حسين إبراهيم كان قد تقدم الدورة الماضية ومع انفجار فضائح تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل بسعر بخس واحتكار أحد رجال الأعمال المقربين من الرئيس مبارك تصدير الغاز والبترول للإسرائيليين. تقدم بمشروع قانون مكون من 4 مواد المادة الأولى تنص على أنه «يحظر على أى من السلطات الإدارية أو الهيئات أو المؤسسات العامة التصرف أو التعاقد أو الاتفاق على تصدير أى من المواد والمنتجات الطبيعية كالبترول والغاز والفحم والحديد إلا بعد موافقة مجلس الشعب والمادة الثانية تنص على أنه تلغى أى اتفاقية أو معاهدة أو عقد يخالف أحكام هذا القانون والمادة الثالثة على جميع الجهات المخاطبة بأحكام هذا القانون أن تعرض على مجلس الشعب أى عقد أو معاهدة أو اتفاق تم دون الحصول على موافقة مجلس الشعب خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ سريان هذا القانون»، والمادة الرابعة تنص على نشره فى الجريدة الرسمية، وقال النائب فى المذكرة الايضاحية إن النخب السياسية بكل أطيافها تتفق مع رجل الشارع على خطورة تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل فى الوقت الذى مازالت تحتل فيه أرض فلسطين وتهديداتها للأمن القومى المصرى بذلك تكون هيئة البترول والشركة القابضة للغازات قد أخطأتا بتعاقدهما مع شركة غاز شرق المتوسط وهى شركة خاصة مصرية إسرائيلية تحتكر تصدير هذا الغاز لإسرائيل. وأضاف النائب أن المحكمة العليا (الدستورية فيما بعد) قضت بجلسة أول أبريل 3791 فى الدعوى رقم 11 لسنة 1 قضائية عليا دستورية بضرورة إلغاء كل التعاقدات التى تضر بالأمن القومى المصرى.
كان النائب حسين إبراهيم قد تقدم بهذا المشروع بقانون فى الدورة البرلمانية الماضية وبالتحديد فى 01 يونيو 8002 ووافق عليه الدكتور سرور وقام بإحالته حسبما تنص اللائحة إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى وبالطبع كان هذا فى أواخر الدورة وانتهت وقد أصبح مشروع القانون فى ثلاجة المجلس. وعندما جاءت الدورة الجديدة جدد النائب حسين إبراهيم التمسك بمشروع قانون وفجأة حكمت محكمة القضاء الإدارى بعدم قانونية تصدير الغاز وعندما طالب النائب الإسراع بمناقشة مشروع قانون فاجأ الدكتور سرور الجميع بالقول إنه لا يجب الاعتداد بأحكام القضاء الإدارى وأن الاعتداد يكون بحكم نهائى من الإدارية العليا وقال سرور إنه لو قضت الإدارية العليا بقانونية تصدير الغاز لإسرائيل على عكس ما قضت القضاء الإدارى فإن مشروع القانون كأنه غير موجود. إلا أن النائب حسين إبراهيم تمسك بمشروع قانونه وقال إنه يريده أن يكون المنع بتشريع وليس بمجرد الارتباط بحكم قضائى، وهنا استجاب الدكتور سرور وطلب من لجنة الاقتراحات والشكاوى الإسراع بمناقشة مشروع القانون ولم يقل سرور إنه غير دستورى، وبالفعل اجتمعت اللجنة صباح الاثنين وفاجأت الجميع بالقول إنها لا يمكنها مناقشة مشروع القانون لأن هذا الموضوع معروض أمام القضاء مما اضطر النائب حسين إبراهيم للانسحاب وفى الجلسة قام بالاعتراض على تصرف اللجنة، وهنا كان الرأى المفاجئ للدكتور سرور بأن القانون غير دستورى، ويقول النائب حسين إبراهيم القانون موجود منذ سنة ومنذ أسبوعين طلب د. سرور من اللجنة الإسراع بمناقشته وكل هذا ولم يقل إنه غير دستورى. بل إن د. سرور انتقد اللجنة لمناقشته لأنه غير دستورى رغم أنه هو الذى طالبها من قبل بأن تسرع بمناقشته. فما الذى حدث؟!
النائب حسين إبراهيم حاول تذكير الدكتور سرور بحكم المحكمة العليا فى أول أبريل 3791 الذى قرر أن لمجلس الشعب الحق فى رقابة أعمال السلطة التنفيذية رقابة سياسية تستند فى أساسها إلى مبدأ مسئولية الوزراء أمام هذا المجلس فإذا ما أسفرت هذه الرقابة عن ضرورة إلغائها قرارات مجالس إدارات الشركات المشار إليها إما لمخالفتها للقانون أو لعدم ملاءمتها فلكل منها أن يلغيها مجلس الشعب بقانون وحق فى هذا الصدد مطلق بوصفه صاحب الاختصاص الأصيل فى التشريع بحيث يستطيع تنظيم أى موضوع بقانون غير مقيد فى ذلك إلا بأحكام الدستور. ورغم هذا الكلام الصريح الذى جاء فى أحد الكتب التى ألفها الدكتور سرور فإنه صاح فى النائب قائلا: «أنت مش فاهم الحكم!! وخلطت بين حقوق الرقابة والتشريع التى كفلها الدستور للبرلمان.. أنتم تحاولون المزايدة وسوف تسرعون للترويج فى وسائل الإعلام بأن مجلس الشعب يرفض مشروع قانون يحظر تصدير الغاز لإسرائيل رغم أن مشروع القانون يخلو تماما من أى ذكر لإسرائيل»، وعاد سرور ووجه انتقادات حادة للجنة وقال إنه كان من الأجدر لها أن ترفض مشروع القانون رغم أنه كان قد طالبها منذ أسبوعين بالإسراع فى مناقشة هذا القانون. وهنا صاح النائب حسين إبراهيم معبرا عن رأيه بأن الحكومة واللجنة بتجاهلها لهذا القانون مصرة على الاستمرار فى التصدير للكيان الصهيونى.
وقال حسين إبراهيم لـ «العربي» إنه لن يسكت على ما فعله الدكتور سرور وقال سوف أتقدم بمذكرة أقول فيها إذا كانت اللجنة مصرة على رفض القانون فلنقم بذلك حسبما تنص المادة 261 من اللائحة التى حددت بأنه إذا وجدت اللجنة أن أحد مشاريع القوانين المقدمة من النواب مخالف للدستور يتم إخطار مقدم الاقتراح كتابة وأن يقدم تقريرا بذلك يعرض على المجلس. أما أن تسكت اللجنة وتتحجج بأن القانون يحتاج لمزيد من الدراسة كأسلوب لركنه فى الثلاجة فهو الأمر الذى سأواصل الاعتراض عليه. وتتواصل الحملة ضد تصدير الغاز لإسرائيل فى المحاكم والبرلمان إلى أن يتوقف تماما هذا التصدير.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق