الأحد، ١١ يناير ٢٠٠٩

من أين لك هذا؟

البديل

سلوي بكر

تحية لمحكمة القضاء الإداري التي رفضت الاستشكالات التي تقدم بها ثلاثون محامياً (حكومياً بالطبع ضد حكمها السابق بوقف تصدير الغاز المصري للعدو الإسرائيلي).
وتحية للسفير إبراهيم يسري محرك الدعوي، والذي كللت جهوده بهذا الحكم والذي ربما يكون باباً لدعاوي كثيرة يجب أن تفتح لمواجهة العبث بموارد مصر وتكيفها لتتماشي مع المصالح السياسية لقلة مستفيدة تهيمن علي مقدرات ومصائر المصريين.
تحريك دعاوي ضد الذين يعبثون بأرض مصر ومائها وبترولها وغازها بات ضرورة ووسيلة لابد منها لمواجهة أصحاب المصالح الخاصة الذين لا يبالون ولا يعبأون بأي مصالح تهم عموم الشعب المصري، وأصحاب المصالح هؤلاء هم الذين باعوا أراضي توشكي ومرسي علم والقاهرة الجديدة والمقطم بمساحات خرافية وبأسعار تراب الفلوس كما يعلم الجميع، بينما يتشرد آلاف الناس كل يوم ويزداد عدد الذين بلا مأوي أو منازل حتي تتمتع قلة غاصبة عبر سلطتها وهيمنتها علي القرار المجتمعي، بقصور تضخ إليها مياه الشرب المحروم منها الآلاف في القري، لتملأ حمامات السباحة، لا يغطس فيها إلا بضعة أفراد.
رفع الدعاوي القضائية في جميع التفاصيل المتعلقة بحياتنا الآن بات ضرورة، ووسيلة جدية يجب أن يلتف حولها كل أولئك الرافضين، لذلك العبث الكارثي بحياة المصريين عبر الجهاز الحكومي والمهيمنين عليه.
وربما علي الراصدين لذلك الفساد الحكومي العارم أن يطالبوا الآن بعودة قانون من أين لك هذا، وهو قانون طالما سخر منه البعض في زمن من الأزمنة وأشاعوا حوله النكات، لكنه الآن هو قانون مُلح، يمكن من خلاله مواجهة أولئك الذين كونوا ثروات هائلة بالسرقة والنهب واستخدام السلطة والنفوذ دون أن يحاسبهم أحد، خصوصاً مسئولي شركات القطاع العام والقطاع الحكومي الذين شفطوا كل ثروات هذا القطاع وأتوا علي الأخضر واليابس فيه ثم رموه عظاماً بعد أن قبضوا وسمسروا علي بيعه.
المحامون الشرفاء وأهل الاختصاص والخبرة الرافضون لما يحدث في مصر منذ زمن وحتي الآن عليهم المواجهة من خلال القنوات القانونية والتي تتجاوز عمليات الفضح الإعلامية المستمرة إلي ما هو أكثر عملية وتأثيراً.
ومصر تستطيع أن تستعيد روحها العظيمة ومكانتها الدولية، طالما تمكنت من الفساد وأجهزت عليه، وطالما سعت جدياً إلي تحقيق العدالة الاجتماعية وتكريس مفهوم هذه المواطنة من خلال هذه العدالة، والتي أدي غيابها إلي تفتيت وحدة المجتمع وتراجع الشعور بالوطن والانتماء إليه، بالإضافة إلي ما فعله الإخوان المسلمين علي مدي عقود ونجحوا فيه بدرجة وهو استبدال الوطن بالدين.
أجل «العدالة الاجتماعية» والتي تبدو للبعض تعبيراً قديماً خارجاً من زمان سالف، لكنها في الحقيقة ربما تكون مفتاحاً سحرياً للعديد من مشاكلنا، بل ربما تكون بداية طريق طويل لتحرير غزة .

ليست هناك تعليقات: