الثلاثاء، ٢٠ يناير ٢٠٠٩

نص حيثيات حكم القضاء بوقف تصدير الغاز إلى الصهاينة

اخوان اون لاين


كتب- أحمد المصري:

حصل (إخوان أون لاين) على النص الكامل لحيثيات حكم القضاء الإداري الصادر برئاسة المستشار الدكتور محمد أحمد عطية نائب رئيس مجلس الدولة بوقف تصدير الغاز إلى الكيان الصهيوني.

قالت المحكمة في أسباب حكمها إن الحاضر عن الحكومة دفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى باعتبار أنها تتعلَّق بعملٍ من أعمال السياسة، في حين أن المادة 11 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972م تنصُّ على ألا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلِّقة بأعمال السيادة والتي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة.

فهي تارةً تكون أعمالاً منظمةً لعلاقة الحكومة بمجلسي الشعب والشورى، أو منظمةً للعلاقات السياسية بالدول الأجنبية، وهي تارةً تكون تدابير تُتَّخذ للدفاع عن الأمن العام من اضطرابٍ داخلي أو لتأمين سلامة الدول من عدو خارجي.

وأعمال السيادة بهذا المفهوم- والتي تتصل اتصالاً وثيقًا بنظام الدولة وسيادتها في الداخل والخارج- لا تمتد إليها رقابة القضاء، أما غير ذلك من القرارات الإدارية أو الأعمال التي تمارسها الحكومة بوصفها سلطة إدارية فإنها تخضع لرقابة القضاء الإداري طبقًا لأحكام الدستور والقانون باعتباره صاحب الولاية العامة والقاضي الطبيعي المختص بنظر الطعون في القرارات الإدارية النهائية سلبيةً كانت أو إيجابيةً.

وقالت المحكمة إنه غنيٌّ عن البيان أن القضاء سلطة تقرير الوصف القانوني للعمل المطروح عليه، وما إذا كان يعدُّ عملاً إداريًّا عاديًّا يختص بنظره أو عملاً من أعمال السيادة يُمنع النظر فيه.

ولفتت المحكمة إلى أن المنازعة الماثلة تدور حول سلطة الإدارة في تنظيم وإدارة واستغلال موارد الدولة وإحدى ثرواتها الطبيعية والتصرف فيها، وقد اختصها المدَّعي لسلطة إدارية تقوم على هذا المرفق (وزارة البترول)، وينبغي عليها أن تلتزم في ذلك بحدود الدستور والقانون وضوابطها، وهذا من جانب وزارة البترول، ويعدو من صميم وظائفها الإدارية، ومن الأعمال التنفيذية التي تمارسها الحكومة بوصفها سلطة إدارية، ومن ثَمَّ لا يُعَد تصرفها في هذه الحالة ولا القرار الصادر بشأنه من أعمال السيادة بالمعنى القانوني والدستوري، وإنما يُعتبر من قبيل أعمال الإدارة التي يقوم على ولاية الفصل فيها القاضي الإداري دون سواه طبقًا لنص المادة 172 من الدستور.

وأكدت المحكمة بسط رقابتها على قرار تصدير الغاز الطبيعي إلى الكيان الصهيوني، وأن الدفع بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى في غير محله متعينٌ رفضه.

وأضافت المحكمة أن المنازعة الحاليَّة استجمعت صفات المنازعة الإدارية لتعلُّقها بقرارٍ أفصحت من خلاله وزارة البترول عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح بغرض إحداث أثرٍ قانوني معين، ومَن ثَمَّ يصبح الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري غير قائم على سندٍ من الواقع والقانون، متعين رفضه والالتفات عنه.

وعن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، فإنه لم يُقدِّم للأوراق ما يُفيد علم المدعي علمًا يقينيًّا شاملاً بالقرار الطعين في تاريخٍ سابقٍ على قيامه برفع الدعوى.

وعن دفع الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة المصلحة لرافعها فإن قضاء محكمة القضاء الإداري استقرَّ على أن شرطَي الصفة والمصلحة يندمجان وتتحقَّق المصلحة في دعوى الإلغاء في كل حالةٍ يقول رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه، من شأنها أن تجعل القرار يؤثر في مصلحة جدية.

وأن الثابت من أوراق الدعوى أنه بموجب الطعن يتم بيع الغاز الطبيعي المصري بثمنٍ لا يتناسب تمامًا مع السعر العالمي السائد على نحو ما ذكره المدِّعي ولم تجحده جهة الإدارة أو تُعقِّب عليه، ومن شأن ذلك إهدار جزء من ثروات مصر التي لو أُحسن التصرف فيها لعادت على المدعي (السفير إبراهيم يسري) وغيره من المتدخلين انضمامنا وغيره من المصريين بارتفاع دخولهم ومستوى معيشتهم وتحسن الخدمات التي تؤديها الدولة، وخاصةً ما يتعلَّق منها بتأمين المجتمع والعمل على تطويره الأمر الذي يكون للمدعي والمتدخلين انضماميًّا مصلحة جدية تبرر لهم اللجوء إلى القضاء ومنازعة مسلك جهة الإدارة؛ بغية القضاء لهم بالطلبات التي أيَّدوها؛ انتصارًا لمبدأ المشروعية وسيادة القانون، ومن ثم تقضي المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً والدفع بعد قبولها للانتفاء الصفة المصلحة.

ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية والإجرائية لأن تكون مقبولة شكلاً، ومن حيث موضوعها فإنه يلزم للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري طبقًا لنص المادة 49 لقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972م توافر ركنين مجتمعين:

أولهما: أن يستند الطلب لأسباب جدية.

وثانيهما: أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.

وإن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد تواتر على أن الأصل في نصوص الدستور إنما يمثِّل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة، وهي باعتبارها كذلك تتبوأ مكان الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعيَّن اقترانها والعمل بموجبها باعتبارها أسمى القواعد الآمرة وأحقها بالنزول عندها .

ليست هناك تعليقات: