الأحد، ١١ يناير ٢٠٠٩

يا أهلاً بالمعارك

العربى

جمال عصام الدين

احتكارات الغاز

لا أعرف كيف يرى النظام الحاكم نفسه بعد أن أيدت محكمة القضاء الإدارى الحكم الذى أصدرته يوم 18 نوفمبر الماضى بمنع تصدير الغاز الطبيعى المصرى لـ «إسرائيل». رفضت المحكمة 30 استشكالاً تقدم بها عدد من المحامين المحسوبين على النظام ضد حكمها السابق، وقضت المحكمة برئاسة القاضى محمد عطية بإلزام الحكومة بتنفيذ الحكم كما هو ومنع تصدير الغاز الطبيعى المصرى لـ «إسرائيل» فورًا بموجب مسودة الحكم دون الحاجة للإعلان، لقد ظهر من مداولات المحكمة مدى تهافت رد الفعل الحكومى على حكم المحكمة ومحاولة تبريره بأن اتفاق تصدير الغاز هو عمل من أعمال السيادة ولم يكن يستدعى عرضه على مجلس الشعب. كيف يمكن للحكومة وللنظام مع ما يتمتع به من أغلبية كاسحة، ومع ذلك يمتنع عن عرض اتفاق خطير مثل بيع الغاز الطبيعى المصرى لـ «إسرائيل» على مجلس الشعب، وبدلاً من أن يستغل النظام هذا الحكم ويستخدمه كمبرر قوى لوقف تصدير الغاز لـ «إسرائيل» ويعيد بعضا من سمعته المفقودة لدى الرأى العام المصرى والعربى.. إذا بهذا النظام وبأسلوب مهترئ يحاول الطعن فى الحكم ويصمم على الاستمرار فى طريق تصدير الغاز لـ «إسرائيل». لقد برر النظام بأن من يقوم بتصدير الغاز هو شركة خاصة وأن التصدير يتم من شركة خاصة إلى شركة خاصة، وأن مجلس الشعب اكتفى بإعطاء ترخيص للهيئة العامة للبترول صاحبة الامتياز الوحيد فى التصرف فى الغاز والبترول المصرى، طبعًا هناك كلام كثير يقال عن الأسلوب الذى أعطت به الهيئة العامة للبترول حق شراء الغاز المصرى للشركة الخاصة وعن طبيعة هذه الشركة، بحيث أصبحت هذه الشركة هى المحتكرة لبيع الغاز الطبيعى المصرى، الكلام يكثر عن رئيس هذه الشركة وهو رجل أعمال مقرب جدًا من رأس السلطة وكيف أن قربه هذا مكنه من الحصول على حق شراء الغاز من هيئة البترول، وأن يكون هو الوحيد الذى حصل على هذا الحق، وكيف أن هناك رئيس وزراء سابقا ساعد فى تسهيل هذا الاتفاق، وكيف قام رجل الأعمال هذا بالاشتراك مع شركة إسرائيلية بربح الملايين من هذه الصفقة ثم قام ببيع أسهمه بعد ذلك بما لا يقل عن 7.1 مليار دولار، وكما يقول الأستاذ هيكل سوف تفوح روائح عفانة كثيرة من صفقة الغاز المصرى المصدر لـ «إسرائيل» والزمن كفيل بالكشف عنها، وعن الكثير من صفقات الاحتكار الأخرى التى أزكمت أنوف المصريين وجعلتهم يتحسرون على ضياع ثروات بلادهم فى ظل نظام مهترئ وفاسد.

ليست هناك تعليقات: