الأربعاء، ١٤ يناير ٢٠٠٩

بعد الحكم بوقف تصدير الغاز لإسرائيل

هيئة شعبية تجمع توكيلات لإجبار الحكومة علي تنفيذ الحكم

الاهالى

كتب عمرو كمال حمودة:

هكذا أصدر القضاء الإداري بمجلس الدولة يوم 6 يناير الجاري قراره برفض الإستشكالات التي قدمتها الحكومة ووزارة البترول لإيقاف قرار منع تصدير الغاز المصري لإسرائيل، ورغم هذا..لم تتحرك الحكومة لتنفيذ القرار،لم يصدر بيان سواء من مجلس الوزراء أو من المتحدث الرسمي للحكومة أو من وزارة البترول لإعلان احترام حكومة الحزب الوطني لحكم القضاء.كان يجب علي رئيس الوزراء أن يعقد فور صدور الحكم مؤتمرا صحفيا بمشاركة وزير البترول ليعلنا فيه الإجراءات التنفيذية لتنفيذ الحكم الذي جاء ليعيد الأمور الي نصابها في قضية تخص المصريين جميعا وهي قضية منع إهدار الثروة البترولية القومية نتيجة عقد مجحف جائر لم يحدث أن رأينا مثله علي مدي التاريخ المصري الحديث.
والمؤسف أن الحكومة ووزارة البترول وبالتضامن مع أكثر من عشرين محاميا من العاملين في الشركات التابعة لوزارة البترول وبعضهم عضو في الحزب الوطني ..دافعوا عن قرار وزارة البترول لبيع الغاز لإسرائيل بصفته اتفاقا تجاريا لا يجوز التدخل بالطعن عليه. ومن ثم لا يجب عرضه علي مجلس الشعب.. وقد أثبت السفير إبراهيم يسري أن الاتفاق تم حجبه عن عمد عن مجلس الشعب،وذلك بتوقيع "مذكرة تفاهم" بين وزير البنية التحتية الإسرائيلي بنيامين إلعازر ووزير البترول المصري سامح فهمي، تحاشيا لعرض الاتفاق علي البرلمان .وقد اعتمد السفير ابراهيم يسري علي معاهدة فيينا التي أقرت معاملة مذكرات التفاهم بنفس قدر وقوة وفعالية المعاهدات ،طالما أنها تتم بين دول وليس أفراد.
كان جديرا بحكومة الحزب الوطني أن تعتذر للشعب عن هذه "الجريمة" وكان جديرا بوزير البترول أن يتقدم باستقالته احتراما لحكم القضاء بعد تأكيده، واحتراما كذلك لكرامة منصبه، الذي يعتبر توكيلا عن الشعب في إدارة ثروة قومية وليس "عزبة" تتم إدارتها وفقا للأهواء وبعيدا عن رقابة الشعب والمجتمع.
أليس الموقف القضائي "فرصة ذهبية" للتخلص من هذه الاتفاقية المجحفة لتصدير الغاز الي الكيان الصهيوني؟ خاصة أننا في أمس الحاجة الي توفير الكميات التي تصدر الي إسرائيل لاستخدامها في الداخل وفي دعم خطط التنمية وتوفير الطاقة لمحطات الكهرباء وتوصيل الغاز الي 6 ملايين وحدة سكنية خلال السنوات القادمة، وفي إمداد خطوط الغاز الي محافظات الصعيد والتي تأخرت كثيرا؟.. ومن ناحية أخري فإن تأييد حكم محكمة القضاء الإداري لإيقاف قرار وزير البترول بتصدير الغاز، لإسرائيل ، له معني كبير ، حول طريقة الإدارة والتصرف في الثروة القومية من الغاز الطبيعي .فالمسألة لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل.. لابد من تغيير منهجية صناعة القرار البترولي لأن وزير البترول وفريقه المساعد لم تعد لهم المصداقية للتصرف في هذا الأمر خصوصا أن جميع التعاقدات الأخري سواء مع أسبانيا أو الأردن أو شركات دولية، قد تم تعديلها بمكاسب شحيحة إذا ما قورنت بالأسعار الموجودة في سوق تجارة الغاز حاليا.
أصبح الأمر ضروريا لقيام هيئة علي شكل لجنة قومية عليا يرأسها رئيس محكمة النقض أو أحد نوابه لوضع الإطار المرجعي للعقود وطريقة التسعير و أصول التفاوض بين قطاع البترول والعالم الخارجي ولتضع أيضا آلية المراقبة للتأكد من تنفيذ ذلك.
وهذه اللجنة يتفرع عنها لجان فنية تضم خبراء من هيئة البترول وخبراء مستقلين وعضوية المجالس القومية المتخصصة والجهاز المركز للمحاسبات والرقابة الإدارية ، وتمثل فيها الكتل البرلمانية بعددها وليس بحجمها، وكذلك نشطاء حقوقيون من المجتمع المدني.
وأتصور أنه في ظل التخاذل والصمت الذي أشرنا إليهما فلن يحدث موقف حكومي يوقف نزيف تنفيذ هذا العقد الجائر والمجحف لتصدير الغاز المصري للكيان الصهيوني.. ومن ثم أطالب بتشكيل "هيئة شعبية" من السفير إبراهيم يسري ومنظمات المجتمع المدني خاصة الحقوقية مثل جمعية أنصار حقوق الإنسان بالإسكندرية، ومن الخبراء المستقلين والمواطنين الراغبين الي الانضمام لهذه الهيئة وفقا لتوكيلات .بالإضافة الي الأحزاب السياسية التي أصدرت بيانات وفقا لمواقفها في رفض تصدير الغاز لإسرائيل كذلك النواب في مجلس الشعب ومجلس الشوري ، والنقابات التي لها نفس الموقف .. الإعلاميون الداعمون لعدم استمرار هذه الاتفاقية المشينة ايضا.. لم أكن أتمني هذا الموقف المتخاذل الصامت من حكومة الحزب الوطني علي عدم المسارعة بتنفيذ الحكم الذي أعاد به القضاء " الكرامة" لعموم المصريين حفاظا علي ثروتنا القومية وصونا لها من الإهدار والضياع .

ليست هناك تعليقات: