الأحد، ١٨ يناير ٢٠٠٩

عكس الريح

العربى

ماجدة خضر

فى الوقت الذى تنتظر فيه الحكومة المصرية نتيجة الاستشكال الذى دفعت إليه نحو ثلاثين محاميا لإيقاف الحكم الذى صدر بمنع تصدير الغاز إلى إسرائيل، وبينما هى حريصة على استمرار تدفق الغاز المصرى إلى تل أبيب وأشدود لتعمل مصانع السلاح الإسرائيلية بكفاءة وقوة لتحصد أرواح أطفال ونساء غزة، فى واحدة من حروبها القذرة فى هذا الظرف المخجل لكل عربى، نجد أن حربا أخرى تدور فى محافظات مصر للحصول على أنبوبة بوتاجاز، فالحرب التى تصلنا أخبارها سقط فيها شهيدان، واستخدمت فيها أسلحة بيضاء من سنج ومطاوى وكراسى وعصى فى طوابير لا آخر لها أمام مستودعات أنابيب الغاز، والحقيقة أن الحكومة لم تقصر، فمثلما تدعم الغاز المتدفق لإسرائيل فإنها تدعم اسطوانة البوتاجاز للمصريين، لكن هناك فارقا فهى لا تعاير إسرائيل بسخائها معها فى توفير 20% من الطاقة الكهربائية التى تنير أراضيها المقدسة بمدها بالغاز مثلما تعاير المصريين بأنها تدعم البوتاجاز المنتج من الغاز ومعامل التكرير بـ3.5 مليار جنيه بل بالعكس الحكومة تحارب لكى تحافظ على استمرار كرمها مع العدو البغيض رافضة فرصة تاريخية لتصحيح سياسة خاطئة، وللأسف نجد أن وزير البترول يعلق أزمة البوتاجاز فى رقبة الدعم، رغم أنه من المفترض أن تنخفض قيمة الفاتورة التى تسددها مصر لشراء بعض منتجات البترول مثل الغاز والسولار على أثر هبوط أسعار البترول، بما يعنى انخفاض قيمة الدعم المخصص فى الموازنة إذن أين المشكلة؟ ما نراه أن كل الجهات المسئولة عن أنبوبة البوتاجاز تتنصل من مسئولياتها، فوزارة البترول تقول إن هناك طاقة فائضة لا تستغل فى المستودعات، وأن المحطات تعمل بورديات كاملة، ووزارة التجارة والصناعة تؤكد على أن الرقابة تقوم بدورها، وأن المشكلة فى الباعة السريحة، وكأن هؤلاء يمارسون نشاطهم وألاعيبهم فى بلد آخر، لماذا إذن اشتعلت المشاجرات والصدامات وازدحمت الشوارع بطوابير الأنابيب وشهدت حوادث بلطجة ونشطت السوق السوداء وسماسرة الأزمات لتباع الأنبوبة بأكثر من عشرين جنيها؟ وهل من المنطقى أن تتجمع أسباب كما يدعى المسئولين فجأة كحدوث أعطال فى المصانع ومشاكل فى نقل الأنابيب وزيادة فى الطلب مرة واحدة ليحدث ما يحدث، بالتأكيد الأزمة لا تحدث إلا إذا كان هناك نقص فى الإنتاج الشهرى للبوتاجاز الذى لا يكفى المستودعات، وأن تقصيرا حدث فى حصة كل منفذ بيع، فالسريحة والسماسرة وكل الممارسات السلبية لا تظهر دون استدعاء.

ليست هناك تعليقات: