الثلاثاء، ٢٧ مايو ٢٠٠٨

اتفاقية الغاز ومشروع قانون الطفل لصالح العدو

اخوان اون لاين

بقلم: د. محمد عبد الفتاح دهيم

تجري في مصر هذه الأيام أمور عجيبة؛ تكاد تكون ضربًا من الخيال الشيطاني.. أمور خُلِعَ فيها ثوب الحياء وثوب العزة والكرامة وثوب العقل والعاطفة معًا.. أمور يشيب لها الولدان؛ تجعلنا نتساءل جميعًا: هل نحن في مصر بلد الأزهر؛ قلب الأمة العربية والإسلامية؟! ولماذا الاستغراب ما دام النظام مستبدًّا فاسدًا ظالمًا؛ من أهم سماته أنه يتعامل مع الشعب كأنه لا شيء؛ حيث سلب من أفراده كافة حقوقهم والويل كل الويل لكل من يحاول التنفُّس ويصدق أن له حقوقًا؟!

اتفاقية تصدير الغاز المصري للعدو الصهيوني
حسب ما أُعلن حتى الآن فإن اتفاقية الغاز بين مصر (قلب الأمة العربية والإسلامية) وبين الكيان الصهيوني الإجرامي الدموي الغاصب (العدو السرطاني للأمة العربية والإسلامية) تشمل الآتي:
- أن الاتفاقية لمدة 20 سنة.

- أن الثمن المتفق عليه بين الطرفين رمزي، ويبلغ أقل من 1/ 10 (عُشر) السعر العالمي الحر.

- أن أول شهرين للضخ كان هدية مجانية للعدو.

- أن الإعلان الرسمي من طرف مصر ببدء تصدير الغاز توافَق مع بداية احتفالات الكيان الصهيوني بمرور عدد 60 عامًا على إنشائه على أنقاض دولة فلسطين المباركة، (وكأنه مشاركة في الاحتفال).

والغاز الطبيعي يمثِّل سلعةً إستراتيجية للعدو؛ تدعم عدوانه الدموي المستمر ليلَ نهارَ على الشعب الفلسطيني المجاهد؛ الذي جرّد من كل أسباب القوة إلا قوة الإيمان بالله والصلة المستمرة بالواحد القهار.

وفي نفس الوقت يتم حصار الشعب الفلسطيني، وخصوصًا في غزة، ويمنع عنهم الغاز وأنواع الوقود الأخرى وكافة متطلبات الحياة بتواطؤ مع الأنظمة العربية الفاسدة الظالمة المستبدة، إنه خزيٌ وعارٌ يلحق هذه الأنظمة، بل وشعوبها التي لم تتحرك لوقف هذا اللا معقول.
لقد قيل الكثير حول هذا الاتفاق المخزي ونحن نهتم بالخطوات الإجرائية المطلوبة لإزالة هذا الخزي وهذا العار، وهي كالآتي:

- وقف تنفيذ اتفاق الغاز وإلغاؤه.
- سحب السفير المصري من الكيان الصهيوني.
- وقف العمل بالاتفاقية المسماة "اتفاقية كامب ديفيد" وإلغاؤها.
- تقديم كل من شارك في اتفاقية الغاز إلى المحاكمة بتهمة دعم العدو.
- إلغاء كافة الاتفاقيات مع العدو الصهيوني، وعلى رأسها الاتفاقيات التجارية والاقتصادية.

ويعاصر هذا تقديم كافة أنواع الدعم للشعب الفلسطيني وتمكينه من استرداد وطنه المحتل والقدس المغتصب والأقصى الأسير، والذي هو واجب مقدَّس على كل مسلم، وعلى وجه التحديد:
- الفك الفوري للحصار الظالم المخزي لغزة والشعب الفلسطيني.

- تقديم كافة المتطلبات المعيشية للحياة الكريمة لهذا الشعب المجاهد.

- تشغيل كافة مراكز الإنتاج والخدمات والمرافق بمقومات بعيدة عن سيطرة عصابة الكيان الصهيوني، وخصوصًا التعليم من رياض الأطفال، حتى الجامعة والصحة، والدواء والغذاء، والإيواء والطاقة بكافة أنواعها، وغير ذلك من خلال الحكومة المنتخبة من الشعب انتخابًا حرًّا.

- كبح جماح العدو الصهيوني، واستخدام الإمكانات العربية والإسلامية لتحجيم السيطرة الصهيونية والصليبية على الساحة العالمية.

- الدعم الكامل للمقاومة عن طريق استرداد الحق الفلسطيني والمقدسات الإسلامية.
ما ذكر أعلاه ليس خيالاً وليس مستحيلاً، ولكنه تصحيحٌ للمسار ومراجعةٌ للنفس على طريق العودة إلى سلامة وضع الأمة العربية والإسلامية، والتي مزَّقتها الخلافات وأنهكتها التبعية النكدة لقوى الشر العالمية.

هناك أمر غاية في الغرابة تناقلته وسائل الإعلام، وهو أن رئيس جمهورية مصر؛ قَلْبِ الأمة العربية والإسلامية، أرسل برقية تهنئة إلى الكيان الصهيوني بمناسبة مرور ستين عامًا على إنشائه، هذا أمرٌ لا يصدَّق.. مصر تهنئ عصابات الكيان الصهيوني باغتصاب فلسطين والقدس والمسجد الأقصى؟! مصر تهنئ الكيان الصهيوني الدموي على المجازر والمذابح التي قاموا بها ضد الشعب الفلسطيني وضد (67000) أسير مصري في حرب الخزي والعار 1967م؟!.. بالتأكيد هناك خطأ، وإن كان قد حدث فهذه مصيبة كبرى تحتاج إلى تفسير؛ لأن معناها خطير جدًّا، وهو فعل مرفوض مرفوض مرفوض.

ماذا نقول عندما نُسأل يوم الحساب؟! ماذا نقول لضمائرنا وأولادنا وأحفادنا؟! ماذا نقول لشعب فلسطين المجاهد؟! ماذا نقول للمسجد الأقصى الأسير؟! ماذا نقول لبيت المقدس السليب؟! ماذا نقول لأرض فلسطين المباركة التي دنَّسها حفَدة القردة والخنازير؟! ماذا نقول لشهداء الأمة في المعارك والحروب من قبل ومن بعد 1948م؟!.. حسبنا الله ونعم الوكيل.

مشروع قانون الطفل الجديد
بات واضحًا أن هذا القانون يصبُّ في مصلحة أعداء الأمة العربية والإسلامية، وعلى وجه التحديد الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ لما يخلفه من تقويضٍ لأركان الأسرة الإسلامية وقيمها وتفكيك الترابط المجتمعي ونشر الرذيلة والتشجيع على الشذوذ وسوء الخلق.

هذا المشروع به مخالفاتٌ شرعيةٌ واضحةٌ واعتداءٌ على الثوابت الإسلامية، ومحاربةٌ لدين الله؛ بما يفتح الباب لتقنين العلمانية وفصل الدين عن الدولة، ومن هذه المخالفات:
- المادة الثالثة فقرة (أ): امتداد سن الطفولة إلى ثمانية عشر عامًا، والقاعدة الشرعية تقول إن البلوغ هو سن التكليف.

- المادة 112: تخفيف العقوبة التي يرتكبها هذا الطفل حتى لو كانت جريمة تستحق الإعدام، وفي هذا تشجيع واضح على الجريمة.

- منع توثيق الزواج حتى سن 18 وفي هذا تقييد وتحريم لما أحل الله.

- المساواة الفعلية بين الأطفال وعدم التمييز بسبب الجنس أو الدين، والمساواة في التوارث بين الذكر والأنثى وبين المسلم وغيره.

- تشجيع الأطفال على شكوى آبائهم وأمهاتهم إذا أرادوا تقويم أي اعوجاج في سلوكهم (المادة 97 بند 4)؛ مما يؤدي إلى التمزق الأسري وجرأة الأبناء على والديهم.

- المادة 15 الفقرة الأخيرة: نسب الطفل للأم؛ مما يشجِّع على الفاحشة والعلاقات المحرمة.

- التثقيف الجنسي وإباحة الإجهاض للمراهقات؛ مما يفجِّر وينسف الحصن الأخلاقي للأسرة.
- مساواة النوع وإلغاء الفوارق بين الجنسين (تشجيع الشذوذ).

وغير ذلك مما أظهرته المناقشات والندوات والكتابات حول هذا القانون المشبوه المخالف تمامًا للدستور المصري؛ حيث ينص على أن الشريعة الإسلامية مصدر التشريعات وليست الاتفاقيات والمواثيق الدولية؛ وذلك لأن كل مجتمع وكل أمة لها هوية وثقافة وقيم، ولا تجبر على تنفيذ مواثيق مشبوهة وهدَّامة؛ مثل وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان 1994م ومؤتمر بكين 1998م، واتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة 1989م ووثيقة "عالم جدير بالأطفال" الصادرة 2006م، وغير ذلك من الوثائق المشبوهة التي تصطدم بهويتنا وثوابت ديننا.

نحذِّر بصوتٍ عالٍ بأن تمرير هذا القانون هو اعتداءٌ على ثوابت الإسلام، وتقنينٌ للعلمانية البغيضة، وموالاةٌ لأعداء الأمة العربية والإسلامية، وتأكيدٌ للتبعية النكدة للصهيونية والصليبية العالمية.

وإذا تم تمرير مشروع القانون هذا فسيكون تمرير غيره أسهل، وكما ذكرت وسائل الإعلام أن هناك مشاريعَ قوانين جاهزة فيما يخص بتجريم الزواج بأكثر من واحدة، وفيما يخص مساواة الذكر والأنثى في الميراث وغير ذلك مما يقوِّض ثوابت الدين.

وأدعو كلَّ من له إسهام في هذه المخالفات الشرعية وهذه الحرب على دين الله أن يتقيَ الله ربَّه ويراجع نفسه ويخشى يوم الحساب؛ يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا مصالح دنيوية زائلة فاسدة، وحسبنا الله ونعم الوكيل

ليست هناك تعليقات: